أكرم القصاص - علا الشافعي

كريم عبد السلام

الجولان ولغة القوة.. العالم لا يعرف الحق والعدل

السبت، 23 مارس 2019 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تكن أعمى، العالم لا يعترف إلا بالأقوياء القادرين على حماية مصالحهم بما يمتلكون من مقومات لإدارة دولهم وقوات عسكرية وموارد اقتصادية مؤثرة، هذه بديهية فى علم السياسة، ولكنها تتوارى تحت القصف المستمر للعقول وخلخلة المجتمعات وسيادة الشعارات الزائفة وتراجع الرغبة فى التعلم والبحث والتفكير.
 
ترامب قرر أن يدعم نتانياهو الذى يواجه شبح السقوط فى الانتخابات الإسرائيلية المقبلة بأن يهديه هضبة الجولان السورية المحتلة، حتى يظهر أمام الإسرائيليين الذين يملكون حق التصويت بأنه بطل اليهود، لم يفكر ترامب فى الشرعية الدولية وقرارات المؤسسات الأممية ذات الصلة ولا فى اعتراف جميع دول العال بأن هضبة الجولان سورية ومحتلة وعلى إسرائيل التخلى عنها لإقرار السلام فى الشرق الأوسط، لم يفكر فى هذه الأمور لأنه يعمل على تقويض المؤسسات الدولية أصلا، وعلى أن تكون واشنطن وقراراتها هى القانون الدولى والقوة المهيمنة فى الاقتصاد والسياسة.
 
ترامب لم يكلف نفسه استشارة معاونية وأركان السياسة الخارجية ومراكز الدراسات ولا الكونجرس ولا خصومه الديمقراطيين بالطبع، فقط كتب على تويتر «بعد 52 عاما، آن الأوان للولايات المتحدة الاعتراف الكامل بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المهمة استراتيجيا، والتى تتميز كذلك بأهمية فى مجال أمن الدولة الإسرائيلية والأمن الإقليمى».
 
أى صلف!
 
أية غطرسة! 
 
تمعنوا فى تغريدة ترامب جيدا، يقول: «بعد 52 عاما، آن للولايات المتحدة الاعتراف الكامل بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المهمة»، بعد 52 عاما من ماذا؟ من استئجارها مثلا؟ من وضع اليد عليها باعتبارها بقعة مجهولة من الأرض بلا أصحاب؟ بالطبع لا فترامب يعلم أن إسرائيل تحتلها منذ حرب 1967 وأن سكانها من السوريين مازالوا وأن كل الرؤساء الأمريكيين السابقين لم يجرؤوا على الاعتراف بسيادة إسرائيل عليها منذ أن أعلنت ضمها فى عام 1981 بهدف الضغط على حافظ الأسد لإنجاز تسوية سلام تسمح لتل أبيب بالاحتفاظ بشريط من الأرض على بحيرة طبرية.
 
لكن الرئيس الأمريكى لا يعير الحق السورى أى التفات ولا يعتبر السكان السوريين فى هضبة الجولان موجودين ولا يعترف بمسميات الشرعية الدولية ولا المؤسسات الأممية، هو لا يعترف إلا بأن إسرائيل استطاعت السيطرة على هذه البقعة من الأرض 52 عاما، فلماذا لا تحتفظ بها؟ تاريخه الأمريكى يقول ذلك وتفكيره التجارى يقول ذلك ومنطق القوة والقدرة الذى يحركه يقول ذلك فلماذا لا يفعل؟ هل دول العالم ستعترض وتعلن عدم انصياعها للقرار؟ فلتفعل وسيواجهها ترامب بعقوبات اقتصادية وضغوط سرية من واقع تغلغل أجهزة الاستخبارات الأمريكية فى كل بقاع العالم، والواقعة القريبة الخاصة باعتراف ترامب منفردا بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقله سفارة بلاده إليها تشهد على ذلك.
ولذا  جاء رد نتانياهو واضحا ومتغطرسا وصفيقا بقدر وضوح وصفاقة وغطرسة تغريدة ترامب، قال له بعد كلمات الشكر المعتادة «إنك تصنع تاريخا».
 
أى تاريخ هذا الذى يصنعه ترامب فى نظر نتانياهو المتهم بالفساد فى مجتمعه؟ إنه تاريخ القوة لا غير، تاريخ الغابة من جديد، وكأن الإنسانية قد خاضت مئات الحروب وفقدت مئات الملايين فى مسارها نحو الحضارة سدى!، كأن كل القوانين والعهود الدولية والمواثيق التى توصلت إليها أرقى العقول البشرية مجرد حبر على ورق! كأن كل الصيغ القانونية والمؤسسات الدولية واللجان التابعة لها والمنظمات التى تعمل على حماية حقوق الإنسان فى الحياة والإبداع عدم ولا وجود لها!
 
على كل منا أن يصنع سلاحه. 
 
على كل منا أن ينتج ما يأكل وينسج ما يلبس ويعصر ما يشرب وأن يحقق فائضا يدخره.
 
على كل منا أن يفوز فى معادلة التجارة والاقتصاد والقدرة والقوة. 
 
المرحلة المقبلة، مرحلة الانحطاط إلى الغابة الصريحة مرة أخرى، لن يرحم أحد أحدا. 
 
إما أن تكون قاتلا أو قتيلا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة