شهدت الجلسة الثانية بمؤتمر "مصر فى شرق أوسط متغير" بمدينة نيويورك تحت عنوان "الصراعات الإقليمية والتهديدات الناشئة" مشاركة بلال صعب مدير برنامج الدفاع والأمن بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن، والباحث جوناثان وينر الزميل بالمركز، واللواء محمد إبراهيم عضو الهيئة الإستشارية بالمركز المصرى، والدكتور خالد عكاشة مدير المركز، وأدارها الدكتور محمد كمال مدير برنامج العلاقات الدولية بالمركز المصرى.
وستهل بلال صعب الخبير بالمعهد الأمريكى، الجلسة بالتأكيد على أن التعامل مع التهديدات على أنها متداخلة تجعل الحل مسألة صعبة للغاية، مضيفا: الطريقة المثلى للتعامل مع التهديدات هى البحث عن أسباب تلك التهديدات، مشيرا إلى أن البحث عن قيادة أمريكية لحل قضايا منطقة الشرق الأوسط لم يعد لها مكان لأنها ببساطة لم تعد موجودة مثلما كانت فى السابق.
كما تحدث عن الصراع الإيرانى-السعودى وتسأل عما سوف تفعله الدول المختلفة فى حال شن إيران لهجمات جديدة، وتنبأ بأن تلك الهجمات سوف تتكرر من أجل الألتفاف حول العقوبات المشددة التى تفرضها الإدارة الأمريكية الحالية، علما بإن موقف الإدارة الحالية هو عدم التدخل طالما ليس هناك قتلى أمريكيين.
وأوضح "صعب" أن الجيش السعودى قادر على توجيه ضربات ولكنه ربما لا يكون قادرا على إنهاء حرب محتملة مع إيران والموارد السعودية موجهة فى الوقت الحالى لرؤية 2030.
القضية الفلسطينية
وركز اللواء محمد إبراهيم في مداخلته على القضية الفلسطينية، قائلا: مبادرة السلام العربية واقعية وعملية جدا وهى تمثل تطبيعا كاملا وسلاما كاملا مقابل انسحاب كامل من الأراضى العربية المحتلة ومن ثم لابد من تحرك الجميع فى إتجاه إعادة قراءة المبادرة العربية مرة أخرى.
وأضاف اللواء إبراهيم، أن الموقف الإسرائيلى يبتعد عن مستويات التسوية السلمية بكثير اعتمادا على انحياز أمريكيا خالصا وكاملاً حيث لم تنسحب إسرائيل على متر واحد من الضفة الغربية وهو آمر بالغ الخطورة بل وتتجه إلى ضم المستوطنات فى الضفة وغور الأردن.
وتابع: إسرائيل تستغل القواسم المشتركة مع دول "سنية" معتدلة فيما يخص قضايا مكافحة الإرهاب والمد أو التهديات الإيرانية من أجل المضى فى خططها.
وأشار إلى أن الرئيس عباس أبو مازن يمثل محور الإعتدال فى المنطقة والقضية الفلسطينية وتهديده يعني تهديد الاستقرار لأنه لم يتحدث أبدا عن المقاومة المسلحة، كما أن قطاع غزة يمثل قنبلة موقوتة في المنطقة، ودعا اللواء إبراهيم إلى مراجعة الموقف الأمريكى الذى وصفه بأنه كان متقدما جدا ومثمرا جدا ثم انتقل إلى الموقف المتحيز إلى إسرائيل مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
مصر والوضع فى ليبيا
وقال جوناثان وينر الباحث بمعهد الشرق الأوسط، إن مصر لاعب مهم في ليبيا وهناك تهديدات من وجود الإخوان ومحولاتهم الوصول إلى السلطة إلى جانب التهديدات الإرهابية القادمة بقوة من الأراضى الليبية.
وأضاف الخبير الأمريكى إلى أن هناك دور كبير للفاعلين العرب والإقليميين فى ليبيا سواء من حيث توفير السلاح والدعم المادى، إلا أن هناك تضارب كبير فى مصالح الفاعلين وهناك صراع على الموارد فيما تحاول ليبيا استعادة انتاجها من النفط والعودة إلى ما كانت عليه فى السابق.
واختتم وينر مداخلته بالتأكيد أن رؤية مصر الأمنية فى ليبيا هى "رؤية حقيقية".
منهج مصر
وقال الدكتور محمد كمال، إن نهج مصر تجاه أزمات المنطقة، بالنظر إلى عدم الاستقرار فى المنطقة والصراعات التى طال أمدها ، كان حذرًا ، حيث دعا إلى إتمام تسويات سياسية مع تجنب أي تدخل عسكرى يمكن أن يجر البلدان إلى الصراع، والأمر الأخر، أن مصر تريد أن تكون شريكا، وليس قائدة فى الشرق الأوسط، على الأقل خلال هذه الفترة.
فيما اعتبر تغييرا عن الخطاب المستمر منذ عقود حول القيادة الإقليمية، حيث أعلن وزير الخارجية شكرى قبل اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري فى 5 مايو 2016 ، أن "مصر لا تسعى إلى القيادة ولكن إقامة علاقات شراكة، فى هذا السياق ، وأشار الدكتور محمد كمال، أن مصر منحت الأولوية لإقامة شراكة مع دول الخليج العربى، وبخاصة السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقد كانت هذه الشراكة الثلاثية نشطة فى العديد من القضايا الإقليمية مثل ليبيا واليمن والمصالحة الفلسطينية، وانضمت مصر أيضًا إلى المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين في مقاطعة قطر.
وأوضح أن الأمر الثالث في مقاربة مصر لبعض أزمات المنطقة هى "الدولة هى الحل" فحسب المسئولين المصريين، ساهمت الدول المنهارة والضعيفة في الفوضى الإقليمية، لذلك، فإن الطريقة الوحيدة الممكنة للخروج من الأزمات في الشرق الأوسط تكون من خلال استعادة الدولة ومؤسساتها، وقد أكد الرئيس المصري على هذا الحل "المتمركز حول الدولة" في عدة صراعات إقليمية مثل ليبيا وسوريا واليمن، والأمر الأخير في المقاربة المصرية، حسب د. محمد كمال تتمثل في رفض مصر بشكل متكرر التدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة ، إلا أنها رحبت بالمساعدة الخارجية (خارج المنطقة من دول مثل الولايات المتحدة وروسيا فى حل النزاعات الإقليمية من خلال المبادرات الدبلوماسية، وأن مصر تؤمن بأن ترك الصراعات للقوى الإقليمية وحدها سوف تزيد من تعقيد هذه الصراعات بدلاً من حلها.
وقال الدكتور خالد عكاشة أن الإرهاب يتم استخدامه من خلال حروب الوكالة بمعنى استخدام الإرهاب لتحقيق نفوذ على الأرض أو التأثير في الخصوم، وأشار على أن واجهنا طبعات متعددة من الإرهاب بعد ظهور جماعة الإخوان عام 1928 والتى صاحبها جناح يستخدم العنف وصولا إلى الطبعة الأخيرة لأنها تمتلك قدرات هائلة استطاعت اسقاط دول وإعلان مدينة عربية كعاصمة لها، والحقبة الحالية شهدت انغماس صريح لجماعة الإخوان فى العنف بعد عقود من استغلالها التنظيمات الإرهابية الأخرى للقيام بأعمال عنف لمصلحتها، التنظيمات الإهابية توجهت للسيطرة علي حقول النفط والتواصل مع جماعات الجريمة المنظمة بجانب استغلال التكنولوجيا فى التجنيد على نطاق واسع. وتوقع عكاشة أن تقوم جماعة الإخوان باستغلال أكبر للتكنولوجيا والأسلحة المتطورة فى التكتيكات على الأرض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة