القارئ عبدالرحمان رفيق يكتب برتقال أبركان‎

الأحد، 29 سبتمبر 2019 08:08 ص
القارئ عبدالرحمان رفيق يكتب برتقال أبركان‎ محصول برتقال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الحياة تحتاج إلى تعب وعناء حتى يتمكن الإنسان من توفير لقمة العيش لأفراد أسرته و لتلبيه متطلبات المنزل.. هنا سيأتى التساءل من هى مدينة أبركان ؟ وكيف يتعبون أولادها من أجل جنى البرتقال؟

مدينتى هى إحدى المُدن المغربية الواقعة شمال شرق المغرب، وهى عاصمة إقليم بركان، فيما يفصلها عن الحدود المغربية الجزائرية، هنا فى مدينتى أبركان لا فوضى ، لا زحام، لا سيارات كثيرة تثقل المسامع، لا نملك متاجر كبرى ولا حتى تلك الرفاهية الكبيرة.. هنا نزرع القيم والأخلاق اذا ما قورنت مدينتى بالمدن الأخرى سوف ترى أنها مازالت تحافط على الاحترام ، هنا تكبر البساطة كنبتة فى كف عجوز.

وهنا نربى الأمل.. حيث رضعتُ فيها البساطة من تحت شجرة البرتقال، وآمنتُ بها مسلكا إنسانيا عظيما، هذه المدينة رغم جمالها إلا أنه يوجد فى قلبها المتعبون والمنهكون من بينهم أولادها وهم رجال ونساء وشباب سيخرجون فى الليل كالنمل فى مواجهة الحياة، لا ذنب لها سوى أنهم خلقوا فى مكان كهذا تحوطهم رائحة العذاب تحلق فوق سمائهم، هنا فى مدينة أبركان تسمع ضجيج الناس يخرجون من بيوتهم الفقيرة يحملون الكآبة والحزن فى وجوهم وعلى أكتاف كل منهم حقيبة فيها ملابس العمل التى ربما لا تعرق هذا اليوم، اعتمادهم فقط على الله ثم على صحتهم، يبحثون عن رزق مجهول وحلال، ربما لا يكتب لهم بعد.. وعندما يذهبون إلى جنى البرتقال تلتهب ظهورهم بنار الشمس، ليس لهم غير أن يجاهد العمل بأمعاء فارغة وصدى عويل أطفالهم لا يفارق مسامعه، يعلمون أن أولادهم كالشمعة ينتظرون كل مساء بعينين بريئتين يريدون حلوى وفى المساءِ يتقاسمون الحكايات محاولون قتل الوقت.. وكأنهم يستوقفون غدر الحياة للحظات، يلتقطون فيها الأنفاس، ويتناسون ملوحة عرق النهار، وفى اليوم التالى مع ساعة ثالث أو رابعة فى ظلام.. ينبشون عن الرزق مشكلين خطا منتظما، وفى أعماق قلبهم كلمة افرجها يااااااارب وبعدها تمر ساعة ويأتى شروق الشمسُ، كعادته، لتلهبَ أجسادَهم الهزيلة يبدأ العذاب من جديد ويسودهم إحساس بالقلق، صمت مطبق يسيطر على شفاههم، وكأنهم بانتظار شيء ما..!!

أن تأتى حافلة تنقلهم إلى مكان ما ربما يعرفونه أو لا يعرفونه، لكن منظرهم كان يشى بأنهم يتوقعون حدثا، فيما يوحى مشهدهم بأنهم يريدون وقوعه.. مرة نصف ساعة جاءت حافلة حان وقت صعود لذهاب إلى جنى البرتقال أبركان ، من أجل دارهم معدودة تصل إلى 100 درهم..

من رائحة عرقهم تستطيع تمييزهم عن سائر البشر جُبرو على تحمل الشتائم والإهانة من الكابران (شاف) من أجل فوز بلقمة العيش،.. بمجرد الحصول عليها يفرحون ويعودون حاملين نتيجة عرقهم من لقمة تسد رمقهم ورمق أفراد أسرتهم وادخار الباقى لحين آخر.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة