سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 سبتمبر 1970.. انهيار سيدة الغناء العربى أم كلثوم فى موسكو بعد تلقيها خبر وفاة جمال عبدالناصر.. وإلغاء حفلاتها الأربع

السبت، 28 سبتمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 سبتمبر 1970.. انهيار سيدة الغناء العربى أم كلثوم فى موسكو بعد تلقيها خبر وفاة جمال عبدالناصر.. وإلغاء حفلاتها الأربع أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انصرفت سيدة الغناء العربى «أم كلثوم» إلى الفندق، بعد حفل العشاء الذى أقامه لها السفير وفاء حجازى الوزير المفوض بالسفارة المصرية فى موسكو مساء 28 سبتمبر– مثل هذا اليوم – 1970، حضر حفل العشاء أعضاء فرقتها والإعلاميون الذين صاحبوها فى رحلتها إلى موسكو التى بدأت يوم 25 سبتمبر 1970 لتقديم أربع حفلات فى الاتحاد السوفيتى، لكنه ألغيت يوم 28 سبتمبر..«راجع - ذات يوم 26 و27 سبتمبر 2019».
 
«كنا فى انشراح وسعادة بوجود أم كلثوم بيننا، حتى تبدل الحال تماما»، هكذا يلخص «حجازى» فى شهادته لى المنشورة ضمن كتابى «أم كلثوم وحكام مصر».. يتذكر: «بقينا بعد انصراف أم كلثوم، واستغرقتنا المناقشات.. دق جرس التليفون، رفعت السماعة، ارتبكت، ضاع لون وجهى، هرب صوتى، ثم خرج صوتى خفيضا: «جمال عبدالناصر مات»، انفجرنا فى بكاء هستيرى، انكفأت المذيعتان سامية صادق، وأمانى ناشد على الأرض، وفشلت فى مقاومة دموعى.. شعرت بكمية هائلة من الألم.. ألم موجع فيه لسعة نفسية لا يمكن وصفها ولم تفارقنى أبدا.. أشعر بها الآن وأنا أحدثك يا سعيد «كان حديثنا عام 1997».. يضيف حجازى: «كل شىء كان مقبضا على النفس والدموع قليلة عليه.. كانت هناك مهمة ثقيلة وهى، كيف يتم إبلاغ أم كلثوم؟».
 
كان الكاتب الصحفى بجريدة الجمهورية محمد الحيوان ضمن الوفد الإعلامى المرافق ِلأم كلثوم.. يسجل شهادته حول إبلاغ أم كلثوم بالخبر ورد فعلها..يقول: «كنا نعرف جميعا العلاقة بين عبدالناصر وأم كلثوم، ونعرف أن عبد الناصر كرمها، وأنها قدمت خير أيامها.. فكرنا: من يستطيع أن ينقل النبأ إليها.. عجز الجميع وتهربوا، لكن كان لابد أن يصل النبأ، فى الصباح دخل المهندس محمد الدسوقى «ابن شقيقتها» عليها، كان وجهه غريبا عليها، إنه ابن شقيقتها ويلازمها باستمرار، وشكله اليوم يبدو مختلفا عن الأمس، عن كل يوم، وجه قاتم.. سألته أم كلثوم: ماذا بك؟ تمسك بنفسه، وقال: بعض آلام المعدة جعلتنى أسهر الليل، ثم خرج من غرفتها إلى غرفته المجاورة ليكمل بكاءه».
 
يضيف «الحيوان»: دخل عليها رفعت الدسوقى «ابن شقيقتها الثانى».. قال لها: الريس مريض.. سكت، ثم أضاف: مرضه خطير.. سكت، ظل على حال قول الكلمة ثم الصمت لمدة نصف ساعة.. وفى كل مرة تزيد لهفة أم كلثوم لمعرفة الباقى.. تحس إحساسا لا تريد أن تصدقه.. تبعد عن خيالها كل محاولة يتسرب من خلالها إليها شىء لا تتصوره.. وأخيرا قال رفعت ما يعرفه».
 
عرفت الخبر، فذهبت إلى بكاء يدعو إلى البكاء، حسبما يؤكد «حجازى» متذكرا: «لزمت مقعدها فى الصالون الملحق بغرفتها 48 ساعة متواصلة..تتساقط دموعها تحت نظارتها السوداء.. لا تأكل، ولا تقول شيئا، صامتة طول الوقت، ومحاولات الكلام معها لا تنقطع لكنها لاترد»..يقول الحيوان: «ذهبت أنا وسامية صادق لتعزيتها، وعجزت عن الكلام أمامها، وعجزت سامية عن التصرف، وتركناها لأحزانها وانصرفنا».
 
فتحت السفارة المصرية فى موسكو أبوابها لتلقى العزاء.. يتذكر حجازى: «ظلت أم كلثوم حبيسة غرفتها حتى يوم الجنازة 1 أكتوبر 1970، كنت أتردد عليها بين الحين والأخرى، رأيتها نصفين.. نصف مات فور تلقيه الخبر، ونصف يعيش للبكاء فقط.. فى كل مرة أصعد فيها حجرتها لم يكن يجمعنا كلام سوى: صباح الخير.. السلام عليكم، هى لم تكن تعطى فرصة الكلام لأحد.. ويهيأ لى إنه إذا لم يكن الإنسان فى هذا الوقت سيبكى فراق عبدالناصر، سيبكى حال أم كلثوم».
 
يتذكر الدكتور مراد غالب سفير مصر فى موسكو فى مذكراته «مع عبدالناصر والسادات»: «بكت أم كلثوم بكاء حارا، وسيطر عليها الحزن بصورة واضحة وحادة، وصلينا جميعا على روح عبد الناصر فى جامع موسكو، وصلت معنا أم كلثوم».. يذكر «حجازى»: أن السفارة أقامت عزاء فى نفس اليوم، وذهب لإحضارها من الفندق.. يتذكر: «رأيتها تنزل بخطى متثاقلة على درجات السلم، تستند على ابن أختها محمد الدسوقى، بدت وكأن عمرا جديدا أضيف إلى عمرها.. وحين شاهدت مراد غالب ألقت بوجهها على صدره باكية بحرقة فبكى هو الآخر، أدينا صلاة الغائب، اقتربت منها.. قالت لى: «بقينا يتامى يا وفاء..نفسى أقرأ قرآن فى العزا..لكن خلاص صوتى بقى مش معايا».
 
عادت أم كلثوم من موسكو إلى القاهرة يوم 2 أكتوبر 1970.. يذكر الكاتب الصحفى عادل حمودة فى حلقات «الحب والحرب - الخطابات المتبادلة بين جمال عبد الناصر وقرينته تحية كاظم»، المنشورة بجريدة «البيان – الإمارات – سبتمبر ونوفمبر 2004»: «طلبت أم كلثوم نادية ابنة شقيق السيدة تحية كاظم زوجة جمال عبدالناصر فى التليفون لتصحبها لتعزية تحية.. فهى على حد قولها: «لا تستطيع وحدها أن تحتمل مواجهتها وهى فى هذه الظروف»، كان المشهد بين الصديقتين لا ينسى.. كانت أم كلثوم تعانقها وهى تبكى جمال عبد الناصر، وكأنها تبكى فقد ابنها.. بقيت تحية هى التى تزورها بانتظام، وعندما سافرت أم كلثوم للعلاج من متاعب الكلى بقيت تحية تتابعها دون توقف، وعندما دعاها الله ولبت النداء «4 فبراير 1974»، كانت تحية هى التى تتلقى فيها العزاء دون أن تمسك دموعها، وكان أهل أم كلثوم وأقاربها هم الذين يواسونها.. لقد راح الموت يأخذ منها أكثر الناس قربا لها».   
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة