القارئ أشرف محمد نجيب يكتب: وباء الوحدة

الخميس، 25 يوليو 2019 12:00 م
القارئ أشرف محمد نجيب يكتب: وباء الوحدة مسن حزين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قرأت فى إحدى الصحف عن مبادرة طريفة يقوم بها سعاة البريد للطرق على الأبواب لمساعدة المسنين فى العاصمة البريطانية لندن، رغم طرافة المبادرة وإنسانيتها فإنها تنم عن اهتمام بأمر بالغ الخطورة فى حياة الإنسان وهو الشعور بالوحدة خاصة لدى كبار السن.

فمن عواقب الوحدة أنك من السهل ألا تتمكن من وزن الأمور على  قدرها الصحيح، فبدون شخص يطمئنك أو يمنحك الفرصة لتتحدث عما يضايقك ستتفاقم لديك المخاوف الصغيرة وتبدو أكبر مما هى عليه بالفعل.

وذكرت الكاتبة الرائعة "ليندا بلير" فى كتابها الشيق "كلام فى الصميم" أنه من السهل عندما تكون وحيدا أن تتخذ أنماطا ثابتة من السلوك، وقد تصبح العادات السيئة مترسخة تماما وستشعر بعد ذلك أنه من الصعب عليك التخلص من هذه العادات.

وذهب "كيفين سكنر" فى كتابه عن الإدمان إلى أبعد من ذلك إذ أشار إلى أن العزلة الاجتماعية قد تؤثر على الصحة العقلية، وأكد أن هناك عددا محددا من الاتصالات الاجتماعية يجب على الفرد أن يقوم بها أسبوعيا كى يبقى سليما، مضيفا أنه إذا لم يقم الإنسان بالتواصل مع سبعة أشخاص على الأقل فهذا الإنسان يخاطر بالإصابة بمرض عقلى.

وتعلمنا فى علم النفس العصبى المعرفى أن مواد كيمائية تفرز فى الجسم حال التقارب من الآخرين تسمى "الأوكسيتوسين" Oxytocin تقلل من معدل وقوع أمراض القلب والأوعية الدموية، فى حين أن العزلة تثبط هذه الآلية الدفاعية الطبيعية، وكم كررنا مرارا مقولة "د.أحمد عكاشة" أن الصحة النفسية هى التمركز حول الآخر، والاضطراب النفسى هو التمركز حول الذات"، ولا يغيب الهدى النبوى عن هذه القضية فيوصينا رسولنا الكريم بأن "المؤمن الذى يخالط الناس ويصبر على أذاهم أحب إلى الله من المؤمن الذى لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"، ونختم بقوله تعالى فى سورة آل عمران "الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"{134}، وهى آية كريمة تحمل دلالة واضحة أن الأصل هو الاختلاط على الرغم ما يلاقيه الإنسان من غيظ، بل يجب على الإنسان أحيانا  العفو والتسامح والتعايش مع الناس، وعليه فى أحيان أخرى دفع الأذى والضرر ومحاربة الباطل "وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" {251} البقرة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة