سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 إبريل 1925.. «سعد زغلول فى حوار عاصف مع هدى شعراوى بمنزله.. ويسألها غاضبا: «من أنت؟ ومن تكونين؟»

الجمعة، 05 أبريل 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 إبريل 1925.. «سعد زغلول فى حوار عاصف مع هدى شعراوى بمنزله.. ويسألها غاضبا: «من أنت؟ ومن تكونين؟» سعد زغلولو وهدى شعراوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توجهت السيدة هدى شعراوى إلى منزل سعد باشا زغلول الساعة الحادية عشرة صباح يوم 5 إبريل «مثل هذا اليوم - 1925»، وفقا لمذكراتها، مضيفة: «كانت» خادمة أفرنجية تنتظرنى، وأبلغتنى بصوت مضطرب: «سيدى يعتذر لمرضه عن النزول، فإذا كنت تنوين مقابلته ولا يصعب عليك الصعود إلى الطابق الأعلى فتفضلى، فقلت لها: «أستطيع الصعود.. فقط أخبريه بحضورى»، فعادت بعد قليل تدعونى للصعود».
 
تتذكر «شعراوى» أنها، وجدت سعد باشا على كرسى بمسندين، ولما رآها هم قائما ببطء، وطلب منها أن تعذره إذا كان أتعبها بالصعود لشعوره بتعب فى صدره على أثر نزلة شعبية، وسألها عن صحتها وأولادها، وسكت بعدها، لتبدأ هى فى شرح سبب زيارتها.
 
تعد هدى شعراوى «23 يونيو 1879-12 ديسمبر 1947» رائدة حركة تحرير المرأة فى مصر، وهى زوجة «على شعراوى باشا»، أحد الذين حملوا عبء الكفاح مع سعد باشا فى المراحل الأولى لثورة 1919، ووفقا لمذكراتها فإن زوجها اختلف مع سعد وهم فى باريس لحضور مؤتمر السلام عام 1919 لعرض قضية استقلال مصر، وعاد من باريس ولم يستقبل سعد وقت عودته إلى القاهرة.
 
 كان المناخ السياسى مضطربا وقت زيارتها لسعد، وأبرز مشاهده قرار الملك فؤاد بحل مجلس النواب بعد جلسته الافتتاحية وانتخاب سعد زغلول رئيسا له، ورفض الملك استقالة وزارة زيور باشا، ووفقا لعبد الرحمن الرافعى فى الجزء الأول من «فى أعقاب الثورة المصرية» ثورة 1919»، مؤكدا: «لم يعش ذلك المجلس سوى تسع ساعات، لأنه انعقد فى الحادية عشرة صباحا وحل فى الثامنة مساء، فكان أقصر المجالس النيابية عمرا».
 
 دفعت هذه الأحوال «شعراوى»، لأن تكتب رسالة إلى «سعد» تقول فيها، إنها تضم نفسها إلى جانب الداعين إلى الاتحاد فى مواجهة إيعاز الإنجليز بهدم الوفد والأحزاب الأخرى بتكوين حزب جديد اسمه «الاتحاد»، وأنها جست نبض حزب «الأحرار الدستوريين»، فوجدت من جانبهم ميلا..وتؤكد أنها طلبت مقابلة سعد لهذا الغرض فرحب بقدومها فى الوقت الذى تختاره من العاشرة صباحا أو الخامسة مساء.
 
تسجل «شعراوى» فى مذكراتها حوارا مثيرا وعاصفا ونديا بينها وبين سعد فى مقابلتهما، سألته، إذا كان يوافق مبدئيا على الغرض الذى جاءت من أجله، فأجابها: «يجب أن نتناقش أولا، قلت: «الموضوع واضح، فإما أنك تشعر مثلى بأن الحالة السيئة التى نحن فيها الآن تحتم الاتحاد، وإما أنك لا تشاركنى هذا الرأى، وفى هذه الحالة لا فائدة من المناقشة»، قال: سبحان الله، كيف دون مناقشة يمكننى أن أقول شيئا؟، من يكره الاتحاد؟ لا أحد يميل للاتحاد مثلى، ولكنى أريد أن أعرف مع من سيكون؟ وعلى أى قاعدة ولأى غرض؟ قلت: «أما السؤال الأول، فالاتحاد يكون مع خصومك، وعلى القاعدة التى تضعونها بعد التفاهم..وأما الغرض فهو واضح كالشمس.. إخراج البلد من المأزق الذى هى فيه بسبب الانقسام، ومنعها من السقوط فى الهوة السحيقة التى ستسقط فيها إن لم تتحد الأحزاب وتعمل كلها يدا واحدة لمقاومة عدو الجميع.. العدو الخارجى»، قال: أتريدين أن تتحدى مع من هدموا الدستور؟، قلت: ومن هدم الدستور؟ كيف يكون وراءك أربعة عشر مليونا من الأنفس»، عدد سكان مصر وقتئذ، ثم يأتى «زيور باشا»، بمفرده ويخرجه منه، ثم لماذا لم تقل له عندما طلب منك الخروج وقفل مجلس النواب ما قلته عندما طلب الإنجليز نفيك: «أنا هنا بقوة الأمة ولا أخرج إلا برغبتها؟».قال متأثرا: «لم يكن هناك وقت للتفكير»، قلت: «سبحان الله، هل فى مثل هذه الظروف ينطق القلب أم العقل؟، كان يجب أن تخرج هذه الكلمة من قلبك، فالوطنية الصادقة تنطق بما يوافق الظروف».
 
تتذكر «شعراوى» أن «سعد» أطرق ساكنا ثم رفع رأسه، وقال: «لماذا تؤاخذيننى على كل ذنب ولا تفعلى ذلك مع غيرى؟، قلت: «غيرك مسؤول عن نفسه ولا تؤيده الأمة، فإذا أخطأ فلنفسه، أما أنت فتتكلم عن أربعة عشر مليونا، فإن أخطأت، أخطأت الأمة معك، ولذلك أحاسبك على كل ما تفعل، فقال: ومن أنت، ومن تكونين حتى تعطى لنفسك هذا الحق؟».قلت: أنا مصرية واحدة من الأربعة عشر مليونا الذين تتكلم بلسانهم، ولذلك أجد لنفسى الحق فى أن أحاسبك على ما تفعل، وفضلا عن ذلك لا يمكنك أن تنكر من أنا، ولا ما قمت به من خدمات لوطنى، ولا لبيتى وأسرتى من الفضل والمساهمة فى هذه القضية.. قال: هل نسيت كل ما فعلته فى؟.. قلت: «ليس هذا مجال عتاب»، قال: «لا بل يجب أن نتعاتب، أتظنين أنه كان من السهل على أن أوافق على مقابلتك بعد كل مافعلت بى؟»، فأجبته على الفور: كنت أظن أنك ستفرح وتفخر اليوم بأنى نسيت كل أعمالك، وأننى دست على كرامتى بعد ما فعلته صحفك فى، وكنت أظن أنك ستقدر وطنيتى هذه، وتعرف أن ما دفعنى إلى ذلك هو حبى لوطنى وثقتى بأنك ركن متين فى بناء النهضة، فلما رأيت كل المعاول تعمل لهدمك، جئت لأقدم لك مساعدتى ناسية كل شىء، وما دمت لم تقدر هذا كله فنهارك سعيد»، همت «شعراوى» بالانصراف، فكيف تصرف سعد؟
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة