سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 يوليو 2003.. وفاة كمال الطويل.. الموسيقار الاستثنائى الذى لا يشبه أحداً ومبدع الأغنية الوطنية لثورة يوليو 1952

الثلاثاء، 09 يوليو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 يوليو 2003.. وفاة كمال الطويل.. الموسيقار الاستثنائى الذى لا يشبه أحداً ومبدع الأغنية الوطنية لثورة يوليو 1952 كمال الطويل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهبت إلى الموسيقار كمال الطويل،  عام 1997 فى منزله بحى الزمالك مرتين،  كانت حصيلتى فيها نحو أربع ساعات شديدة الثراء فى الأسرار والمواقف،  والحكايات الفنية والسياسية التى كان طرفًا فيها أوشاهدًا عليها،  وإبداعه كموسيقار لا يشبه أحدًا. 
 
اتصالاتى به قبل اللقاء وبعده،  استمرت على فترات متباعدة،  تبرم فى بدايتها من اتصالى به أثناء مباراة لفريق الزمالك كان يشاهدها فى التليفزيون.. قال لى: «أنت مش عارف إن الزمالك بيلعب ولاعشان أنت أهلاوى.. هأ.هأ.هأ».. زودنى هذا الاتصال بمفتاح لفك شفرته وهى التحدث إليه به بعد فوز الزمالك،  فحينها سيتحدث بمزاج طيب وروقان،  وينساب لسانه فى حكى مدهش مع ضحكته المميزة فى جلجلتها،  فتطوف معه فى الحديث عن دوره التاريخى المبدع فى الأغنية الوطنية التى سادت فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى،  ودوره مع جيله فى تجديد وتطوير الموسيقى العربية.
 
أعادنى خبر وفاته يوم 9 يوليو،  مثل هذا اليوم،  2003،  وعمره81 عاما،  مواليد 11أكتوبر 1922،  إلى أوراقى التى فيها تفاصيل ساعاتى معه،  ونشرت منها فى صحف عربية،  وصحيفتى «العربى» لسان الحزب الناصرى،  وكتابى «أم كلثوم وحكام مصر» الصادر عام 2000 أى قبل رحيله بثلاثة أعوام.. قال عن طفولته: «أبى محمد زكى الطويل كان يحمل لقب «بيك»،  «وتدرج فى مناصبه حتى أصبح وكيل وزارة،  وعمى عبد الفتاح الطويل كان يحمل لقب «باشا»،  وأصبح وزيرا للعدل فى إحدى حكومات النحاس باشا.. كان عمرى أربع سنوات وقت سافر والدى إلى إنجلترا لدراسة الهندسة.. تركنى عند جدى فى طنطا فبدأت علاقتى بالموسيقى والغناء،  من خلال شادر كبير كان يعمله جدى وتغنى فيه فرق صوفية ومنشدين.. عدت إلى القاهرة وأنا فى الثامنة من عمرى بعد عودة والدى حاملا دبلوم فى الدراسات العليا من ليفربول.. دخلت مدرسة الأورمان الابتدائية،  كنت باغنى فى حفلاتها،  فى نفس الوقت عرفت فيها المظاهرات ضد الاحتلال الإنجليزى..أبى وعمى كانا فى حزب الوفد.. كنا فى مدرسة الأورمان ننتظر طلاب الفنون التطبيقية لنخرج معهم فى مظاهرة ونتوجه إلى مدرسة السعيدية،  فينضم إلينا تلاميذها.. يكبر الحشد،  نهتف ضد الإنجليز والاستعمار والفساد».
 
يضيف: «فى يوم مذبحة كوبرى عباس» 13 نوفمبر 1935،  كان الجنود يصطادون الناس،  وبعض الطلبة المجروحين على الطريق،  لم أجد ما أقدمه لهم غير استضافتهم فى منزلى،  فعلت ذلك وأنا طفل فى الابتدائية.. المشاعر كانت مهيأة لشىء جديد يحصل فى البلد.. كل البلد كان عندها نفس المشاعر.. الوفد لم يكن يتمتع باستمرارية فى الحكم فيشكل ضغطا على الموظفين الوفديين.. لما الحكومة الوفدية تخرج من الحكم يتم فصلهم الموظفين،  ولما تعود تقرر عودتهم،  والدى كان ممن تنطبق عليهم هذه المسألة.. كانت العملية خسرانة دايما عليه.. بالمناسبة أنا عضو فى الهيئة العليا للحزب حاليا «1997»..ينظرون لى فى الحزب أنى خارج التنظيم.. يسألونى عن سبب حماسى للثورة وعبدالناصر،  أقول لهم: «الثورة عملت اللى فشلتم فيه،  كان فيه إيه غير الشجب والرفض منكم.. جاءت مجموعة شباب وقائد اسمه عبدالناصر وحققوا مطالب الوفد.. مجانية التعليم.. طرد الاحتلال الإنجليزى.. وضع حد أدنى للأجور.. انحياز للطبقات الفقيرة.. محاربة السرايا وإسقاطها».
 
يتذكر الطويل: «كان صديقى «محيى سالم» شقيق صلاح وجمال سالم عضوا مجلس قيادة الثورة.. كان محيى ضابطا فى الحرس الملكى،  يعنى أحد حماة الملك فاروق،  ومكتبه فى سراى عابدين،  وكان صديقنا الثالث مصطفى هاشم.. كنا نسهر عند محيى وهو «نوبتجى».. نقول له: «ياسلام يامحيى لو واحد يضرب الملك رصاصة ويخلصنا منه»..نفس الخاطر جاء لعمى عبد الفتاح الطويل وكان وزيرا للعدل وقت قضية الأسلحة الفاسدة «1948»،  واستقال احتجاجا على عدم تنفيذ قرار النائب العام عزمى محمود بالقبض على بعض رجال السرايا المتورطين فى القضية.. كان النائب العام يصدر القرار فيعطل الملك تنفيذه،  فاستقال عمى،  ولما استقال قلت له: «مش هيخلصنا من الوضع ده غير التخلص من الملك».. رد: «الحل الصحيح هو تغيير النظام كله».. قالها عمى دون اتفاق أو ترتيب بيننا،  لكن الشعور الوطنى كله كان واحدا عند الوطنيين».
 
انفعال «الطويل» بالقضية الوطنية،  تزامن مع موهبته الموسيقية ووضع قدميه على أول طريقها.. التحق بمعهد الموسيقى، كان من زملائه فى المعهد أسماء ستصبح علامات فيما بعد، على إسماعيل، عبدالحليم شبانة «حافظ»، فايدة كامل، أحمد فؤاد حسن، سيد إسماعيل، وغيرهم.. كان المفروض وطبقا لدراسته أن يكون مطربا، وعبدالحليم ملحنا حيث كان يدرس آلة «الأوبوا».. يتذكر: ‹بعد انتهاء الدراسة التحقت بالإذاعة.. كنت مسؤولا عن برنامج «أركان الإذاعة»، يقدم برنامج موسيقى كلاسيكية أوروبية، ومن فقراته تقديم فرقة جديدة أو لحن جديد، فاستثمرت الفرصة وقدمت محمد الموجى وعلى إسماعيل».
 
يضيف: «فى درج مكتب والدى، وجدت كشكولا فيه أشعار صوفية له.. أوقفتنى أبيات يقول فيها «إلهى ليس لى إياك عونا/ فكن عونى على هذا الزمان»، وغنتها فايدة كامل، وقدمت أغنيتين لمحمد قنديل «بين شطين وميه»، و«رايحين الغورية».
 
ويتواصل الحوار.  









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة