ستة وتسعون عاما مرت على ميلاده وأكثر من ثلاث سنوات على رحيله، وفى كل ذكرى لمولده يتجدد الحديث عن آرائه فى الشأن المحلى والدولى ، ترتسم أمام أعيننا ملامح وجهه الخمرى، فنقول: كان الأستاذ يرى كذا وكذا وكان رأيه عن هذا الفصيل كذا وكذا، ومؤخرا كانت رؤيته المستقبلية لهذا البلد لا تخلو من نبوءة العارف المطلع الدارس لإرهاصات الماضى الذى يبنى عليها ملامح المستقبل .
فى الوقت الراهن ومع تجدد الحملات التحريضية لجماعة الإخوان الإرهابية وأمام هذه الحيل الخبيثة والدعاوى المسمومة نتذكر جميعا كلمات الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى عاصر تطلعات الإخوان السياسية وجرائمهم خلال الحقب الرئاسية المختلفة بداية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصولا لفترة الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى.
فى تشريح بسيط وتوصيف موجز لخص الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل، حال الجماعة الإرهابية فى واحدة من سلسلة لقاءاته مع الإعلامية لميس الحديدى بقوله إن أخطاء الجماعة بعد خروجهم من الحكم أفدح ألف مرة من أخطاء وجودهم فى الحكم مؤكدا على أنهم اثبتوا عدم معرفتهم بمعنى السياسة مضيفا أن تيار الإسلام السياسى أثبت أنه لا يملك اى رؤية مستقبلية.
وفى لقاء آخر له ضمن سلسلة اللقاءات سابقة الذكر، كان الكاتب الكبير يرى إن الجماعة الإرهابية التى كثيرا ما راهنت على الولايات المتحدة الأمريكية وخسرت الرهان، خاضت معركة "وجود" فى مصر مؤخرا ولكنها خسرتها أيضا ولم يجلس أنصارها ويبدأون فى مراجعة أنفسهم وتحديد الأسباب التى دفعت إلى اخفاقهم بعد عام واحد فقط لهم فى السلطة .
وأضاف ان الجماعة تحدثت عما حدث فى 30 يونيو 2013 على انه انقلاب عسكرى وتجاهلوا الحراك الذى حدث ، رافضا ان يكون ما شهدته مصر انقلابا عسكريا لأن الأخير معناه ان الجيش يستحوذ على السلطة وهذا لم يحدث فى مصر .
وفى لقاء آخر قال هيكل الراحل أن كافة القوى السياسية فى مصر عالجت أمورها وصححت أوضاعها إلا الإخوان .
وأضاف أن الشيخ محمد عبده خلق فكرا إسلاميا حقيقيا ونظيره حسن البنا انشأ تنظيما اسلاميا ولكن بشكل عام لم يلتق الطرفان مع الأسف الشديد ولم يتحد الفكر الاسلامى الحقيقى مع التنظيم الإسلامى ولن يلتقيا ابدا.
بل الأكثر من ذلك أن الكاتب الكبير توقع رحيل الجماعة من السلطة وزوالهم استنادا على تاريخهم المعروف بمحاولاتهم الدائمة لتسلق الحكم والتى دائما ما تبوء بالفشل ، فى حوار مسجل للأستاذ هيكل بتاريخ 24 مارس 2013 نشره الكاتب الصحفى عبد الله السناوى بجريدة الشروق ، قال الأول إذا تصور أحد أن مرسى استقرت عنده مصائر مصر فلابد ان يكون مجنونا وخيرت الشاطر والمقطم والإخوان مرحلة عابرة .. عابرة .. عابرة .. فوق ما تتصور .
طبيعة تكوين هذا التنظيم الإرهابى ومواقفه تجاه السلطة وكرسي الحكم وعلاقتهم الدولية ، تحدث الأستاذ عنها جميعا، باستفاضة فى لقاءاته المسلسلة قبل وفاته بفترة قصيرة عندما قال إنه مندهش كثيرا من اختيار الولايات المتحدة الأمريكية لجماعة الإخوان الإرهابية كبديل لنظام مبارك على اعتبار أن الاولى لها قاعدة مجتمعية واسعة الانتشار ولديها قابلية لدى الناس.
واستعرض تاريخ الإخوان من أيام مرشدهم حسن البنا ولقائه معه مؤكدا أن الأول انشأ "النظام الخاص" لمواجهة الإنجليز ولكنه ندم بعد ذلك مع تصاعد وتيرة أعمال العنف التى قادها أفراد الجماعة آنذاك مما دفع البنا للقول: ليسوا اخوان ولا مسلمين مؤكدا أن هذا التنظيم قد خرج بالفعل عن طوعه.
وتأكيدا على سلسال الدم الذى تبرعت الجماعة الإرهابية بمحالات إغراق الدولة فيه بين الحين والأخر أكد هيكل أنه كان شاهدا على محاولة اغتيال الإخوان للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأنه لا يقبل ما أشاعته جماعة الإخوان بأن هناك تلفيقا لهم وأنه يجب عليهم أن يراجعوا التاريخ ويعترفوا به أمام انفسهم .
ونبه هيكل لخطورة هذا الكيان الإرهابى والتابعين له موضحا أن تنظيم القاعدة والجهاد الإسلامى فى افغانستان ما هى إلا فروع من جماعة الإخوان .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة