سعيد الشحات يكتب: ذات يوم .. 7 يوليو 1968.. الأطباء الروس يواصلون فحص عبدالناصر و«شازوف» أكبر أطباء القلب يطالبه بالإقلاع عن التدخين فورا

الأحد، 07 يوليو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم .. 7 يوليو 1968.. الأطباء الروس يواصلون فحص عبدالناصر و«شازوف» أكبر أطباء القلب يطالبه بالإقلاع عن التدخين فورا جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 كان الوقت مبكرا صباح 6 يوليو عام 1968، حينما خضع الرئيس جمال عبدالناصر للفحص الطبى من الأطباء الروس بقيادة «إيفيجينى شازوف»، أكبر أطباء القلب فى روسيا، والمسؤول عن علاج القادة السوفيت، حسبما يؤكد «شازوف» فى مذكراته «الصحة والسلطة- مذكرات كبير أطباء الكرملين، إعداد وتقديم دكتور إيمان يحيى».
 
كان عبدالناصر فى زيارة إلى موسكو منذ 4 يوليو 1968، واصطحب معه الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات باسم مستعار، وبجواز سفر مصرى.. وفى يومى4 و5 يوليو عقد مباحثات رسمية مع القادة السوفيت، وفى6 و7 يوليو بدأ الأطباء الروس فحصه»..راجع «ذات يوم 4 و5 و6 يوليو 2019».
يؤكد الدكتور الصاوى حبيب «طبيب عبدالناصر الخاص»، فى مذكراته: «فى يوم 7 يوليو- مثل هذا اليوم- 1968»: «كنا فى مدينة باربيخا وهى منتجع صحى للقادة السوفيت، وتم عمل فحص للعين والأنف والأذن، وأسفر عن سلامة العينين ووجود التهاب مزمن باللوزتين».. يكشف «شازوف» فى مذكراته أسرار هذه الأيام، قائلا: «فى الأيام الأولى من يوليو 1968، جاءنى صوت بريجنيف السكرتير العام للحزب الشيوعى السوفيتى على التليفون..ورغم أن «بريجنيف» لم يتحدث صراحة أو يكشف عن اسم المريض، فإننى فهمت أن واحدا من أعز أصدقائنا الأجانب مريض للغاية، وأن أطباء المريض يريدون التحدث معنا بشأن حالته، وعلاجه».
 
يضيف شازوف: «طلب بريجنيف دعوة من نثق بهم من المتخصصين ثقة عمياء حتى لا يتسرب أى نبأ.. وألا أتحدث مع أى من كان من القيادة السوفيتية حول نتيجة الاستشارة الطبية، وفى اليوم التالى حضر أطباء مصريون إلى غرفة مكتبى الصغيرة فى شارع «جرانوفسكى»، واجتمع بهم أفضل الأخصائيين السوفيت، وعلى رأسهم الجراح الكبير «مايات» وأخصائى المسالك البولية «ابراميان».. قال الأطباء المصريون إن عبدالناصر يشكو فى الفترة الأخيرة من آلام مبرحة فى قدميه ورجليه، وبدأت الشكوى منذ حوالى العام، عندما كان يقوم بالمشى مسافات قصيرة..أما الآن فأصبح يتألم من قدميه حتى دون أن يحركهما.. ولاحظ الأطباء أن الآلام انتقل تركيزها من القدمين إلى الفخذين، وأصبح يعانى من«خدر» فى قدميه وبداية ظهور «غرغرينا» فى أصابعهما، أما جلد قدميه فبدأ فى التغيير بما يؤكد أنه غير سليم، وكان التمثيل الغذائى الخاص بالسكريات والدهون يعانى من خلل، كما أنه كان مدخنا شرها لسنوات طويلة لسجائر «كامل أو الجمل» شديدة التركيز، ومع ذلك قال لنا الأطباء المصريون إن أيا من علامات «قصر الشرايين التاجية» لم تظهر عليه».
 
يتذكر «شازوف»: «بناء على ما استمعنا إليه ونتائج فحوص وتحاليل وأشعة الأطباء المصريين خرجنا بانطباع، أن حال المريض يتعلق بتصلب تقليدى للأوعية الدموية فى الساقين وبداية اختلال للدورة الدموية بهما، وأبلغنا زملاءنا المصريين أنه لا يمكننا التوصل إلى تشخيص نهائى للحالة إلا بعد أن نفحص المريض بأنفسنا.. كان المصريون يخشون تسرب أى أنباء عن مرض عبدالناصر، وطلبوا بحث الاقتراح أولا مع المريض نفسه، وكان الرئيس على ثقة من حرص السوفيت على سرية الفحوصات التى ستجرى له».
يكشف «شازوف»: «فى 6 يوليو 1968 وفى ساعة مبكرة، كان أول لقاء لنا مع عبدالناصر، كان المرض والهزال والقلق واضحا على وجه الزعيم المصرى.. وإلى جانب الأطباء كان معه أنور السادات، إلا أن عبدالناصر بثقته فى نفسه وبساطته استطاع فى أقل من 15 دقيقة فقط، أن يصنع معنا جوا من الألفة ويضفى جوا وديا، وأحس الأطباء السوفيت سريعا برجل لا يعرف التصنع أوالتواضع الزائف طريقة إلى حديثه.. هذا التواضع الزائف الذى يظن زعماء العالم أنه أحد مظاهر الديمقراطية.. كان عبدالناصر إنسانا رقيقا ومثقفا واسع الإطلاع».
 
يؤكد «شازوف»: «سألنا عبدالناصرعن شكواه، قال لنا بضجر، إنه ظل ساعات الرحلة الجوية التى استمرت خمس ساعات إلى موسكو فى عذاب من آلام شديدة فى الساقين والفخذين، حتى إنه اضطر للاستلقاء طوال الوقت على ظهره مع أنه كان مقررا أن يعقد اجتماعا مع كبار معاونيه فوق متن الطائرة.. وأدركنا كم أضناه المرض، وكيف كان يخفى أعراض مرضه حتى عن الأطباء متحملا الآلام».. يضيف شازوف: «مع أنه لم يكن يقوى على المشى على قدميه، كان عليه أن يتحمل آلاما مبرحة، ويرسم ابتسامة مشجعة على وجهه خلال زياراته الدائمة للمواقع العسكرية حتى لا يكتشف شعبه أنه مريض.. أدركت منذ اللقاء الأول أن هذا الإنسان الشجاع القوى جدير بالاحترام، وأنه حقيقة ما يقولونه: «لايصنع الرجال الضعفاء الثورات»، وأن هذه العبارة ليست كلاما أجوف».
 
يتذكر شازوف: «عندما بدأنا علاج عبدالناصر من تصلب الشرايين، أتذكر أننى قلت له: «أول ما نطلبه منك أن تقلع عن التدخين».. وفى التو طلب مرافقه وأعطاه علبة السجائر «الجمل» التى كانت فوق المائدة أمامه، وإلى جوارها القداحة «الولاعة»، وأضاف موجها حديثه لمرافقه: من اليوم لن أدخن.. ثم أدار وجهه مبتسما ناحيتى، وقال: «لوأن هذا الأمر يتعلق بى شخصيا لجادلتك، ولكنه يتعلق بمصير مصر»، وبالفعل كان وفيا بوعده بالامتناع عن التدخين حتى النهاية».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة