أعزائى القراء الذين يتسابقون على بناء المساجد ظنا منهم أنها أولى بالصدقة، قال الله تعالى: "وَفِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) الذاريات.
إن دور العبادة تشييدها حق على المؤمنين، وواجب على كل مؤمن أن يساهم فى إنشائها وتجهيزها، لتكون لهم دارا للعبادة، هذا حق لا جدال فيه، ولكن عندما يصبح الأمر مبالغا فيه، وتجد كل من أرد أن يتاجر مع الله يذهب لبناء مسجد، لدرجة أنك تجد فى المدينة الواحدة والقرية الواحدة عشرات المساجد، فأصبح كل مسجد بجوار آخر، وكل زاوية بجوار الأخرى، حتى أصبح السير للصلاة لا يأخذ منك بضع دقائق، الذى هو فى الأصل فيه ثواب وأجر عظيم، لأن فى كل خطوة تخطوها للصلاة حسنة، ولأن المسجد الذى بجوار بيتك أو الذى فى الشارع الذى خلف بيتك يغنيك عن مسجد مدينتك الكبير، الذى يجتمع فيه الناس وعامة المسلمين ما عدت تسير هذه الخطوات وفقدت كم من الحسنات!.
فلم يثمر هذا الإفراط فى بناء المساجد بالقرية الواحدة أو المدينة الواحدة إلا إلى تفرق وتشتت لجماعة المسلمين، فتجد المسجد منهم وقت الصلاة لا تتعد صفوف صلاته الثلاث أو الأربع فى كل صلاة، ومساحة المسجد كبيرة جدا تستوعب الآلاف، ولكن أين هم؟ كل مجموعة فى مسجد أنا هنا بالمسجد الذى بجوار بيتى، وجارى الذى بالشارع الخلفى فى المسجد الذى وراء بيته، وجاره فى الزاوية التى بالشارع المجاور، ماذا يحدث يا أمة الإسلام؟ تشتت الجماعة وضاع القصد من جماعة الصلاة.
التجارة مع الله غير مقتصرة على بناء المساجد فهناك جهات عديدة يمكن لك بها التجارة مع الله، فلتبنى مصنعا وتدعوا فيه الشباب الذين يلتزمون المقاهى جلوسا، ولا يجدون عملا، ساعدهم للعمل بهذا المصنع وتشغيله ليكون منتجا نافعا، أو تكفَّل بعلاج مريض سرطان، أو فشل كلوى، أو بإنشاء دار للأيتام وتوفير حياة كريمة لهم، أو تكفل بزواج وعفة شاب وفتاة غير قادرين على ذلك ،انتشروا فى الأرض؛ بحثا عن الفقراء؛ لتعطوهم حق الله فى أموالكم، لا تجعلوهم يذهبون إلى مساجدكم الذى بذلتم فى بنائها أموالا طائلة يشكون الله منكم ،هم أولى وجوعهم وعريهم، أملئوا بطونهم واستروا أجسادهم، ابنوا لهم أسقف يحتمون بها من حر الصيف، وبرد الشتاء، تبنون المساجد وتهجرونها، وإن ذهبتم إليها للصلاة كان فى المناسبات كصلاة الجمعة أو الأعياد، وتقفون ترددون وراء الإمام الدعاء للفقراء، بالله عليكم افهموا أمر الله فى الصداقات حق الفهم، استعملوا صدقاتكم مع الفقراء حق الاستعمال، وإن كنت ولابد أردت أن تبنى مسجدا، فيكون فى قرية أو مدينة بلا مسجد، وليس قرية أو مدينة فيها عشرات المساجد، هناك أولويات ملحة للصداقات.
" وَالَّذِينَ فِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) المعارج
"فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) البلد.
أعزائى القراء لا تنسوا حق الله فى أموالكم فهو حق للفقراء والمساكين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة