القارئة آية محمود شحاته تكتب: الكولسيوم

الثلاثاء، 04 يونيو 2019 12:00 م
القارئة آية محمود شحاته تكتب: الكولسيوم كولسيوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تخيل أنك تعيش فى العصور اليومانية القديمة

تشد الرحال مع أسرتك لحضور قتال تحت أجواء الإمبراطورية قديمة على سطح البناء الشهير فى روما الذى يدعى "الكولسيوم" أو “colosseum“

لك أن تتخيل أن العنف يحدث لذةً لدى البعض ، قد تحرقك شمعة اليوم ، ولكن بالأمس كانت تستخدم شعلة النيران لإعداد مراسم القتال والمبارزة بين مساجينٍ أو حيوانات ربما !

القسوة مقرونة بالتفاعل الاجتماعى أكثر من ارتباطها بالصفات الشخصية للجناة، فمن الواضح تصرف البعض بعنف ووحشية إذا ما سُيِّروا فى وسطٍ يُجَرِّدُ سلطة الضغوط الأخلاقية ويضفى شرعية على نزع الإنسانية.

 سُطِّرت الكلمات التى قالها زيمباردو للحراس بعد التجربة التى قرر إجراءها فى عام 1971 والتى سميت ب "تجربة سجن ستانفورد"

عندما قاموا بمحاكاة سجن فى قبو الجامعة بمساعدة متطوعين بمقابل مادى ، من الجدير بالذكر أنهم كانوا من الطلاب المتمتعين بالسلامة النفسية، حيثُ قال :

"يمكنكم أن تولدوا إحساساً بالخمول لدى السجناء و الخوف، من الممكن أن توحوا بشيء من التعسف حتى يشعروا بأنكم وبأن النظام وبأننا نسيطر على حياتهم، سوف لن تكون لهم خصوصيات ولا خلوات. سنسلبهم من شخصياتهم وفرديتهم ، سيقود كل هذا إلى شعور بفقدان السيطرة من طرفهم. بهذا الشكل سوف تكون لنا السلطة المطلقة ولن تكون لهم أى سلطة"

، ولكن لم تكتمل التجربة التى خرجت عن السيطرة حيث إن المساجين كانوا قد تعرضوا لأشكال مختلفة من القمع والعنف والاضطراب العاطفى كانت كفيلة بإيقاف التجربة قبل موعدها !

 شكلت التجربة نمطاً لأنماط الطاعة والانصياع التى يظهرها الناس عندما يتعرضون لنظام أيديولوجى يتمتع بدعم اجتماعى ومؤسساتي. خطوط عريضة تسطر معانى السلطة.

 

 أنت نتاج إحداثيات حضارية نشأت عن التفاعل بين البيئة والمحيط والأشخاص .

روى سعد زهران المعتقل السابق فى سجن الأوردي

أنه فى إحدى الليالى اشتد المرض على أحد المسجونين، فصاح زملاؤه مطالبين بإحضار الطبيب الذى عند وصوله اكتشف فوات الأوان وأن السجين قد فارق الحياة. فحرر محضرا بذلك وانصرف، تاركاً إجراءات النقل والتشريح وكتابة التقرير فى الصباح ، الأمر الآن موكل لدى الشاويش أمين. وجد جثة السجين المتوفى تنتظره لإجراء التشريح، استهل الشاويش مهمته بطعن المشرط فى بطن المتوفى فبدأت الجثة تتحرك! من الواضح أن طبيب السجن قد أخطأ فى تشخيص الحالة، ولم يتوفَ السجين بل سيطرت عليه غيبوبةٌ بسبب شدة المرض، فلما ضُرِب المشرط فى أحشائه تحرك من الألم.

اكتملت الرواية باتجاه يدا الشاويش المهولتان بسرعة نحو عنق السجين لكتم أنفاسه التى تصيح بالتمسك بالحياة ، ثم يصيح بانفعال : "ارقد يابن الكلب! ارقد! الدكتور كتب فى الأوراق الرسمية إنك مت. موت يابن الكلب، حتعمل مشكلة للدكتور. موت. موت!!"

شارات ال "التنسيب المكاني" التى تبث إعلاناً صريحاً بأن الوضع أو الواقع هو الذى سبب سلوك الأفراد أكثر من أى شيء موروث فى شخصياتهم.

 يضيف منصبك إليك أكثر مما تضيفه أنت إليه .

تصنع السلطة القوة التى تهيمن على النفس البشرية فتكسبها القوة الغير مقرونة بشروط والتى لاطالما تتجسد فى الطغيان ، قد تحولك السلطة إلى وحشٍ يتنفس "السادية المازوخية" التى تتمثل فى التلذذ بإحداث الضرر للغير وربما الذات.

لكى تكون مسؤولاً سوياً يجب أن تكون على قدرٍ كافٍ من التوازن النفسى الذى يؤهلك لدعم الغير لا لإتلاف البشرية.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة