إلى كل من ماتت أمه.. اسمحوا لى أن أذكركم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (يموت المرء وينقطع عمله إلا من ثلاث... صدقة جارية... أو علم ينتفع به... أو ولد صالح يدعو له) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وشرط قبول الدعوة من الابن لوالديه بعد الممات هو صلاح الابن (فكرا وعلما وقولا وسلوكا)،وصلاح سلوك الابن سواء كان ذكرا أو أنثى يكون حصاد حسن تربية الأم فيمن أرضعتهم قيما وأصولا بها يستوى السلوك الإنسانى فينال رضا الله سبحانه وتعالى تحت مظلة كل الأديان، فهنيئا لكل أم أعطت مولودها ثديا مليئا بطاعة الخالق سبحانه وتعالى، مليئا بالقيم الإنسانية النبيلة، مليئا بحسن وطيب النوايا، مليئا بعطر اللسان، مليئا بالخوف من الله، مليئا بالحب والسماحة، مليئا بتوقير الكبير، مليئا بالعطف على الصغير، مليئا بالقناعة والرضا، مليئا بالسلوك الإنسانى، فرضع من ذلك الثدى قطرات متتالية متواصلة من صدر طاهر ليل نهار .
وجاء يوم فطامه فصار وحدة منتج إنسانى كامل الجوده – دينيا وأصولا وقيما إنسانية وذو أعمالا للعقل ولا يكون إمعة - يبغض الدمار والقتل، يكره الخراب، يكره قول الزور، يدوس كل فكر خاطئ بما رضعه من تنشئة يغار منها طهارة الماء الزائر لنا من السحاب.
يلعن كل محرم وحرام، يتوضأ بطهارة ما قدمته امه له سيلا بعروقه لا ينقطع، تحت مظلة خيوط شمس الصبر، يحتضنه نور قمر انكار الذات، به وبها يستقيم المجتمع اعمارا وبناءا وتشييدا، فتزدهر الاغصان ورودا، وتتسابق طيور الحب مغردة فوق البراعم، فتصير الحياة ربيعا متواصلا، فتكون الأم فى سعة من قبرها، وفى روضة من رياض الجنة تحيا حياة برزخية لا يعلم كيفيتها إلا الخالق سبحانه وتعالى، هنيئا لأمى ولكل أم بشربة هنيئة مريئة لا تظمأ بعدها ابدا من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفردوس الأعلى من الجنة جزاء لما زرعت ورعت وقدمت للمجتمع من قلوب تخشى الله، ليس كل عام يا أمى، انما كل شهيق لروحى هو منك أتنفس به الحياة.
كل زفير ياأمى هو تنقية الصدر من عبث الشيطان كما سقيتنى، فينطق اللسان مناجيا الرحمن الرحيم برحمة لك وغفرانا، وسكنا بأعالى الجنان... آمين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة