كان الوقت فى منتصف ليلة الأحد 13 إبريل - مثل هذا اليوم - عام 1919، حين هجم الجنود الإنجليز على قرية كفر مساعد بمركز إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، ثم توجهوا إلى قرية شبرا الشرقية، وبلدة كفر الحاجة، والعزب التابعة لها، وفقا لعبد الرحمن فهمى، قائد الجهاز السرى لثورة 1919، فى الجزء الأول من مذكراته «يوميات مصر السياسية».
يكشف «فهمى» وحشية الاحتلال الإنجليزى فى هذا اليوم، وذلك أثناء الثورة التى اندلعت يوم 9 مارس 1919 تطالب بالاستقلال.. يؤكد فهمى، أن الجنود الإنجليز أحاطوا بساكنى «كفرمساعد»، وطلبوا إلى الأهالى الخروج من منازلهم لعرضهم على الدورية الإنجليزية التى اعتادت أن تمر ليلا على السكة الحديدية فى هذه المنطقة، حتى تعرف من أطلق الرصاص على العساكر، وبعد أن فتشوا جميع المنازل والأجران ساقوا كل الذكور إلى حيث لا يعلم الأهالى، ولم يستثنوا واحدا بعد أن قتلوا أحدهم وهو «يوسف مبروك»، وفى نحو الساعة الثالثة صباحا توجهوا إلى بلدة شبرا الشرقية، التابعة للأوقاف السلطانية، وهى على بعد كيلو مترين من كفر مساعد، وعملوا بها ماعملوا فى البلدة السابقة.
يضيف «فهمى» فى نحو الساعة السادسة صباحا هجموا على بلدة كفر الحاجة، والعزب التابعة لها، وهى تبعد نحو ثلاثة كيلو مترات عن السكة الحديد.. ويؤكد: «بعد أن ساقوا الرجال الذين كانوا فى الحقول بين طبقات البنادق إلى محطة «صفط الملوك»، أوقفوا هذا الجمع على رصيف البضائع بين نطاق من العساكر الإنجليزية شاهرين أسلحتهم».
يؤكد فهمى: حضر أحد أعيان كفر الحاجة، محمد أفندى توفيق عمران، المحامى، ومعه جرجس أفندى بولس أحد أعيان بلدة كفر مساعد وأرادا أن يتكلما مع أحد الضباط فلم يستطيعا، وفى تلك اللحظة حضرت سيارة عسكرية معدة لركوب الضباط، فعرف محمد أفندى توفيق عمران كبير الضباط بعلامته العسكرية ورجاه الوقوف، فوقف وحصلت بينهما مناقشة مؤداها أن هؤلاء الناس مظلومون، وأنهم من أهالى الجهة الشرقية، والطلق النارى المنسوب حدوثه حصل كما يقولون من الجهة الغربية، فكان جواب القائد أنه لابد من الإرشاد على الفاعل فورا وإلا نفذ أوامره.. بعد ذلك كان يؤتى بالرجل فيسأل عن وجود أسلحة عنده لمعرفة الضارب للرصاص، ثم يعطى ورقة ليتوجه بها إلى الكشك الصغير الموجود على الرصيف، وهناك تتلقفه العساكر فيمزقون ملابسه ويسلبون نقوده، ثم يخرجون رأسه من شباك صغير بالكشك فيمسك به أربعة عساكر من الخارج، ويمسك بكل أطرافه ثلاث عساكر آخرون فيرفعون جسمه عن الأرض ويلهبه اثنان بالأسواط بدون حساب، ولم يحترم الإنجليز مركز بعض الناس ودرجتهم فى الهيئة الاجتماعية فضربوا الكثيرين من الأعيان ورجال العلم وغيرهم، وفتش الجنود جميع المنازل فلم يعثروا على أسلحة ما».
فى نفس اليوم «13 إبريل»، كانت العباسية بالقاهرة على موعد مع وحشية جنود الاحتلال.. يذكر فهمى نص عريضة مرفوعة من أهلها حول ذلك إلى السلطان فؤاد، ونصها: «الموقعون على هذا من أهالى قسم الوايلى - العباسية، يتشرفون بعرض شكواهم مما ألم بهم ليلة أمس.. ذلك أن عساكر الإنجليز فى ليلة أمس أخذوا يطلقون العيارات النارية ابتداء من الساعة السابعة مساء على المارين فى شوارع العباسية، وراكبى العربات والأتومبيلات من نساء ورجال وصبيان وعساكر مصرية، ويسلبون منهم ما يجدونه معهم من مال ومصاغ ويا ليتهم اكتفوا بذلك، بل أخذوا يهاجمون الأهالى فى منازلهم ويطلقون النار عليهم ويسلبونهم، كأنهم يقضون عملا مشروعا ونحن مع الأسف لا ندرى لعملهم هذا أى سبب يمكن تعليله إلا السلب والنهب بصفة عصابات مسلحة مع قوم عزل من السلاح، ولم تقف الحالة عند هذا الحد، بل زادتها رجال حكمدارية بوليس مصر الإنجليز بالامتناع عن أى مساعدة بالرجال ولا بغير ذلك، حتى انتهت الواقعة بقتل من قتل، وجرح من جرح، وسلب من سلب».
شملت العريضة أسماء الذين طالهم هجوم جنود الاحتلال، ومنهم من تعرض بالهجوم بالسلاح وتم ضربه وتمزيق ملابسه وسرقة نقوده، كما حدث مع اللواء مبروك باشا فهمى والدكتور خليل بك راجى، والدكتور القلماوى بك، وعباس بك راجى، والقائمقام أحمد بك وصفى وسلب ماله وقدره 96 جنيها، وهوجمت إحدى أميرات العائلة السلطانية بعبارات نارية، وتم كسر منزل حسين ترك الكائن خلف بوستة العباسية، وأطلقوا عيارات نارية وسلبوا ما به من النقود والحلى وقيمتها 740 جنيها، وهوجم منزل المرحوم محمد على رسلان وسلبوا الحلى والنقود، ودكان محمد إبراهيم سعيد الطباخ وسلبت نقوده، وهوجم فى الطريق العام محمد سالم وسلبت نقوده وحلاه، وهوجم فى الطريق العام أحمد على زهران وسلبت نقوده وحلاه وأصيب فى عينه اليمنى، وضربت أعيارة نارية بمنازل محمود أفندى، وعلى أفندى عبد الرحمن، واللواء إسماعيل باشا مختار والمعلم محمد حسن الجزار وقهوة أحمد إبراهيم يوسف والحاجة زينب بسوق العباسية وإبراهيم باشا فتحى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة