أصل أفعال المرء وقناعاته غالبا يرجع إلى التنشئة البيئية والنفسية والثقافية التى يتعرض لها فى حداثة أسنانه فإذا كانت هذه النشأة وهذه التربية السليمة المنضبطة المشبعة بالقيم الأخلاقية الكافية والنظرة السليمة والفهم والوعى الكامل لكل ما يخص الحياة، كان لدينا إنسان مفكر ومبدع ورحيم وتتحقق فيه الإمكانيات اللازمة لخلافة الله له فى الأرض بأن يعبد الرحمن ويبنى الأوطان, وعلى العكس فإنه إن كانت هذه التربية وهذه النشأة معدومة الرحمة والإنسانية مشبعة بالعنف والقسوة كان لدينا إنسان أسوأ من وحش مفترس ملىء بالقسوة والغلظة يتعامل بهما مع كل من حوله ويعيش حياة متخبطة مليئة بالضلال والضياع إنسان يُتوقع له ويُتنظر منه كل شر وسوء وانحراف عقدى وخلقى وفكرى ومن هنا كان منشأ التطرف.
من هنا كان ابتداء التطرف لأن التطرف ثمرة ونتيجة لفقدان معانى وصور الجمال والإنسانية فى النشأة والتربية فالذى فقد هذه المعانى فى نشأته تكون نفسه مضطربة فيها شىء كبير من الخلل وهذا الاضطراب ينعكس على كل شىء فى شخصيته فيكون عقله مليئاً بالأفكار الانحيازية والمتطرفة وتراه انحيازيا متطرفاً فى كل شىء حتى فى الاعتقاد الدينى وهو أخطر أنواع التطرف التى يمكن أن يتعرض لها أى إنسان.
ذلك أن الدين له ميل فطرى كبير فى نفس أى إنسان وإن تم بناء الانتماء لأى دين على فهم ناقص ومختل لتعاليم هذا الدين كانت النتائج كارثية وهذا هو الذى نعايشه الآن فالمجموعات الدينية المتطرفة أمثال داعش وأخواتها ما نجحت فى تجنيد كل هؤلاء الشباب من العرب وغير العرب إلا باللعب على وتر الدين، وإيصال صورة خاطئة مشوهة وتعاليم ناقصة فى أذهانهم عن هذا الدين ولم يهملوا التربية النفسية، فقد عملوا على أن يقتلوا بداخل كل فرد فيهم أى لون للإنسانية والرحمة والجمال فخرج إلينا رجال ونساء غلاظ القلوب لا يتقون الله فى أى أحد يخالف منهجهم واعتقادهم ويستحلون ما حرم الله ورسوله.
ومن خلال ما سبق يظهر كم أن حكمة الله بالغة وأنه أسس هذا الكون ورتبه على نظام دقيق وأرسل لعباده الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه بتعاليم وشرائع محكمة تضبط العلاقة بين الإنسان وخالقه والعلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان شرائع محملة بتعاليم الرحمة والإنسانية والجمال ولما خالف الإنسان هذه التعاليم أفسد ودمر وعندما صار هم رجال الدين وشاغلهم المكانة والقدسية بين الناس وحرفوا تعاليم الدين وأبدلوها ونسبوها ظلماً وبهتاناً لله ورسله ظهرت القسوة والغلظة والظلم والفساد كل ذلك فى ثوب الدين والتدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة