فتحت واقعة إقالة رئيس قصر ثقافة الغنايم بأسيوط لمخالفته تعاليم الوزارة بمنع كتب المتطرفين من التواجد داخل قصور الثقافة، أزمة وجود كتب من التراث فقهية وتاريخية متطرفة وتحرض على العنف والإرهاب، وهو ما حذر منه الكثير من الشخصيات السياسية والفكرية بضرورة تنقيتها.
وتسببت الواقعة بإعلان أحمد عواض، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن كل المسئولين داخل المركز تم إحالتهم للتحقيق فى القاهرة،والاتفاق مع وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، بتشكيل لجان، وجرد المكتبات على مستوى الجمهورية، ونقل كتب المتطرفين والأفكار الإرهابية إلى مخازن الوزارة، وأنه سيتم إقالة أى رئيس قصر يتستر على كتب الإرهاب، فى إثارة قضية وجود كتب تدعو للتطرف فى قصور الثقافة.
وأكد عدد من الشخصيات السياسية، أن هذه القضية تمثل خطورة كبيرة على الشارع المصرى، وهو ما يستلزم ضرورة المراجعة الدورية للمكتبات لتنقيتها من أى مؤلفات بها رأى يحمل فكر متشدد أو يحرض على الإرهاب.
آمنة نصير: وجود مثل هذه الكتب طبيعى نتيجة تغلغلهم فى المؤسسات
وتقول الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهر بالإسكندرية: "إن هذه الكتب التى تحمل منهجا متطرفا من الطبيعى أن تكون فى ثنايا مكتباتنا ومؤسساتنا، فالجماعة الإخوانية الإرهابية مكثت فترة طويلة وتغلغلت فى مناطق كثيرة وفرضوا تواجدهم".
واعتبرت "نصير" أن مثل هذه الأمور الفكرية تأخذ وقت للقضاء الكامل عليها، بما ثمثله من أمراض فى الفكر والثقافة حتى نتخلص من براثينها كاملة، قائلة: "هذا مرض يحتاج إلى طول نفس وإلى صبر وتعقبه بذكاء حتى تضع الدولة سيطرتها عليه".
وأشارت أستاذ العقيدة والفلسفة، إلى أن هذه الكتب لها تأثير وخطورة كبيرة وبالأخص على سن المراهقة وما بعدها يتأثر بهذا الكلام، خاصة وأن طبيعة الشاب طبيعة متمردة لا يقبل عندما يقول "سمعت وأطعت".
وشددت على أن تنقية المكتبات بشكل دورى، أمر مطلوب وهام، مطالبة أن تشمل اللجنة التى ستشكلها وزارة الثقافة عقول اطلعت على جميع ألوان الفكر المختلفة من المتطرف والمعتدل حتى يقفوا على ما يجب حذفه بشكل دقيق ودون ظلم لاجتهادات .
سكينة فؤاد: الكتب المتطرفة خطر يهدد الأمة وتؤثر فى الأجيال الجديدة
من جانبها، قالت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد: "هناك حاجة جادة لأن يتم غربلة التراث الفكرى الذى نمتلكه، وانتقاء ما فيه بما يناسب عصرنا ولا يهدد الدولة واستقرارها"، مؤكدة أن هناك كتب بالسوق المصرى تشمل خطابات متطرفة وفكر يدمر المجتمع.
وتابعت "فؤاد": "التنقية مطلوبة وطالبنا بها أكثر من مرة، ومكتبات قصور الثقافة، هى الأولى بإجراءات التنقية إن كان ثبت وجود كتب متطرفة فيها وتحرض على الفكر الإرهابى".
وشددت على ضرورة أن تتضمن إجراءات التنقية الشفافية فى التعامل وتوضيح أنها ليست مجرد حجب فقط، بل هو تطوير وتنقية للمكتبات، وتحليل ما جاء فيه من نصوص متشددة أو تحريض على الفكر المتطرف وما يؤدى إليه من تدمير للشخصية المصرية، والرد عليها بصحيح الدين.
وطالبت الكاتبة الصحفية، بضرورة أن تتضمن اللجنة التى ستشكل علماء مستنيرين مع رموز الثقافة، لتؤمن بضرورة غربلة التراث، وقارىء جيد للتنوير فى القرآن والسنة.
وقالت سكينة فؤاد، إن هذه الكتب المتواجدة لازالت تؤثر فى أجيال جديدة، مؤكدة على ضرورة أن تكون مراجعة هذه الكتب محل قراءة أمينة لما فى كل المكتبات وما سيصل إلى أيدى الشباب.
أحمد كريمة: الزوايا قنابل موقوتة وتضم كتب داعشية
بينما طالب الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، بضرورة أن تكون اللجنة المشكلة لتنقية مكتبات قصور الثقافة، تشمل أعضاء من الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية، ليعهد إليهم بمراجعة أو فحص الكتب والإصدارات فى مكتبات الثقافة ومراكز الشباب، وأيضا مكتبات المدارس والجامعة، ويشترك فيها أعضاء من وزارة الثقافة للعمل الإدارى والإجرائى، وأن يكون الفحص الفنى لعلماء الأزهر.
وقال "كريمة"، إن هناك كتب لسيد قطب على سبيل المثال بها عناوين لا تلفت نظر غير المتخصص، منها كتاب عنوانه "العدالة الاجتماعية"، كاشفا أن كتب السلفية الوهايبة غزت مكتبات المساجد بإصدارات محمد بن عبد الوهاب وعبد العزيز بن باز.
وحذر "كريمة" من القنابل الموقوتة من الكتب، لتتمثل فى الزوايا التى تؤدى فيها الصلوات الخمس وبها كتب للسلفية والدواعش وتترك عمدا حتى يقرأها الشباب، وما يتطلبه ذلك من ضرورة المراقبة الدورية عليها.
واقترح "كريمة" أن تضم مكتبات قصور الثقافة إصدارات وزارة الثقافة، وألا تضم مكتبات وزارة الشباب إلا الإصدارات الصادرة عن الأزهر الشريف، كما أنه يجب اقتصار مكتبات المساجد على المصاحف القرآنية وفروع الأحاديث المراجعة من الأزهر، بينما تكون المكتبات متخصصة فى كبريات المساجد.
واعتبر أن هذه الكتب تمثل خطرا كبيرا على الشباب المصري، مطالبا بالمراجعة الجادة من العلماء المتخصصين لهذه الإصدارات، ومؤكدا أن الكتب موجودة بالفعل فى المكتبات، ولكن ليس تعمدا من المسئولين.
وشدد على أن معظم المشرفين فى المكتبات، غير متخصصين فى العلوم الدينية، متسائلا: لماذا لا يتم تعيين موجه دينى فى قصور الثقافة ومراكز الشباب خاصة وأن المتواجدين والعاملين بهذه المكتبات ليس لديهم خلفية دينية؟".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة