أكرم القصاص

عجائب الدعاية والفنكوش.. الخير أيضا يحتاج إلى تسويق

الثلاثاء، 21 مايو 2019 07:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما ظهر «الفنكوش» فى فيلم واحدة بواحدة تحول إلى إفيه، ومجرد خيال، لكن مع تطور علوم الإعلان والدعاية والتسويق أصبح من الممكن أن يبيع البعض منتجا غير موجود بعد مثل الفنكوش، والمفارقة أن هذا البائع يجد مشترين يحجزون هذا الفنكوش وينتظرون ظهوره، الأمر أكثر من مجرد إفيه، لأنه يتعلق بتطورات تقنية واقتصادية طورت من علوم التسويق بشكل تجاوز مجرد تسويق سلعة إلى تسويق وبيع حروب وصراعات بجانب السلع والمنتجات.
 
 حتى ما قبل عصر الاتصالات والاقتصاد الرمزى، كانت مهمة الدعاية هى تسويق بضائع أو سلع أو منتجات موجودة بالفعل، لكن مع تحولات زمن الاتصالات أصبح من الممكن أن يتم تسويق منتج لم يوجد بعد، تماما مثل «الفنكوش» الذى ظهر فى فيلم واحدة بواحدة، وهو مقتبس من الفيلم الأمريكى Lover, Come Back . وارتبط مع الجمهور باسم الفنكوش، المنتج الذى اشتهر قبل أن يظهر. 
 
نقول هذا بمناسبة جدل مستمر حول الإعلانات فى شهر رمضان، والمسلسلات، والأمر يتجاوز تسويق السلع والمنتجات إلى تسويق الأفكار والحروب والبضائع، والحرب التجارية الكبرى بين الولايات المتحدة والصين خلفها الكثير من الدعاية. 
 
أثناء التجهيز لغزو العراق استعانت إدارة جورج دبليو بوش بشركة أسندت إليها مهمة تسويق الحرب وتصوير عملية غزو العراق على أنها لصالح العالم والحرية والاقتصاد، وكانت الشركة التى استعانت بها الإدارة الأمريكية لتسويق الغزو، متخصصة فى تسويق البضائع الراكدة، ونجحت فى تسويق نوع راكد من الأرز، واعتبرت الإدارة أن الشركة التى تنجح فى تسويق البضاعة الراكدة يمكنها تسويق الحرب بين الحلفاء والخصوم لإقناعهم بأهمية الغزو تحت مسمى «كسب العقول والقلوب».
 
 وقد استعانت الشركة بأعداد من الكتاب والصحفيين فى العالم وليس فقط فى الولايات المتحدة لتسويق هذه الحرب وكان أبرزهم الكاتب «توماس فريدمان» الذى كان ظاهرة فى تبشيره بالغزو والحرب وألف كتابه «السيارة الليكزاس وغصن الزيتون»، ليبشر الشرق الأوسط بعصر من الرخاء والنمو، كان فريدمان ضمن مخطط شركة تسويق الحرب والغزو، وبعد عقود اتضح أن الغزو دمر العراق وأنتج تنظيمات إرهابية وتسبب فى قتل عشرات الآلاف بناء على أدلة مزيفة. 
 
ونقول هذا لنشير إلى أن الدعاية والإعلان ليست شرا فقط ولا خيرا، لكنها وسيلة يمكن توظيفها فى اتجاهات مختلفة، وهذا بمناسبة جدل دائر حول مشروعية إعلانات التبرع لمؤسسات تعليمية وصحية مثل مراكز الأورام أو المستشفيات أو مراكز القلب، هناك أسئلة حول أحقية الجهات التى تمارس عملا خيريا فى الإعلان لاستدرار عطف المشاهدين حتى يتبرعوا، وهذه المؤسسات بالفعل تنفق نسبة لا يستهان بها من التبرعات لجذب المزيد من التبرعات، وهناك أعداد من «القائمين» على هذه المؤسسات الخيرية الأهلية، يحصلون على مبالغ ضخمة فى صورة رواتب ومكافآت، وعمولات، وتقول هذه المؤسسات إنها لو لم تعلن عن نشاطها لن يعرف الناس عنها شيئا، وهناك مستشفيات مثل أبو الريش للأطفال ومعهد الأورام القومى تقدم خدماتها مجانا وتعانى من نقص شديد فى التمويل وميزانياتها لا تكفى أسابيع، بينما هناك مؤسسات أخرى نجحت فى الوصول إلى الجمهور وتحصل على ملايين، لأنها تجيد تسويق الفكرة وتجذب عطف ومشاعر المواطنين.
 
ولا ينكر القائمون على هذه المؤسسات أهمية الدعاية فى جذب أموال توظف لخدمة المرضى وغير القادرين، بل إن أحد العلماء الكبار ظل يرفض حتى وقت قريب عمل إعلانات لمؤسسته الكبرى للقلب، واشترط أن تكون الدعاية تبرعات من نجوم أو غيره. واكتشف أن الدعاية مهمة لجذب مزيد من التبرعات تساهم فى التوسع فى أنشطة المركز. كل هذه الأفكار مطروحة من زوايا مختلفة، فى مجتمع متشابك، وعلى كل طرف أن يجيد تسويق نفسه ومنتجاته، حتى يجد لنفسه مكانا.
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة