أكرم القصاص - علا الشافعي

كامل أبو الفتوح يكتب: حيوانات تمارس الإنسانية ويفتقدها الإنسان

السبت، 23 مارس 2019 04:00 م
كامل أبو الفتوح يكتب:  حيوانات تمارس الإنسانية ويفتقدها الإنسان كلب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ الطفولة وأنا كغيرى من البشر الذين يعانون من الخوف الشديد من الكلاب، وهو ما يعرف (بفوبيا الكلاب) ولدى زكريات غير سارة فى هذا الموضوع، وقررت أخيرا أن اتخلص من هذا الخوف نظرا لتزايد عدد الكلاب فى الشوارع، ومرغم أخاك لا بطل، لأنى كل صباح مطالب بالمرور وأنا فى الطريق سيرا على الأقدام من المنزل إلى مكتبى بمنطقة المعادى  يجب أن اجتاز العديد من الكلاب  وكأنى اسير داخل لعبة سوبر ماريو الشهيرة حتى أصل الى المستوى الأخير فى اللعبة، وهى مرحلة مقابلة الوحش، والوحش بالنسبة لى ذلك الكلب  الجالس على قارعة الطريق، معتبرا أن هذه المنطقة هى منطقة نفوذه.

 والعجيب فى الأمر أن يمر  أمامه الكثير من الناس فلا يحرك ساكناً  وكأنهم قد عقدوا معه اتفاقية عدم اعتداء، وبمجرد مرورى فى منطقة نفوذه التى هى طريقى لمكان عملى يتحول إلى أسد فى صورة كلب ويتحول النباح إلى عواء مرتفع قريب إلى الزمجرة، متخذا وضع  الاستعداد لبدء معركة غير متكافئة معى، فهو دائم النباح، والغريب انه ينبح عندما يرانى أنا بالتحديد وكأنه يرفض السماح لى بالمرور  من خلال منطقة نفوذه، يتكرر هذا المشهد يوميا "أمر من امامه بحذر وأتظاهر بعدم الخوف وذلك لعلمى بأن الكلاب لديها مستقبلات هرمونية تشم رائحة هرمون الأدرينالين والذى يفرزه الإنسان الخائف منها، لذلك من يعانى من الخوف من الكلاب  بمجرد أن يسير على بعد أمتار من الكلاب وهو خائف، فورًا تجرى الكلاب نحوه وتحاول افتراسه .

 وذات يوم لم يعترض الكلب طريقى ولم ينهض كعادته لتذكيرى بأننى أمر من منطقة نفوذه فرحت كثيرا" إذاً انا لم أعد خائفا" ولم يعد جسمى يفرز هرمون الأدرينالين يبدو أننى تعافيت من فوبيا الكلاب، تجرأت واقتربت منه فلم يحرك ساكنا" ولم يلتفت لى، اقتربت منه أكثر سمعت له صوتا أشبه بالبكاء وعياناه تبدو عليها أثار الدموع وفوق أنفه ووجهه مكسوان بالتراب ويبدو عليه الحزن الشديد. نهض فجأة تراجعت للخلف ظننا منى أنه عاد إلى سابق عهده معى وارتعبت وأفرز جسمى ما تبقى فيه من هرمون الأدرينالين وتأكدت من أنه لا أمل من شفائى من الفوبيا الملعونوة. لم يعيرنى الكلب انتباها وكأنه لم يرانى وذهب غير بعيد عنى وإذا به يقوم بتجميع كومة من التراب بأنفه ويضعها على جثة لحيوان صغير فى البداية ظننتها لجرو صغير مات نتيجة حادث سيارة، ولكن العجب العجاب والشىء الذى لا يصدقه عقل كانت الجثة لقطة وليس كلب فى مشهد مهيب أرى مراسم عملية دفن حيوان لحيوان آخر يختلف معه فى كل شىء، فكما نعلم أن القط والكلب دائما على خلاف ودائما فى صراع ودائما تدب بينهما المشاحنات كما نرى فى أفلام الكرتون الشهيرة، وكان المشهد مهيبا "بحق لدرجه أننى لم أتجرأ بأن أخرج الموبايل  لتصوير  المشهد ليرى العالم أجمع كيف يحترم الحيوان أخيه الحيوان، فبالرغم من اختلاف الأيديولوجيات بين هؤلاء الحيوانات إلا يبدو وكأن بينهم ميثاق شرف يقر بأن الموت ينهى الخصومة، كما أنه لا يجوز للحيوان التنكيل بجثة أخيه الحيوان بعد موته ولا يترك جثته على قارعة الطريق، وأن إكرام الحيوان دفنه، مجموعة من القيم مارسها هذا الحيوان افتقدتها الإنسانية فى عالم أصبح يفتقد للكثير من القيم الإنسانية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة