هل للاستهبال عقوبة؟.. التمارض فى القانون بين وقوعه أثناء العمل والانقطاع عنه

الأربعاء، 12 يونيو 2019 06:44 م
هل للاستهبال عقوبة؟.. التمارض فى القانون بين وقوعه أثناء العمل والانقطاع عنه التمارض فى العمل - أرشيفية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من المتعارف عليه أن العقوبة التأديبية على الموظف العام حدده الدستور والقانون على حد سواء من خلال عدة جهات هى إما المحاكم التأديبية، سواء النيابة الإدارية، أو جهة الإدارة التى يعمل بها الموظف المتهم، والمشرع وضع قائمة بتلك العقوبات التأديبية التى يجوز لكل جهة من هذه الجهات توقيعها، دون تحديد عقوبة معينة لكل جريمة تأديبية على حدة. 

 

فيما منح كل منها سلطة تقديرية فى اختيار العقوبة التأديبية المناسبة لكل جريمة، وذلك من بين قائمة العقوبات التى يجوز لها توقيعها، والإشكالية التى تلقى بظلالها هنا تتمثل فى مسألة «التمارض فى العمل» أو مثلما يردد الكثيرين «الإستهبال بالتمارض فى العمل» التى يلجأ إليها العديد من العاملين والرأى القانونى فى مسألة التمارض المستمر من العامل وهل هذا يُعد إخلالاَ بأداء مهام الوظيفة بغرض التهرب من أداء مهام الوظيفة  أو التخفيف من أعباء وظيفته – بحسب الخبير القانونى والمحامى حسين الشاذلى. 

 

التمارض يتضح من تعريفه ضرورة توافر أركان تلك المخالفة التأديبية، وهى الركن المادى والمعنوى والقصد، ويتمثل الركن المادى فى مسلك المتمارض بأن يدعى المرض على غير الحقيقة بإبلاغ رؤساءه فى العمل أو زملاءه بذلك أو الظهور أمامهم بظهر المريض، إلا أن الركن المادى لا يصلح منفردا لإقامة المسئولية على المتهم ما لم يرتبط به الركن المعنوى هو توافر سوء النية لتحقيق الغاية و المقصد من سلوكه وهو التهرب من أداء مهامه الوظيفية أو التخفيف من أعباء وظيفته. 

 

والتمارض يقع فى حالتين الحالة الأولى تمارض العامل أثناء العمل، والثانية تمارض مقترن بالانقطاع عن العمل، فتكون الحالة الأولى بأن يدعى العامل التمارض دون الانقطاع العمل للتهرب من أداء المهام الموكلة إليه وحال ثبوت ذلك يكون قد سلك مسلكا يشكل ذنبا إداريا يستوجب المساءلة التأديبية عليه، ويكون إثبات واقعة التمارض فى تلك الحالة بما يحيط بالفعل الايجابى الصادر من المتهم من مؤثرات بارتباط واقعة التمارض بأحداث خارجية كقيام أحد رؤساءه فى العمل بتكلفية بأداء عمل معين لم يكلف به مسبقا أو زيادة الأعباء الوظيفية أو تكليفه بالانتقال لأداء عمل يستوجب الانتقال لجهة غير الجهة التى بها بقر عملة أو لمحافظة أخرى، ويكون عجز المتهم على أثبات صحة مرضه قرينة إذا ارتبطت بتلك الأحداث والمؤثرات الخارجية، ويمكن للجهة الإدارية عرضه على اللجنة الطبية للتأكد من صحة واقعة مرضه من عدمه .

 

أما الحالة الثانية فتتمثل فى انقطاع العامل عن العمل يتبعه ادعاء مرضه على غير الحقيقة، أى أننا بصدد مخالفتين المخالفة الأولى الانقطاع دون سبب أو عذر والثانية التمارض، أما المخالفة الأولى فتثبت على المتهم برفض اللجنة الطبية احتساب فترة الانقطاع عن العمل كلها أو بعضها كأجازة مرضية، وتقام الحجة على المتهم بشأن المخالفة الثانية بما جاء بنتيجة التقرير الطبى لدى عرضه على اللجنة الطبية المختصة، ويُعد قرارها بعدم احتساب كل المدة أو بعضها كأجازة مرضية دليلا قطعيا على تمارض الموظف ما لم يطعن المتهم عليه أو يتظلم منه، لأن ذلك مفاده أن اللجنة الطبية لم ترى سببا يحول دون حضور العامل المنقطع لمقر عمله، لان حالته الصحية لا تستدعى انقطاعه عن العمل .

 

ويعد مسلك العامل فى تلك الحالة خروجا عن مقتضى الواجب الوظيفى لأنه سلك مسلكا يعد ذنبا إداريا غير عابئ ما سيلحق جهة العمل من ضرر يؤثر سلبا على حسن سير العمل بالمرفق العام، وتتضمن تلك المخالفة فى تلك الحالة مخالفتين الأولى الانقطاع عن العمل ويسرى بشأنها الأحكام والقواعد المنصوص عليها فى الخدمة المدنية إذا كانت يعمل بإحدى الجهات التى تخضع لقانون 81 لسنة 2016 ويترتب على ذلك احتساب فترة انقطاعه بدون أجر دون إخلال بالعقوبة التأديبية عن الفعل ذاته .

 

فقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن الأصل لا يجوز للعامل أن يتغيب عن عمله دون أذن سابق من رئيسه «الطعن رقم 339- لسنة 11 ق - جلسة 15/06/1969 -مكتب فنى 14 الجزء 2 - ص 941»، كما استقر قضائها على انه «إذا انقطع العامل عن عمله فلا يستحق أجرا عن مدة انقطاعه - أساس تلك القاعدة : الأجر مقابل العمل - لا يعتبر الحرمان من الأجر عقوبة تأديبية و بالتالى يجوز الجمع بينه وبين مساءلته تأديبيا - أساس ذلك أن الحرمان من الأجر سببه عدم أداء العمل والمساءلة التأديبية سببها إخلاله بسير المرفق «الطعن رقم 519 لسنة 26 ق.ع جلسة 1985».

 

وتأسيسا على ذلك يكون انقطاع العامل عن العمل فى تلك الحالة لمدة خمسة عشر يوما متصلة سببا لإنهاء خدمة العامل وفقا للمادة 68 من القانون سابق الذكر ولو ارتبط انقطاعه عن العمل بواقعة تمارضه، وكذا الحال بشأن انقطاعه عن العمل لمدة ثلاثون يوما غير متصلة فى السنة، ويكون إنهاء خدمة العامل دون الحاجة لإنذاره وهو ما أفتت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى و التشريع بجلستها المنعقدة فى 24 أبريل 2018 - حيث لم يضع قانون 81 لسنة 2016 قيدا على إنهاء خدمة العامل المنقطع عن العمل لمدة خمسة عشر يوما متصلة أو ثلاثون يوما غير متصلة خلال السنة، أى انه يحق لجهة الإدارة إنهاء خدمة العامل إذا تحقق ذلك دون اشتراط إنذار العامل على نحو يخالف ما كان منصوصا عليه فى المادة 98 من قانون 47 لسنة 1978 الملغى . 

 

والذى اشتراط إنذار العامل باعتبارها ضمانه جوهرية مقرره لمصلحة العامل، يترتب على تخلفها بطلان القرار الصادر باعتبار العامل مستقيلا استقالة ضمنية، ويلاحظ هنا أن قانون الخدمة المدنية لم يعتبر أن انقطاع العامل فى الحالات المبينة فى المادة 68، بمثابة استقالة ضمنية، وإنما عد ذلك سببا لإنهاء الجهة الإدارية خدمة العامل. 

 

وهو ما يعنى أنه لم يعُد من حق العامل الرجوع عن الاستقالة الضمنية لأن الجهة الإدارية هى من قررت إنها خدمته ولم يكن ذلك أحد الآثار المترتبة على تلك الاستقالة، وتطبق أحكام قانون الخدمة المدنية على الجهات الغير خاضعة لأحكام هذا القانون أن خلت لوائحها الخاصة عن تنظيم مسائلة بعينها بوصفها الشريعة العامة التى تحكم نظام العاملين المدنين فى الدولة، ويلاحظ أن تطبيق أحكام المادة 68 من قانون 81 لسنة 2016 لا يمنع الجهة الإدارية من إيقاع العقوبة التأديبية على العامل قبل إنهاء خدمته، باعتباره قد ارتكب مخالفة ثانية وهى التمارض وأن اقترنت تلك المخالفة بانقطاعه عن العمل.    

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة