فى ذكرى رحيل أمل دنقل.. نقرأ معا قصيدة "الموت فى لوحات"

الثلاثاء، 21 مايو 2019 01:06 م
فى ذكرى رحيل أمل دنقل.. نقرأ معا قصيدة "الموت فى لوحات" الشاعر الراحل أمل دنقل
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم ذكرى رحيل الشاعر المصرى الكبير أمل دنقل، الذى توفى بعد رحلة مع المرض اللعين فى 21 مايو من عام 1983، وقد كان أمل دنقل على معرفة بالموت، فقد كتب عنه الشعر ومن ذلك قوله فى قصيدة "الموت فى لوحات":

(1)

مصفوفة حقائبى على رفوف الذاكرة

والسفر الطويل ..

يبدأ دون أن تسير القاطرة !

رسائلى للشمس..

تعود دون أن تمسّ !

رسائلى للأرض..

تردّ دون أن تفضّ !

يميل ظلّى فى الغروب دون أن أميل!

وها أنا فى مقعدى القانط.

وريقة.. وريقة.. يسقط عمرى من نتيجة الحائط

والورق الساقط

يطفو على بحيرة الذكرى، فتلتوى دوائرا

وتختفى .. دائرة .. فدائرة !

(2)

شقيقتى "رجاء" ماتت وهى دون الثالثة.

ماتت وما يزال فى دولاب أمّى السّري

صندلها الفضّيّ!

دارها المشغول، قرطها، غطاء رأسها الصّوفيّ

أرنبها القطنى!

وعندما أدخل بهو بيتنا الصامت

فلا أراها تمسك الحائط.. علّها تقف!

أنسى بأنّها ماتت..

أقول.. ربّما نامت..

أدور فى الغرف.

وعندما تسألنى أمّى بصوتها الخافت

أرى الأسى فى وجهها الممتقع الباهت

وأستبين الكارثة!

(3)

عرفتها فى عامها الخامس و العشرين

والزمن العنّين ..

ينشب فى أحشائها أظفاره الملويّة

صلّت إلى العذراء، طوفّت بكلّ صيدليّة

تقلّبت بين الرجال الخشنين!

.. وما تزال تشترى اللّفائف القطنيّة!

.. ما تزال تشترى اللّفائف القطنيّة !

... ... ... .. .. ...

وحين ضاجعت أباها ليلة الرعد

تفجّرت بالخصب و الوعد

واختلجت فى طينها بشارة التكوين !

لكنّها نادت أباها فى الصباح ..

فظلّ صامتا !

هزّته .. كان ميّتا !!

(4)

من شرفتى كنت أراها فى صباح العطلة الهادئ

تنشر فى شرفتها على خيوط النور و الغناء

ثياب طفليها، ثياب زوجها الرسميّة الصفراء

قمصانه المغسولة البيضاء

تنشر حولها نقاء قلبها الهانئ

وهى تروح و تجيء

... ... ... ... ... ... ...

والآن بعد أشهر الصيف الرديء

رأيتها .. ذابلة العينين و الأعضاء

تنشر فى شرفتها على حبال الصّمت و البكاء

ثيابها السوداء !

(5)

حبيبتى فى لحظة الظلام، لحظة التوهّج العذبة

تصبح بين ساعدى جثّة رطبه !

ينكسر الشوق بداخلى، و تخفت الرغبة

أموء فوق خدّها

أضرع فوق نهدها

أودّ لو أنفذ فى مسامّ جلدها

لكن .. يظلّ بيننا الزجاج .. و الغياب .. و الغربة !

.. ... ... ... ... .... .. ...

وذات ليلة، تكسّرت ما بيننا حواجز الرّهبة

فاحتضنتنى .. بينما نحن نغوص فى قرار التربة

تبعثرت فى رأسها شرائح الصورة و النجوم

واختلطت فى قلبها الأزمنة الهشيم

لكنّها و هى تناجى

سمعتها تناديني

باسم حبيبها الذى قد حطّم اللّعبة

مخلّفا فى قلبها .. ندبة !!

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة