أحمد منصور يكتب: لم أعد أخشى الموت‎

الخميس، 28 مارس 2019 02:00 م
أحمد منصور يكتب: لم أعد أخشى الموت‎ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حقا لم أعد أخشى الموت، فجميعنا سيلقى هذا المصير فنحن جميعا ضيوف فى هذه الدنيا الزائلة، لكننا جميعا نتناسى تلك الحقيقة وعندما نفقد عزيز أو غالى نتذكر الموت جيدا ولكننا نتذكره لبضع أيام أو أسابيع وسرعان مانعود إلى طبيعة النفس البشرية ونعود إلى ما كنا عليه وتلك هى أحد النعم التى أنعم الله علينا بها والتى قد كنت سردت أحد مقالاتى عنها وهى نعمة النسيان.

لكنى مررت بتجربة شديدة الألم تألمت كثيرا لفقدان شخص عزيز على قلبى وقلب كل من عرفه وتعامل معه، قلب كان مليئا بكل الود والتعاطف والمحبة والتسامح الشديد مع الآخرين، فعلى الرغم من طبيعة عمله البوليسية كان رجلا متواضعا مع الجميع، محبوبا من الجميع، جمعنى معه بحكم عملى تواجدنا سويا لبعض السنوات فى نفس مكان العمل ولمست مدى حب الجميع له حتى آخر يوم قضاه فى خدمته المشرفة، وفى آخر لقاء جمعنى به بعد صلاة العشاء وأثناء الخروج من المسجد كان يعانى من بعض الآلم فى العين اليسرى وأخبرنى مازحا بأنه تقدم فى السن وأنه لم يعد كما كان فى الماضى، لكنى مازحته أيضا وأخبرته أنه مازال شابا صغيرا ورفض تماما أن أصطحبه إلى المنزل مفضلا الاعتماد على نفسه لأنه كان يرفض إرهاق الآخرين معه ولا يود أن يجهدهم بمتاعبه.

لكن فى صباح اليوم التالى استيقظت على حالة من الهرج والمرج فى الطابق الأرضى من المنزل فهرولت مسرعا وسألت والدى ما الأمر فأخبرنى أن عمك تم نقله لمستشفى الشرطة فجرا وأنه فى حالة خطيرة، لم أستطع خلال تلك الثوانى القليلة استيعاب ما تلقيته من والدى ولم تطاوعنى نفسى أن أصدق ما حدث وخلال أيام مرضه العصيبة كنت أخبر الجميع بأننى أثق تمام الثقة أن الله سينجيه وسيعود إلينا سالما، وعندما ذهبت لزيارته بمستشفى الشرطة بمدينة نصر ودخلت إلى غرفة العناية المركزة لرؤيته وكان فى هذا التوقيت يعانى من غيبوبة وتم وضعه على أجهزة التنفس الصناعى وقفت أمامه وأنا صامت لا أستطيع التحدث وفقط أتمعن فى وجهه ويمر من أمام أعينى شريط طويل أرى من خلاله ذكريات ومواقف كثيرة عايشتها معه ولكن على الرغم من خطورة الحالة كان مازال لدى أمل كبير فى أن ينجيه الله ويعيده إلى الحياة مرة أخرى.

لكن فى صباح يوم الجمعة التالى استيقظت مرة أخرى على خبر صعب آلمنى كثير وهو وفاة العزيز الغالى، هنا أدركت أن الأمر قد انتهى وذهب صاحب الوجه الهادئ، رحل الرجل الذى كان لا يحمل للدنيا هما، رحل الرجل الذى كان متسامحا مع الجميع حتى لو أساء أحد فى حقه، رحال الرجل الذى كان ينتوى أن يزور بيت الله لأداء مناسك العمرة قبل أن تغالبه آلامه، رحل الرجل الذى ترك لنا ولأسرته سيرة حسنة يتحاكاها الجميع منذ وفاته.

أنعيك يا أعز الناس إلى قلبى، أنعيك وكم كنت أتمنى أن أظل بجوارك فقد كنت معك لآخر لحظة داخل القبر حتى اطمأننت على أنك ترقد بسلام، فقد كنت شديد التصميم أن أودعك وأظل معك لآخر لحظة حتى تظل صورتك الأخيرة أمام أعينى طوال الحياة وحتى ألقاك على خير، الجميع مازال فى حالة حزن على رحيلك لكن عزائنا الوحيد هو أنك تركت لنا جميعا ميراث كبير ملىء بالسيرة الحسنة والسمعة الطيبة، استودعناك جميعا عند خالقنا، رحم الله فقيدنا الغالى العزيز لواء/ صبحى منصور.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة