ناقش "معرض الكتاب الإماراتى" فى دورته الأولى التى تنظمها هيئة الشارقة للكتاب بالتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، تاريخ الحركة الأدبية فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وأهم المحطات التاريخية التى شكلت حركة الأدب المحلى وقادت إلى نهضته الممتدة منذ سنوات طويلة وحتى اليوم، فى قراءة متعمقة لواقع الريادة الأدبية والإبداعية، واستعراض للدور الذى لعبته الصحافة والمخطوطات التاريخية واتحادات الكتاب فى تهيئة المناخ لازدهار هذا الواقع الثقافى المتميز عربياً وعالمياً.
الشاعرة شيخة المطيرى
جاء ذلك خلال ندوة حوارية بعنوان "تاريخ الحركة الأدبية في الإمارات"، استضافت كلا من الأديب محمد المر، رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد، والشاعر حبيب الصايغ، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والكاتب والباحث الإماراتى سلطان العميمى مدير أكاديمية الشعر فى أبوظبى، وأدارتها الشاعرة شيخة المطيرى، توقفوا خلالها عند أهم ما يميز الأدب الإماراتى، والمنعطفات التى مر بها تاريخياً، ودور الصحافة والإعلام فى مواكبة الكاتب ومنجزاته وإيصالها للقارئ.
الكاتب محمد المر
وأشار محمد المر، إلى أن الكتابة الأدبية والصحفية تزامنت مع حركة التعليم فى الدولة، لافتاً إلى الدور المحورى الذى لعبته الصحافة فى التعريف بالكتاب ومنجزاتهم، وأن العديد من المبدعين المحليين التصقت كتاباتهم الأدبية فى الصحف وأن كثير منهم انطلقوا من خلال المنابر الصحفية، إلى جانب ارتباط عملية النشر بدور النشر التابعة للصحف آنذاك.
وقال محمد المر:" فى البداية لم يشهد الواقع الثقافى المحلى أى حراك يسعى للترويج إلى الكتاب بل كانت المؤلفات والقصائد والمشاريع الأدبية تنطلق من الصفحات الثقافية فى الصحف المحلية، والتى لها الفضل فى أن تقدم للجمهور هذه الانتاجات، لكن الوضع الآن اختلف فبات هناك الكثير من المنابر التى تنقل الأصوات الأدبية وتقدمها للجمهور ناهيك عن تنوع دور النشر الحكومية والخاصة ما ساهم فى فائدة كبيرة عمت الأدباء وجمهور الثقافة بشكل عام".
وحول أهمية التسويق والترويج للكاتب المحلى، وضرورة تعريف الجماهير بالمنجزات الأدبية الإبداعية الإماراتية، أشار المر إلى وجود تقصير راهن فى مسألة الترويج للمؤلفين لا سيما الرواد، لافتاً إلى عدم وجود أرشفة لكتب المبدعين الإماراتيين بقوله: "لا توجد مكتبة حالياً تمتلك مؤلفات ومنجزات كاتب إماراتى من الرواد بشكل كامل، هناك تقصير واضح فى هذا المجال، إذ من الضرورى أن يكون هنالك أرشيف يحفظ أعمال الأديب والمبدع المحلي ليتم الرجوع إليها وتكون بمثابة الوعاء المعرفي والفكري الجاهز للتعريف بهذه المنجزات وأصحابه.
من جهته قال الشاعر الكبير حبيب الصايغ، حول دور الصحافة بالتعامل مع الكاتب الإماراتى، فى السابق اهتمت الصحافة الثقافية المحلية بالمبدعين المحليين، ونشرت أعمالهم، وكانت النافذة التى يطلع منها القارئ على إبداعاتهم، لكن فى يومنا الراهن علينا أن ننظر إلى حال الصفحة الثقافية، ونبحث من خلالها عن المؤلف وصاحب الكتاب، ولو نظرنا عن كثب لوجدنا غياب عنصرين مهمين عنها وهما الخبر والنص، فإذا أردنا أن نقرأ قصيدة أو قصة أو جزءًا من رواية لا يمكن أن نجدها فى الصحافة اليومية وهى التى كانت فى السبعينيات والثمانينيات تحتفى بالمبدعين والكتاب والأدباء لكن الآن معظم الصفحات والملاحق الثقافية تحتوى على أخبار ومواضيع يمكن أن تجدها في الكثير من المكتبات.
الشاعر والكاتب حبيب الصايغ
وفيما يتعلق بدور اتحاد الكتاب والأدباء الاماراتيين والعرب، وما تقدمه للكاتب والمبدع المحلى قال "الصايغ": أى اتحاد كتاب يكتسب دوره من خلال قانونه الأساسى وعبر رعايته للكتاب والاهتمام بالمطبوعات وتجميع المعلومات عنهم والتعريف بهم وغيرها، ونقوم اليوم باتحاد كتاب وأدباء الإمارات بدور أكبر وهو العمل على الاتحاد العربى وتوسعة رقعة حضور المبدع المحلى كوننا نقود اتحاد العرب، ونحن نعمل مباشرة لصالح الكاتب الإماراتى فى أعوام استحقاق كبيرة فى الدولة، ونحن نعيش فترة نجاح خاصة فى ظل هذا المعرض حيث لم يتجمع كتاب الإمارات يوماً تحت سقف واحد سوى هذه الليلة وهذا أمر يبشر بالخير.
والكاتب والباحث الإماراتى سلطان العميمى
بدوره أشار الكاتب والباحث الإماراتى سلطان العميمى، إلى أن بدايات التدوين الأدبى فى الدولة لا يمكن حصرها بمعزل عن العودة لمؤلفات أبناء الإمارات، مشيراً إلى دور الرحالة شهاب الدين أحمد بن ماجد فى التأريخ لتلك الفترة والتي تعود إلى القرن الخامس عشر للميلاد.
وتابع العميمى، عثر الباحث الفرنسى جبرائيل فران في العام 1912 على مخطوطتين عربيتين فى المكتبة الوطنية فى باريس حملت الأولى عنوان (الفوائد فى أصول علم النحو والقواعد)، لأحمد بن ماجد، والتى ضمت مجموعة من القصائد، وبعد عشر سنوات عثر على نسخة مماثلة للمخطوطة السابقة في المكتبة الظاهرية بدمشق، ثم ظهرت نسخة ثالثة في مكتبة الأستاذ علي التاجر في البحرين، ثم رابعة في الكويت في مكتبة الشيخ عبد الله خلف، وأخرى خامسة في مكتبة البودليان في إكسفورد البريطانية وكل هذا مذكور في مقدمة الكتاب الذي حققه الأستاذ حسن صالح شهاب.
وتابع العميمى، هذا المؤلف المهم الذي انتهى ابن ماجد من كتابته حوالي العام 1490 ميلادى، يضعنا أمام تساؤل حول تاريخ التدوين أو بداياته في دولة الإمارات، حيث أن الظروف الاجتماعية والسياسية والبيئة التي عاشتها المنطقة والدولة حالت دون العثور على مدونات ومخطوطات لأبناء المنطقة ولو لم تصلنا نسخ من مؤلفات ابن ماجد لفقدنا أعماله تماماً وبلا شك أن تاريخ التدوين في الدولة مرهون بما وصلنا من مخطوطات ونوادر نقيس من خلالها ذلك الزمن، فتلك المؤلفات دلّت أيضاً على إبن ماجد الشاعر والباحث والعالم، ما يضعنا أمام كنوز أدبية وثقافية وإنسانية.
وأضاف العميمى، ابن ماجد أقدم شعراء الفصحى فى دولة الإمارات ويعود تاريخ قصائده التى عثر عليها إلى القرن الخامس عشر، كما يجب التحقيق والدراسة بها مثلما نالت أعماله الأخرى من التحقيق والدراسة من نخبة الباحثين وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسميى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذى حقق بنسبه ومكان نشأته وصحح الفكرة الخاطئة عن إبن ماجد وعلاقته بفاسكو دى جاما، ليأتى بعده قصائد الماجدى بن ظاهر، وقد حظيت بالتدوين، حيث يعود تاريخها إلى قرن التاسع عشر وقد ضمنها فى مخطوطة محفوظة توجد حالياً فى جامعة ستراسبورغ في فرنسا يعود تاريخها إلى 150 عام ودّونت فى المملكة العربية السعودية وانتقلت إلى هناك عبر المستشرق شارل أوبير.
يشار إلى أن فعاليات معرض الكتاب الإماراتى تتواصل حتى مساء الأربعاء المقبل 28 مايو الجارى، ويشهد مساء اليوم تنظيم جلسة حوارية تحت عنوان "الرواية الإماراتية الآن"، تشارك فيها كل من الكاتبات: إيمان اليوسف، وصالحة عبيد، ونادية النجار.
جانب من الندوة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة