القارئ محمود حمدون يكتب: الرفيق الرابع

الأحد، 05 مايو 2019 04:00 م
القارئ محمود حمدون يكتب: الرفيق الرابع ذبابة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمتلئ السماء فى الليالى الحارة الرطبة  بجحافل من حشرات من كل نوع، تطن، تلسع، أو تقع بسماجة على الوجه، تحط على الجلد، يميّزها عن غيرها، لزوجتها، إصرارها، فكلما هششتها، عادت من جديد، ترقب هدفها، تنطلق إليه، غير عابئة بنهاية تكون بانتظارها لو طالتها يد الضحية ..

 

على أن تلك الليلة الصيفية، لا زالت ذكراها رابضة بالذهن، الجو ساكن، ريح تلفح الوجوه،  الظلام يحلّ بعد أذان المغرب ببطء، ينساب العرق من الجباه، ينحدر سريعا بأقفية ورقاب المارة كماء نار يكوى، يترك مكانه علامات عن مروره القاسى من قبل .، لكن صفاء غريب يحل بالأفق، فقد اختفت الهوام، عدا ذبابة واحدة، بخُيلاء تنطلق فى حركة دائرية، ربما تعى ما تفعل أو تعقل أن الكون حولها قد خلا لها ..قلت لصاحب بجوارى: سخيفة تلك الحشرة، تُصرُّ أن تنغّص لحظتنا، فإن اقتربت أكثر، ينبغى أن نحيط بها، ضربة واحدة فى اتجاهين معاً، فتلقى مصرعها فى الحال ..

 

الصديق يرقب الدوائر التى تصنعها " الذبابة " استغرقته، فانفصل عنى بلُبّه، تاركاً جسده ملقى بجانبى ,,

 

صحت به: أين أنت ؟

 

أفاق ثم قال: أتتبّع حركات هذه " البائسة "، لا تطير بعشوائية كما كنت أظنُّ، بل ترسم بجناحيها دوائر غير مرئية، شفرة تبعث بها إلينا ..

 

قلت: إلينا ؟ من تقصد ؟ أنا و أنت ؟ أم للناس من حولنا، تلفتُّ حولى، كان الهدوء رفيق رابع لنا ..

 

= ربما لنا سوياً، كان ردّه هادئاً واثقاً ..

 

مازحته: أصبحت تعرف لغة الحشرات و الهوام، هنيئاً لك .

 

زادت " الذبابة " من حركتها، طيرانها الراقص، بينما أخرج صاحبى، دفتراً من جيبه و قلم رصاص و أسرع يتبعها بعينيه، يدوّن باهتمام، ساعات حتى فرغ كتابه، فانكفأ على وجهه يخمش الأرض المبتلّة بأظافره يُكمل رسالته .

 

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة