تستهوينى الروايات البوليسية إلى حد كبير منذ أن كنت مراهقة لا يتعدى عمرى 15 عاماً فتحت عيناى على أعمال أجاثا كريستى الخالدة، وكذلك روايات الجيب البوليسية لكثير من الكتاب، فكنت ومازلت أجد فى قراءة تلك الروايات والقصص القصيرة فرصة ذهبية للانسحاب من صخب هذا العالم، وذلك حين أعد العدة وأذهب بنفسى مع كل كاتب فى رحلة قصيرة إلى عالم ملىء بالتشويق والإثارة والتفكير والتدقيق فى كل كلمة وحرف لعلنا نجد ضالتنا سوياً بوصولنا إلى آخر صفحة فى الرواية.
وكم مرة خدعنى الكاتب وتركنى إلى حيرتى حين قرر أن يضعنى أمام نهاية مفتوحة وباباً غير محكم الغلق لأنتظر بلهفة ما فى جعبة الكاتب من أسرار يخرجها إلى نور الشمس قريباً.
كنت فى طريق العودة إلى البيت بعد يوم عمل شاق وإذا بى أمر من أمام مقر لدار نشر معروفة ويلفت نظرى عنوان الرواية "مغامرات المحقق شريف هدهد" لم أكن أملك من وفرة المال ما يدعو إلى شراء كتاب فى آخر الشهر وفى أيام تقشف انتظاراً لنزول راتب مارس، لكنى نظرت إلى الكتاب وفى عينى لمعة طفلة تنظر إلى قطعة من الحلوى مزينة بصوص الشيكولاته، لم أتردد فى شراء الكتاب وقضيت ليلتى أحتضن كتابى الجديد لدرجة أن النعاس وقف أمام سريرى ينظر إلى باستغراب شديد.
انتهيت من قراءة روايتى الجديدة الشيقة فى 48 ساعة فقط وشعرت بحزن شديد فى آخر صفحة ليس لأن الكاتب فعلها كما فعلها من سبقوه وتركنى فى شوق ولهفة إلى الجزء التالى من الرواية، لكن لأن الكاتب هذة المرة تعرض إلى قضية إنسانية بطريقة غاية فى الروعة وبصورة لا تخل من نضج ورقى.
كان بطل الرواية "شريف هدهد" مصاباً بالتوحد ورغم ما يشاع دوماً فى مجتمعاتنا العربية عن مرضى التوحد إلا أن الكاتب صحح هذا المفهوم الخاطئ ببراعة، التوحد مرض بعيد تماماً عن التأخر العقلى ورغم أن صاحبه قد يكون له بعض الطقوس الخاصة إلا أنه لا ينفى أن يكون مريض التوحد بطلاً قومياً أو أسطورة لا ينساها العمل مثل بيل جيتس.
لم يكن غرض الكاتب أن يقدم طبقاً أدبياً شهياً فقط لكن أراد أن يدق ناقوس الخطر بأن إهمال أطفال التوحد هو أكبر جريمة نرتكبها فى حق أبطالاً من طراز فريد، نحتاج فى مصر إلى الكثير من التوعية بخصوص مرض التوحد وتقديم برامج تدريبية وندوات تثقيفية وذلك من أجل توعية وحث الآباء على التعامل مع أطفالهم بصورة تصنع منهم أبطالاً.
شريف هدهد شاب مصرى على قدر واسع من الثقافة والذى رسمت له صورة فى خيالى لا تخل من وقار، فهو شاب صاحب قدرة خارقة على الملاحظة والتدقيق، جعلت منه بطلاً ساهم فى كشف غموض قضايا كان يستحيل على البعض فك شفراتها المعقدة.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشاعر / طارق ناجح
بداية قويَّة و موَفَّقَة ...
أعتقد أن هذه المرَّة الأولى التي تكتُبي لليوم السابع .. و لكن أسلوبك مُمتع و جَذَّاب ،، و عباراتك رشيقة و مُعَبِرَّة .. مع خالص إحترامي و تقديري ..