محمد موسى

لا صوت يعلو فوق صوت الاقتصاد

الجمعة، 14 يونيو 2019 08:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
‎إذا نظرنا إلى أي من الصرعات عبر التاريخ، سنجد دائما أنها تنشأ بحثا عن الموارد، أو لتأمين طرق التجارة، أو السيطرة على منابع المواد الخام، فالمعركة دائما ما تبدأ وتنتهي بفعل الاقتصاد.
 
‎طالعت مثل الكثيرين بالداخل والخارج مقال وزير الاستثمار الأسبق يحيى حامد -المنشور بمجلة فورين بولسي-، وعلى الرغم من أن التوجه السياسي للكاتب كوزير في عهد جماعة الإخوان كان حاكما إلا أنني أفضل تناول المقال من الناحية الاقتصادية، لاسيما وقد أسهب الكاتب في تحذيراته من الوضع الاقتصادي الذي يوشك على الإفلاس، وكذلك استنادا على تقرير البنك الدولي بوضع الفقر في مصر، أننا على شفى السقوط في براثن الدولة الفاشلة، وهو ما يجب أن يعتبره الجيران الأوروبيين جرس إنذار، في محاولة لإخافة الشركاء الاقتصاديين لمصر، وخاصة مع قرب موعد طرح السندات الدولية.
 
‎ولكن السؤال: هل حقا مصر توشك على الإفلاس؟؟ هل حقا مصر على مسار الدولة الفاشلة؟؟ هل عملية الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقته مصر بالتعاون مع صندوق النقد الدولي فشلت؟؟
 
‎ولنبدأ بتناول بعض النقاط، حتى تتضح الحقيقة بشكل مبسط. معنى "الإفلاس" هو عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات الخاصة بالدولة، وهو ما يعد أمرا بعيدا عن الحدوث في مصر؛ فمعدل الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ٩١٪؜ تقريبا، وبالنظر إلى خريطة هذه النسبة حول العالم، والتي تحتل صدارتها اليابان ويليها اليونان والسودان، لن نجد مصر ضمن العشرين الأوائل، على الرغم من وجود دول مثل فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة.
 
‎ولذلك فإن رغم ارتفاع حجم الدين العام في مصر، والذي يلتهم جزءا كبيرا من الموازنة العامة للدولة لكن شبح الإفلاس الذي حاول الكاتب رسمه يظل بعيدا جدا، وفي السياق نفسه وضعت الحكومة المصرية الحالية خطة لخفض الدين العام، تستهدف به ضبط حجم الدين بشكل أكثر أمنا، وهو ما يؤكد أكثر أن مصر بعيدة بخطوات عن فكرة الإفلاس التي تمناها الوزير الاخواني .
 
‎أما عن برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي بالتأكيد قد نتج عنه مصاعب اجتماعية جمة لا أحد يمكنه إنكارها، ولكن لا أعتقد أننا ننسى تلك الأيام التي كانت تتحكم السوق السوداء فيها بقيمة الجنيه، وتأكل الاحتياطي النقدي إلى درجة كانت ستعجز عندها عن توفير احتياجاتنا من السلع الأساسية والاستراتيجية، ولعل المهتمين بالشأن الاقتصادي حينها يتذكرون جيدا الشركات الأجنبية التي أعلنت عن إغلاق نشاطها، نظرا لعدم قدرتها على تدبير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد المواد الخام.
 
‎اليوم، وعلي الرغم من عدم اكتمال مشروع الاصلاح، سنجد أن معدلات البطالة انخفضت لنحو ٨.١ ٪؜، وكذلك ارتفاع معدلات النمو لنحو ٥.٦٪؜. والحقيقة لم يقف المشروع عند حد إصلاح المالية العامة فقط، فقد صاحب مشروع الاصلاح طفرة تشريعية مثل قانون الاستثمار الجديد، وكذلك قانون الإفلاس، وأيضا تطور كبير لحق بمركز خدمات المستثمرين، وهي الجهود التي تلقى إشادات دولية واسعة تعني أن مصر على الطريق الصحيح وهو ما تعكسه حصة مصر في الاستثمار الأجنبي الغير مباشر – رغم الأزمة التي تمر بها الأسواق الناشئة - والتي تصل إلي 4% . 
 
‎كل ما سبق يعني بالتأكيد أن مصر تقف بعيدا وبمأمن من الانزلاق في خطر الإفلاس، أو الدولة الفاشلة، ولكن لا يعني أبدا عدم وجود عثرات في الوضع الاقتصادي، لعل أبرزها عدد من المشكلات المتعلقة بالبيروقراطية، وكذلك مزاحمة الدولة للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وأيضا حاجة الحكومة لإعادة ترتيب أولوياتها نحو الإنفاق الذي يحقق خلق وظائف أكبر، تمكن من توليد دخل يسهم في خفض معدلات الفقر، والتي اتسعت بالفعل كفاتورة للإصلاح الاقتصادي.

* تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين









الموضوعات المتعلقة

البناء السياسي

الجمعة، 14 يونيو 2019 08:01 م

صناعة النخبة

الجمعة، 14 يونيو 2019 08:04 م

للأسف الإدانة لاتفيد

الجمعة، 14 يونيو 2019 08:09 م

حتى لا تنتهي الأسطورة

الجمعة، 14 يونيو 2019 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة