محمد الدسوقى رشدى

اللعب السياسى فى زمن «الهاشتاجات»

الأحد، 19 مايو 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى السنوات الماضية، وكما كان مخططًا، حاولت السوشيال ميديا بفيسبوكها وتويترها، أن تنال من كل شىء، وتشوه صورة كل شىء فى المعادلة السياسية والرياضية والفنية المصرية، بعض المحاولات نجحت وكثير منها فشلت خاصة التى استهدفت اثنين.
 
الأول منهما هو كيان الجيش المصرى وصورته.. حاول النشطاء منفردين، وحاولت لجان الإخوان الإلكترونية شن كل الحملات لتشويه الجيش المصرى والنيل منه وفشلت، بل وانسحقت تمامًا هذه اللجان فى كل حملة خاضتها، وأنفقت عليها ملايين أمام صخرة الجيش المصرى ورجاله بوعى شعب أدرك أن جيشه مستهدف، فقرر أن يكون درعه وسيفه لحمايته من الهجمات الإلكترونية.
 
الكيان الثانى هو رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، على عكس من سبقوه، وتحديدًا المعزول محمد مرسى، لم تنجح السوشيال ميديا بحملاتها المختلفة فى النيل من صفة الرئيس وشخصه، وغباء الإخوان ومنظمى حفلات «الهاشتاجات» حال بينهم وبين إدراك تلك الحقيقة القائلة بأن المواصفات الشخصية للرئيس السيسى، فيما يخص هذا النطاق، مختلفة عن الآخرين، لم يدركوا أن الرئيس منذ اللحظة الأولى فى خطاباته التى يقتطعونها من سياقها للسخرية لم يكن يحدثهم، بل كان يحدث ملايين آخرين فى الشارع، أثر فيهم باستخدامه «نحن» حينما يخاطبهم بدلًا  من «أنا» التى اعتادوا عليها فى السنوات السابقة.
 
يدرك الإخوان جيدًا ومن يمول حملاتهم الإلكترونية أن لعبة «الهاشتاجات» هدفها الرئيسى إحداث شرخ فى جدار الثقة بين المواطن والرئيس، والتأثير على شعبية الرئيس باستهداف شخصه، ولكن غاب عنهم إدراك أن منهج السيسى مختلف منذ اللحظة الأولى، لا يراهن علىالشعبية ولعبة الهتاف باسمه، لاحظ أن الرئيس فى كل مناسبة يرفض الهتاف باسمه ويطلب الهتاف لمصر.
 
لم يقرأ الإخوان شخصية السيسى جيدًا، وإلا كانوا استخلصوا من تحركاته أن الرجل الذى قرر الابتعاد عن المسكنات، وعمليات الإرضاء الشعبية، والعمل فى مشروع إعادة تأسيس العمود الفقرى للوطن بمشروعات البنية التحتية، وكل ما ينقذ مستقبل الوطن الاقتصادى لا يضع فى قائمة اهتمامه الأولى شعبيته أو صورته، هو يتصرف وفق عقيدة الجيش الذى تربى داخل صفوفه، بأن المقاتل يتحرك فى أرض المعركة مضحيًا بنفسه وبدمه دون انتظار مقابل، أو تصفيق حاد من الجماهير.
 
لم يفهم الإخوان ومن معهم شخصية الرئيس حتى هذه اللحظة، لذا ستظل حملاتهم الإلكترونية تتحطم على صخرة الغباء، والمفاجأة المستمرة والمكررة بأن كل «هاشتاج» ينفقون عليه المال لإهانة الدولة ومؤسساتها، سواء الجيش أو الرئاسة، سيجد من يرد عليه من المواطنين الذين أدركوا بالتجربة أن كل قادم من أرض الإخوان أو نشطاء السبوبة تحت شعار الوطن، هو أمر مشكوك فيه، لأنهم لم يعهدوا من الإخوان ولا من آلهة السوشيال ميديا العمل لوجه الله أو الوطن.
 
المعارضة حق، وانتقاد السلطة حق، سواء كان كتابة أو «هاشتاج» أو هتافًا، ولكن يبقى السؤال: من يعارض، ومن «يهشتج»، ومن يدفع، ومن يمول حالة «الهشتجة»؟.. تعلمنا فى السنوات الماضية أن الإخوان وذيولهم من أهل السوشيال ميديا لا يفعلون شيئًا لله وللوطن، وتعلمنا أن فقدان النشطاء للثقة الشعبية وفشل الإخوان فى لعبة الإرهاب وحملات التشكيك والشائعات لم يترك فى جعبتهم سوى سلاح واحد، هو اللعب على «فيس بوك» و«تويتر»، واللجوء إلى الساحة الافتراضية بشعارات الوهم والترافيك المزيف، يعنى أن اللاجئ أفلس فى إحداث أى تغيير أو تأثير فى أرض الواقع، وتعلمنا أيضًا أن ركوب بعض الشخصيات أى تحرك «هشتاجى» على السوشيال ميديا، مثل أيمن نور ومعتز مطر والبرادعى وحمزة زوبع وغيرهم، ثم تبنى فضائيات الإخوان والجزيرة القطرية هذه الحملة الإلكترونية أمر يدفعنا للشك فى هذه التحركات، واليقين فى أنها ليست لوجه الوطن، لأن المعادلات الرياضية تخبرنا وبكل بساطة أن كل تحرك إلكترونى يتصدر مشهده غير الشرفاء هو بالتبعية غير شريف، تحركه الأغراض وتتلاعب به أيادى النصب الإلكترونية لمنحه وهجًا بأرقام إلكترونية سهل تزييفها ومضاعفتها بحفنة دولارات.
 
الحقيقة الوحيدة الجلية هنا أنه لا يوجد شخص أكثر بؤسًا من هذا الذى يتخيل أن المعارضة «هاشتاج»، وزميله الذى يتصور أنه يستطيع هز السلطة الحاكمة بنفس «الهاشتاج»، وصاحبهما الهارب فى تركيا الذى يعتقد أنه يستطيع هز الدولة المصرية أو إرباكها وتشويه مؤسساتها بـ«هاشتاج»، وأخوهم المغيب على السوشيال ميديا المقتنع بأن الثورة ستشتعل بـ«هاشتاج».
 
«هشتج» كما تريد فى الساحة الافتراضية يا سيدى أنت وهو، ولكن تذكروا أن المصريين فى الشوارع أصبحوا أكثر وعيًا من مكتب إرشادكم ونشطائكم ومموليكم وإعلام معتز مطركم، أهل مصر تعلموا من التجربة جيدًا، ولن يصدقوا ولن يؤمنوا ولن يثقوا إلا بمن يستمد قوته من الناس، ومن أرض هذا الوطن الذى يصعب أن يمنح مدده إلا للمخلصين الذين يعملون للحفاظ عليه، لا إلى من كان يريد تهميشه لصالح الممول القطرى أو التركى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة