نجيب محفوظ "ابن نكتة".. شلة الحرافيش و"الثلاثية" شهود على خفة دم أديب نوبل

الجمعة، 30 أغسطس 2019 07:30 م
نجيب محفوظ "ابن نكتة".. شلة الحرافيش و"الثلاثية" شهود على خفة دم أديب نوبل الأديب العالمى نجيب محفوظ
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على الرغم من الجدية التى تظهر على الأديب العالمى الراحل فى أعماله وفى جلساته مع أصدقائه، لكن هذا لم يمنع من وجود حس فكاهى عند الأديب الراحل، يظهر أحيانا فى رواياته، كثيرا فى جلساته مع المثقفين.
 
كان نجيب محفوظ يحمل كل سمات الشخصية المصرية التى أبرزها روح الفكاهة والنكتة، لا يترك مناسبة أو موقف إلا ويضع تعليقه الساخر عليه، حتى فى أكثر تلك المواقف تراجيديا، حتى وصفه أصدقائه من "شلة الحرافيش" بأنه "ابن نكتة" لما يتمتع به خفة دم كبيرة.
 
ليست جلساته مع الأصدقاء فقط التى برزت فيها خفة دمه المعهودة، فحتى رواياته يظهر فيها عنصر الكوميديا، والذى كان حاضر بقوة فى ثلاثيته الشهيرة، مثل تعليقات السيد أحمد عبد الجواد ومنها "بضاعة أتلفها الهوى"، أو شخصية الشيخ درويش بحسه الفكهاهى، حيث لعبت دور كبير فى كسر حدة تلاحق الأحداث، كما أنها كانت معبرة عن الطابع المصرى الأصيل وروح الحارة المصرية التى يميل إلى النكات الساخرة والفكاهة.
 
الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى الحديث، بكلية الآداب جامعة القاهرة، قال إن نجيب محفوظ فى تكوينه الخاص كان مصريا خالصا، و"ابن نكتة" بحسب التعبير الشهير.
 
وأضاف "حمودة" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" فى جلساته كان يبتكر نكات وكان يلقيها فجاءة وعفوا الخاطر، وكأنه كان قد فكر فيها وأعدها من قبل، رغم إنها دائما من بنت اللحظة، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.
 
وأضاف الدكتور حسين حمودة: وطبعا فى بعض أعماله كانت النكتة حاضرة، خصوصا فى الجلسات التى تستدعى وتستحضر النكات، ولعلنا نتذكر على سبيل المثال سهرات السيد أحمد عبد الجواد مع أصدقائه فى "الثلاثية"، وأن كانت هذه النكات تتطرق إلى جوانب متعددة، سياسية واجتماعية وإنسانية، بحيث يتم توظيفها على المستوى الفنى داخل العمل الروائى.
 
وأتم رئيس تحرير دورية نجيب محفوظ، أن الأديب العالمى الراحل كان مخلصا فى حياته وفى كتابته للحس المصرى الساخر العظيم.
 
مواقف كوميدية برزت فيها شخصية نجيب محفوظ "ابن النكتة"
 
ما ذكره الأديب الكبير جمال الغيطانى الغيطانى أنه فى إحدى جلستهم الأسبوعية عن إحساسه لحظة الزلزال الذى أصاب مصر عام 1992، قال: "كنت أجلس فى الصالة، شعرت به بقوة، وتطلعت إلى السقف منتظرا سقوطه، وسقوط برلنتى عبدالحميد فى حجرى".
 
ويذكر عن الأديب الراحل أنه عندما صدرت رواية "ثرثرة فوق النيل" وأثارت ضجة لانتقادها الأوضاع الاجتماعية والسياسية فى الستينيات، وبالصدفة ألتقى نجيب أحد المسؤولين، وسأله عن المغزى الذى قصده فى روايته على لسان بعض الشخصيات، فأجاب محفوظ: "ده كلام حشاشين".
 
من التعليقات الساخرة لنجيب محفوظ، أنه فى المرة الوحيدة التى ذهب فيها ليشاهد التمثال الذى أقيم له بميدان سفنكس بالمهندسين، فؤجئ أن التمثال لا يعكس شكله، فعلق قائلا: "يظهر أن الفنان الذى صمم التمثال ده لم يقرأ لى سوى رواية الشحاذ".
 
فى كتاب "صداقة ممتدة" للكاتب زكى سالم، أحد أعضاء شلة "الحرافيش"، يحكى أنه حين تقدم نجيب محفوظ فى سنة 1930 للدراسة فى كلية الآداب، واختار قسم الفلسفة، كان الدكتور طه حسين عميد الكلية، وكان يستقبل الطلاب الجدد بنفسه، ليتأكد من خلال الحوار معهم، أنهم أحسنوا اختيار الدراسة فى أقسام الكلية المناسبة لهم. وحين سأل العميد الطالب نجيب محفوظ عن سبب اختياره دراسة الفلسفة دون غيرها، عبر محفوظ عن رأيه، وأفاض فى القول، حتى أوقفه الدكتور طه حسين مداعباً وهو يقول له: "إنك حقا تصلح لدخول قسم الفلسفة، فكلامك غير مفهوم"، وأن هذه الحكاية نجيب نفسه هو من حكاها.
 
نجيب محفوظ نفسه روى موقف لمرض السكرى للأديب والشاعر الراحل صالح جودت، رواه عنه الأديب يوسف القعيد، وذلك حول رحلته لليمن برفقة أنيس منصور وصالح ومحمود حسن إسماعيل ومهدى علام، فيقول "كنا نتكلم كثيراً ولم أكن قد اختلطت به – صالح جودت – فعرفنا بعضنا بعضاً جيداً، وقال لى إن عنده مرض السكر، فأوجد رابطة ثانية، لكن كنت ألاحظ أنه فى الكابينة يرسلون لنا كوباً من الشاى، أنا كنت آخذ الفنجان بدون سكر وهو يخرج من الصندوق فواكه مسكّرة، ويأكل اثنتين أو ثلاثاً، قلت له: يا أستاذ جودت إنت عندك سكر أم عندك أملاح وضحكنا.
 
فى لقاء له مع الإعلامى مفيد فوزى، وأثناء الحديث عن فترة حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، رأى "محفوظ" أن سبب فشل حكم الحقبة الناصرية هى الديكتاتورية، فقال له مفيد فوزى: "بعض العقلاء يصفون هذه التصرفات بالتجاوزات" فرد محفوظ:" والله تسميها تجاوزات أن شاء الله تسميها زنيب".
 
فى حديث نادر يجمع أصدقاء الأديب العالمى، سأله الأديب الكبير يوسف القعيد عن رؤيته لمستقبل البلاد وما أفكاره فرد عليه ضاحكا: "فكرك أنا عارف كل ده ومقولتش".
 
يحكى الروائى الكبير عن نوبل: زوجتي جاءت على غير عادتها توقظني في لهفة وهي تقول: "انهض يا نجيب. الأهرام اتصلوا يقولون إنك حصلت على نوبل. كانت دهشتي بالغة، أولاً لأنني لم أكن أعرف أنني مرشح، وثانياً لم تفاتحني أية جهة أدبية سواء في مصر أو في خارجها في أمر هذا الترشيح".. وأضاف محفوظ: "لم تكن جائزة نوبل متوقعة وظللت أقول لزوجتي التي أخبرتني نبأها كفي عن المزاح".
 
ويصف نجيب تلك اللحظات فيقول: جلست ما بين مصدق ومكذب، فهل فزت حقاً بجائزة نوبل، وقبل أن ألتقط أنفاسي رن جرس الباب، دخل علي خواجه ضخم وزوجته، فقلت له: من أنت؟ فقال أنا سفير السويد. عندئذ أدركت أنها حقيقة، جاءا ليقدما لي هدية عبارة عن قدح فاخر من البللور السويدي، ولكني لا أعرف فعلا كيف قابلت السفير السويدي بالبيجاما، كذلك كنت قد أكلت مع الطعام بصلا، لأنك يا توفيق (يقصد المخرج توفيق صالح) أخبرتني إنه يخفض السكر. هل كان من الضروري في أسبوع جائزة نوبل أن تقول هذه النصيحة؟".









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة