على أطراف الجيزة الجنوبية، تقع منطقة منيل شيحة بمنطقة أبو النمرس، حيث المنازل البسيطة المتراصة، وهدوء الريف، ليستيقظ الجميع على جريمة قتل بشعة هزت أرجاء المنطقة بأكملها، بعد العثور على طفل مقتول عقب تعذيبه عدة ساعات على يد صاحب مزرعة مواشى.
القتيل
«أمير.م» طفل صغير لم يتخط عمره 11 سنة، جاء إلى الدنيا فى ظروف صعبة وقاسية، فقد انفصل والداه، وذهب للعيش برفقة والدته وشقيقه «باسم» الذى يكبره بـ4 سنوات، حيث كانت والدتهما تذهب لعملها بحثًا عن «لقمة» العيش لطفليها وتتركهما لدى والدتها.
الطفل الذى كان يهوى اللعب مع الحيوانات، خاصة بعدما تعرف على جاره «رجب.م» صاحب الأربعة وعشرين عاما، والذى يملك مزرعة كبيرة للمواشى، حيث استغل شغف الطفل بالحيوانات وطلب منه مساعدته فى رعى الأغنام مقابل المرح لعدة ساعات على ظهر حمار يملكه صاحب الأغنام.
الصغير كان لا يبالى بنصائح والدته بالابتعاد عن هذا الشخص ويذهب يوميًا معه لمزرعته لرعى الأغنام وحراستها مقابل اللهو مع الحمار، ويعود مع جاره كل يوم، عندما تعود الشمس مرة أخرى لمخدعها، حيث كان صاحب المزرعة يستغل الصغير فى أعمال الرعى وحراسة الأغنام دون مقابل.
سعادة وهمية منحها صاحب مزرعة المواشى للراعى، ولم يتخيل الطفل يومًا أن نهاية حياته ستكون على يد هذا الشخص، الذى استبدل قلبه بحجر، وقرر الانتقام من الطفل، بعدما عاد فجأة للمزرعة واكتشف عدم وجود 3 أغنام، وبدلًا من البحث عنها ربما تكون ضلت الطريق أثناء الرعى، انهال على الطفل بالتعذيب فى مشهد يشبه إلى حد ما مشاهد التعذيب فى فيلم «شىء من الخوف».
الأم
شجرة ضخمة أوثق المتهم بها الطفل بالحبال، وأحضر عصا خشبية، وتعدى بها بالضرب على الطفل، حيث كانت صرخاته تهتك الصمت الذى خيم على المنطقة، وعندما سمع بعض المارة أصوات استغاثة الطفل وحاولوا إنقاذه، أوهمهم المتهم بأنه ابنه ويريد تأديبه، على حد رواية الأم عن الحادث.
«أمير..كان حتة من قلبى..أمير وهو أمير..منه لله اللى حرمنى منه»، هكذا وصفت الأم ابنها فى حديثها لـ«اليوم السابع»، مضيفة: اكتشفنا أن المتهم كان دائم التعدى على ابنى دون أن نعرف، فقد سبق وعذبه بالكى بالنار فى لسانه قبل ذلك، لدرجة أن ابنى كان مؤخرًا يرفض الذهاب معه للمرزعة خوفًا منه، وكان يتهرب منه كل صباح.
وعن يوم الحادث، تقول الأم«صباح.هـ»، كنت فى عملى، وتلقيت اتصالا من رجال الشرطة، أفادوا فيه أنهم عثروا على ابنى وعندما ذهبت لهم وعرضوا علىّ صورته تعرفت عليه وأكدوا لى أنهم وجدوه مقتولًا وضبطوا الجانى فى وقتها.
«الإعدام» للقاتل، هو الشىء الوحيد الذى يطفئ النيران المتوهجة فى قلبى، ويريح تفكيرى بعض الشىء الأم تواصل حديثها وتؤكد: قتل فلذة كبدى وحرمنى منه، فقد حاربت الدنيا كلها من أجل «أمير» وشقيقه بعدما انفصلت عن زوجى، تحديت الظروف الصعبة والقاسية، وكنت أعمل ليل نهار من أجلهم، كنت أنسى التعب والهم، كلما كبر «أمير» وشقيقه تدريجيًا أمام عينى، وعندما بدأت الدنيا تضحك لنا من جديد، وكبر «أمير» بعض الشىء، حيث كنت أنتظر اليوم الذى يتحمل فيه المسؤولية عنى، حرمنى منه المتهم وقتله بدماء باردة.
وبصوت ممزوج بالأسى، ودموع لا تتوقف، تضيف الأم: هذا الشخص لا يمكن أن يكون إنسان، يعذب طفل برىء حتى الموت، يصرخ ويستغيث بأى شخص لإنقاذه ويصارع الموت، وكل ذلك لا يحرك للمتهم ساكنًا، حتى يرى الطفل يسقط قتيلًا، وقد صعدت روحه الطاهرة لبارئها، عندها شعر بالمسؤولية فحمله وأسرع به نحو مستوصف طبى أملًا فى إنقاذه خوفًا من المسؤولية الجنائية، وعندما تأكد من وفاته، حاول الهرب لكن الأهالى أمسكوا به وسلموه للشرطة.
بدوره، اعترف المتهم بارتكابه للجريمة، مؤكدًا أن الطفل دأب على الذهاب معه لرعى الأغنام فى منطقة قريبة من سكنهما، زاعمًا أن الطفل سرق منه 3 أغنام فتعدى عليه بالضرب لإرشاده عن مكان وجودها فمات بين يديه، إلا أنه تبين كذب روايته، وأن الطفل لم يسرق شيئا، وأن المتهم اختلق هذه الرواية لتخفيف العقوبة عنه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة