حكايات ألف ليلة وليلة.. حكاية الوزير بدر الدين وشمس الدين أخيه (6)

الأربعاء، 22 مايو 2019 05:00 م
حكايات ألف ليلة وليلة.. حكاية الوزير بدر الدين وشمس الدين أخيه (6) حكايات ألف ليله وليله
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الليلة السابقة، قام الوزير شمس الدين برحلة إلى الموصل بحثا عن ابن شقيقه حسن بدر الدين، واصطحب معه حفيده وفى طريقهما نزلا فى دمشق.
 
فى الليلة الرابعة والعشرين قالت: بلغنى أيها الملك السعيد: أن جدة عجيب لما سمعت كلامه اغتاظت ونظرت إلى الخادم، وقالت: ويلك هل أنت أفسدت ولدى لأنك دخلت به إلى دكاكين الطباخين فخاف الطواشى وأنكر، وقال ما دخلنا الدكان ولكن جزنا جوازاً فقال عجيب والله لقد دخلنا وأكلنا، وهو أحسن من طعامك فقامت جدته وأخبرت أخا زوجها وأغرته على الخادم فحضر الخادم قدام الوزير، فقال له لم دخلت بولدى دكان الطباخ فخاف الخادم وقال ما دخلنا، فقال عجيب بل دخلنا وأكلنا من حب الرمان حتى شبعنا، وسقانا الطباخ شراباً بثلج وسكر فازداد غضب الوزير على الخادم وسأله فأنكر، فقال له الوزير إن كان كلامك صحيحاً فاقعد وكل قدامنا فعند ذلك تقدم الخادم وأراد أن يأكل فلم يقدر ورمى اللقمة وقال يا سيدى إنى شبعان من البارحة.
 
فعرف الوزير أنه أكل عند الطباخ، فأمر الجوارى أن يطرحنه، فطرحنه، ونزل عليه بالضرب الوجيع، فاستغاث وقال: يا سيدى إنى شبعان من البارحة. ثم منع عنه الضرب. وقال: انطق بالحق.
 
 قال أعلم أننا دخلنا دكان الطباخ وهو يطبخ حب الرمان فغرف لنا منه والله ما أكلت عمرى مثله ولا رأيت أقبح من هذا الذى قدامنا فغضبت أم حسن بدر الدين، وقالت لا بد أن تذهب إلى هذا الطباخ وتجىء لنا بزبدية حب الرمان من الذى عنده وتريه لسيدك حتى يقول أيهما أحسن وأطيب، فقال الخادم: نعم ففى الحال أعطته زبدية ونصف دينار فمضى الخادم حتى وصل إلى الدكان وقال للطباخ نحن تراهنا على طعامك فى بيت سيدنا لأن هناك حب رمان طبخه أهل البيت فهات لنا بهذا النصف دينار وأدر بالك فى طهيه وأتقنه فقد أكلنا الضرب الموجع على طبيخك.
 
فضحك حسن بدر الدين وقال والله أن هذا الطعام لا يحسنه أحد إلا أنا ووالدتى وهى الآن فى بلاد بعيدة ثم أنه عرف الزبدية وأخذها وختمها بالمسك وماء الورد فأخذها الخادم وأسرع بها حتى وصل إليهم فأخذتها والدة حسن وذاقتها ونظرت حسن طعمها فعرفت طباخها فصرخت ثم وقعت مغشياً عليها فبهت الوزير من ذلك، ثم رشوا عليها ماء الورود بعد ساعة أفاقت وقالت إن كان ولدى فى الدنيا فما طبخ حب الرمان هذا إلا هو وهو ولدى حسن بدر الدين لا شك ولا محالة لأن هذا طعامه وما أحد يطبخه غيره إلا أنا لأنى علمته طبيخه. 
 
فلما سمع الوزير كلامها فرح فرحاً شديداً، وقال واشوقاه إلى رؤية ابن أخى أترى تجمع الأيام شملنا وما نطلب الاجتماع به إلا من الله تعالى، ثم إن الوزير قام من وقته وساعته وصاح على الرجال الذين معه وقال يمضى منكم عشرون رجلاً إلى دكان الطباخ ويهدمونها ويكتفونه بعمامته ويجرونه غصباً إلى مكانى من غير إيذاء يحصل له، فقالوا له نعم ثم إن الوزير ركب من وقته وساعته إلى دار السعادة واجتمع بنائب دمشق وأطلعه على الكتب التى معه من السلطان فوضعها على رأسه بعد تقبيلها وقال من هو غريمك، قال رجل طباخ ففى الحال أمر حجابه أن يذهبوا إلى دكانه فذهبوا فرأوها مهدومة وكل شيء فيها مكسور لأنه لما توجه إلى دار السعادة فعلت جماعته ما أمرهم به وصاروا منتظرين مجيء الوزير من دار السعادة وحسن بدر الدين يقول فى نفسه يا ترى أى شىء رأوا فى حب الرمان حتى صار لى هذا الأمر فلما حضر الوزير من عند نائب دمشق وقد أذن غريمه وسفره به فلما دخل الخيام طلب الطباخ فأحضروه مكتفاً بعمامته.
 
فلما نظر حسن بدر الدين إلى عمه بكى بكاء شديداً وقال يا مولاى ما ذنبى عندكم فقال له أنت الذى طبخت حب الرمان قال نعم فهل وجدتم فيه شيئاً يوجب ضرب الرقبة فقال هذا أقل جزائك فقال له يا سيدى أما توقفنى على ذنبى، فقال له الوزير: نعم فى هذه الساعة، ثم إن الوزير صرخ على الغلمان وقال هاتوا الجمال، وأخذوا حسن بدر الدين معهم وأدخلوه فى صندوق وقفلوا عليه وساروا ولم يزالوا سائرين إلى أن أقبل الليل فحطوا وأكلوا شيئاً من الطعام وأخرجوا حسن بدر الدين فأطعموه وأعادوه إلى الصندوق ولم يزالوا كذلك حتى وصلوا إلى مكان فأخرجوا حسن بدر الدين من الصندوق وقال له هل أنت طبخت حب الرمان، قال نعم يا سيدى.
 
فقال الوزير قيدوه فقيدوه وأعادوه إلى الصندوق وساروا إلى أن وصلوا إلى مصر وقد نزلوا فى الزيدانية فأمر بإخراج حسن بدر الدين من الصندوق وأمر بإحضار نجار وقال اصنع لهذا لعبة خشب، فقال حسن بدر الدين وما تصنع بها فقال أصلبك وأسمرك فيها، ثم أدور بك المدينة كلها، فقال على أى شيء تفعل بى ذلك فقال الوزير على عدم إتقان طبيخك حب الرمان كيف طبخته وهو ناقص فلفلاً فقال له وهل لكونه ناقص فلفلاً تصنع معى هذا كله أما كفاك حبسى وكل يوم تطعمون بأكلة واحدة فقال له الوزير من أجل كونه ناقصاً فلفلاً ما جزاؤك إلى القتل، فتعجب حسن بدر الدين، وحزن على روحه وصار يتفكر فى نفسه فقال له الوزير فى أى شيء تتفكر، فقال له فى العقول السخيفة التى مثل عقلك فإنه لو كان عندك عقل ما كنت فعلت معى هذه الفعال لأجل نقص الفلفل فقال له الوزير يجب علينا أن نؤدبك حتى لا تعود لمثله.
 
فقال حسن بدر الدين إن الذى فعلته معى أقل شيء فيه أدبى فقال لا بد من صلبك وكل هذا والنجار يصلح الخشب وهو ينظر إليه ولم يزالوا كذلك إلى أن أقبل الليل فأخذه عمه ووضعه فى الصندوق وقال فى غد يكون صلبك، ثم صبر عليه حتى عرف أنه نام فقام وركب وأخذ الصندوق قدامه ودخل المدينة وسار إلى أن دخل بيته ثم قال لابنته ست الحسن: الحمد لله الذى جمع شملك بابن عمك قومى وافرشى البيت مثل فرشة ليلة الجلاء فأمرت الجوارى بذلك، فقمن وأوقدن الشمع وقد أخرج الوزير الورقة التى كتب فيها أمتعة البيت ثم قرأها وأمر أن يضعوا كل شيء فى مكانه حتى أن الرائى إذا رأى ذلك لا يشك فى أنها ليلة الجلاء بعينها، ثم أن الوزير أمر أن تحط عمامة حسن بدر الدين فى مكانها الذى حطها فيه بيده وكذلك السروال والكيس الذى تحت الطراحة ثم أن الوزير أمر ابنته تتحف نفسها كما كانت ليلة الجلاء وتدخل المخدع.
 
زقال لها: إذ دخل عليك ابن عمك فقولى له قد أبطأت على فى دخولك بيت الخلاء ودعيه يبيت عندك وتحدثى معه إلى النهار وكتب هذا التاريخ. ثم أن الوزير أخرج بدر الدين من الصندوق بعد أن فك القيد من رجليه، كل هذا وهو نائم لا يعرف بذلك ثم انتبه بدر الدين من النوم فوجد نفسه فى دهليز نير، فقال فى نفسه هل أنا فى أضغاث أحلام أو فى اليقظة، ثم قام حسن بدر الدين فمشى قليلاً إلى باب ثان ونظر وغدا هو فى البيت الذى انجلت فيه العروسة، ورأى المخدع والسرير ورأى عمامته وحوائجه، فلما نظر ذلك بهت وصار يقدم رجلاً ويؤخر أخرى وقال فى نفسه هل هذا فى المنام أو فى اليقظة وصار يمسح جبينه ويقول وهو متعجب والله إن هذا مكان العروسة التى انجلت فيه على، فإنى كنت فى صندوق، فبينما هو يخاطب نفسه وإذا بست الحسن رفعت طرف الناموسية وقالت له يا سيدى أما تدخل فإنك أبطأت على فى بيت الخلاء فلما سمع كلامها ونظر إلى وجهها وضحك وقال إن هذه أضغاث أحلام، ثم دخل وتنهد وتفكر فيما جرى له وتحير فى أمره وأشكلت عليه قضيته ولما رأى عمامته وسرواله والكيس الذى فيه الألف دينار، قال: الله أعلم أنى فى أضغاث أحلام، وصار من فرط التعجب متحيراً، وهناك أدرك شهرزاد الصباح.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة