- هنوف السورية: الشعب التركى عاملنا باحتكار ووجدنا الحب والطيبة من الشعب المصرى
- شادى اليمنى: احنا دوبنا فى المصريين زى السكر فى الشاى
- قاسم السودانى: المصريين ساعدونى عشان اشتغل وبحس بالأمان معاهم
"ياريت كل زول تايه يلاقى الريدة فى دربو عشان الناس تحب الناس وزى عينينا يتحبو"، كانت هذه الكلمات من الأغنية السودانية "حب الناس" هى الرسالة التى آمن بها قاسم وكان يتمنى أن يرى أبناء وطنه جميعهم يسيرون عليها، ولكن مزقت الحرب أوصال وطنه، ليجد نفسه مجبرا على الهروب واستبدال وطنه وحياته بوطن بديل، حيث وجد فى مصر الأمان والعمل والحياة الكريمة.
قاسم آدم واحد من آلاف اللاجئين التى فتحت لهم مصر ذراعيها وكانت الأمان لمن يشعر بالخوف والإيواء لمن ضاع منزله، والأم لمن فقد أحبابه وعائلته نتيجة الحرب والدمار، فوفقا لآخر إحصائيات المفوضية السامية يوجد فى مصر 247 ألفا و 808 لاجئين وملتمسى لجوء مسجلين، ومنهم 132 ألفا و 473 لاجئا سوريا، و43 ألفا و3 لاجئين سودانيين، و 9 آلاف و 67 لاجئا يمنيا.
"ذكريات وحنين ومستقبل" هى حكايات اللاجئين الذين بدأوا حياتهم من جديد فى مصر، تواصل اليوم السابع مع ثلاثة لاجئين من جنسيات مختلفة "سوريا، واليمن، والسودان"، ليسمع قصصهم وحياتهم الجديدة فى بلدهم الثانى مصر.
الاعتقال أنهى حياته فى السودان وبـ "الريدة" بدأ حياة جديدة فى وطنه البديل "مصر"

قاسم أدم السودانى
كانت البداية مع قاسم آدم من السودان يعمل كهربائى فى مدينة السادس من أكتوبر، حيث قال لـ اليوم السابع:" أعيش فى مصر منذ 7 سنوات والحمد لله حياتى هادئة ومستقرة، فبدأت حكايتى عندما كنت فى السودان أدرس وأعيش مع والدتى ووالدى وفى نفس الوقت أعمل مدرس إنجليزى لتحسين الدخل.. وفى يوم من الأيام تبدلت كل أحوالنا عندما تعرض والدى لمضايقات ومشاكل بسبب قطعة الأرض التى نمتلكها، وتعرضنا لهجوم من قبل الميلشيات الذين حرقوا المحاصيل والأراضى واستولوا على الغنم وكل شىء نمتلكه وأصبحنا لا نملك شيئا".

قاسم وزوجته
واستطرد حديثه قائلا:" قررت الهروب إلى مصر لبداية حياة جديدة، وفى طريقى إلى مصر سمعت خبر وفاة والدى فى الاعتقال وكانت صدمة بالنسبة لى ونقلة جديدة فى حياتى".
كأى مغترب أو لاجئ لا يعرف قاسم بداية طريقه ولا كيفية التعامل مع الوطن الجديد والمختلف بلهجته وعاداته، ولكن المصريين رحبوا به وكأنه واحد من وطنهم، وساعده بعض الاشخاص فى البحث عن عمل فى المصانع ليبدأ حياته من جديد.

قاسم
" كنت بخاف من صوت الليل أو ما يهل علينا لكن من وقت ما جيت مصر وأنا حاسس بالأمان والسكينة "، هذا ما قاله قاسم عن حياته الجديدة فى مصر وعن مشاعر الخوف التى تبدلت بالأمن والاستقرار، وأوضح:" أول فترة من حياتى فى مصر كنت أعمل فى المصانع، بعد ذلك اشتغلت فى الكهرباء وتشطيب الشقق والحمد لله تزوجت وكونت أسرة وبيت من مصدر دخلى والحمد لله نعيش فى استقرار أنا وزوجتى وبناتى".
وأضاف:" هناك العديد من الأسر السودانية فى مصر تعرفت عليهم وأصبح لدى عائلة جديدة هنا، بالإضافة لأصدقائى المصريين فى العمل وجيرانى ونتعامل معا وكأننا وطن واحد لا فرق بيننا وبينهم، حتى فى الشارع المصرى والمواصلات، لا يشعروننى بأى فرق بينهم".
وأنهى حديثه: " قررت أن استقر فى مصر طوال حياتى وخصوصا أن الأوضاع فى السودان تزداد سوءا يوما بعد يوم".
"الهنوف" مصممة أزياء سورية على أرض مصرية

هنوف السورية
بعد رحلتنا فى بيت قاسم الذى شعرنا فيه بالمودة والجمال انتقلنا لعالم آخر ملىء بالصراعات والتحديات، وذلك فى بيت "الهنوف" القوية الصبورة التى فقدت زوجها وبيتها وذكرياتها نتيجة الحرب فى سوريا، فحملت ابنيها وهربت لوطن جديد وبحثت عن مصدر رزق لتستطيع أن تعيش هى وابنيها بعيدا عن الصراعات .
"الشعب المصرى بيحب السوريين عشان كدا ساعدونى وشجعونى كتير عشان اشتغل لغاية ما بقى عندى ورشة خاصة بيا"، هو ما قالته هنوف محمد واحدة من اللاجئين السوريين فى المصر ولديها ورشة خياطة فى مدينة السادس من أكتوبر، وعن قصة حياتها بداية من سوريا لـ تركيا حتى الاستقرار فى مصر قالت:" اعيش فى مصر منذ 4 سنوات استطعت فيها أن أتحول من لاجئة لا تملك شيئا لصاحبة ورشة للخياطة، فاستغرب كثيرا لمن يقولون أن فى مصر بطالة فمنذ وجودى لا أرى البطالة التى يتحدثون عنها".

هنوف
تضيف:"ذهبت لتركيا وعملت فى مجال الترجمة لمدة عام كامل ولكن لم نشعر بالأمان هناك فالشعب التركى يكره الشعب السورى ويتعامل معنا باحتكار، لذلك قررت أن أذهب إلى مصر".
تقمصت هنوف دور الأم والأب معا لتحمى أبنائها وتوفر لهم الاستقرار والأمان، ومنذ وصولها مصر عملت فى إحدى الحضانات، ولكنها لن تستقر كثيرا وقررت أن تمارس هوايتها فى الخياطة مرة أخرى وساعدها فى ذلك المصريين الذين تعرفت عليهم.
وعن مشروعها ونجاحها فى الخياطة قالت هنوف:" سمعت عن مشاريع ماكينات الخياطة وبالفعل بدأت على أول ماكينة فى تصليح الملابس والتفصيل حتى كبر المشروع وأصبح لدى أكثر من ماكينة حتى فتحت الورشة وأصبح لدى زبائن من كل مكان، والحمد لله اسمى اصبح معروف بسمعة جيدة وشغل جيد.
وأنهت حديثها:" مشتاقة لتراب سوريا ، بس للأسف سوريا مش هينفع نرجع لها تانى، بتمنى يرجع الأمن والأمان وربنا يحمى الشعب، كل يوم بشوف الأخبار قلبى بيحترق عليهم ، بس انا خلاص قررت أعيش فى مصر على طول لأنى لقيت حياتى وشغلى فيها وحبيت ناسها الطيبين".
شادى ترك اليمن هاربا من التعذيب وحصل على جوائز رياضية فى مصر

شادى قاسم اليمنى
"زى ما قال المثل بيدوب زى السكر فى الشاى، الواحد بيدوب فى المصريين وروحهم الحلوة "، هو ما قاله شادى قاسم اليمنى المقيم فى مصر منذ 4 سنوات، يعمل شادى خبير ومدرب رياضى، لم يجد فرصته فى اليمن ولكن استطاع أن يحقق طموحاته وأحلامه الرياضية فى مصر وحصل على العديد من الجوائز فى مجال الرياضة، حيث قال عليها "مصر من أقوى دول العالم فى الرياضة".
وعن سبب وجوده فى مصر وحياته الجديدة قال شادى،" كنت أمتلك ثانى أكبر صالة رياضية فى اليمن وحياتى ميسورة الحال، ولكن للأسف الأوضاع فى اليمن حطمت العديد من الشباب، ففى يوم ذهبت لمكان عملى فى الجيم ولكن لن أجده ولم أجد الشارع والناس فالكل اختفى نتيجة الحرب والدمار، حاولت أن أخفى حزنى على مستقبلى الذى ضاع وخصوصا لأن ليس لى ذنب فى ذلك.
وتابع:" نتيجة الدمار والقتل كانت الجثث منتشرة فى الشوارع، فكنت أقوم أنا وأصدقائى بدفنهم فإكرام الميت دفنه، ولكن للأسف تعرضت للاعتقال ثم قررت الذهاب إلى مصر.

شادى
من أكثر المواقف المتناقضة التى شعرت بها فى مصر عندما وصلت وشاهدت الكهرباء، شعرت بحالة من السعادة والحزن فى نفس الوقت فمنذ سنوات عديدة لم أر الكهرباء والأنوار فى اليمن بسبب الاوضاع السياسية، فكان شعور غريب ومتناقض، فأحيانا الحرب تجعلنا نفقد لذة الاشياء وجمالها وقيمتها .
وتابع:" عملت فى إحدى الصالات الرياضية فى مصر لمدة 8 ساعات فى اليوم بوظيفة مدرب للاعبين، والحمد لله بعد فترة حصلت على جوائز رياضية عديدة، فمن اجمل الاشياء التى قدمتها لى مصر هى النجاح فى مجال الرياضة وتحقيق حلمى، فمصر تعتبر أكثر دول العالم الناجحة فى مجال الرياضة".
واستطرد حديثه قائلا"الشعب المصرى عنده روح النكته والفكاهة، فضلا عن ذلك يمتلك قلب كبير وروح الطيبة والجدعنة فمنذ وجودى فى مصر كونت صداقات كثيرة وأتعامل معهم وكأنى واحد منهم".
وعن أسرته الجديدة فى مصر قال شادى "تزوجت من امرأة مصرية تعرفت عليها فى الجيم ولفت نظرى اجتهادها وشخصيتها، اغلب المصريات بيشتغلوا وبيجتهدوا والبنت عندها فكر وثقة فى النفس وثقافة، الحمد لله تزوجتها وعندى طفل".
وأنهى حديثه" اتمنى أن تعود اليمن السعيد ولكن بسبب الظروف السيئة وضعف الثقافات هناك قررت أن استقر فى مصر لأن حياتى ومستقبلى اصبح أفضل فيها".