أكرم القصاص - علا الشافعي

زيد شحاتة يكتب: لعبة.. يجب أن نجيدها

الجمعة، 22 مارس 2019 04:46 م
زيد شحاتة يكتب: لعبة.. يجب أن نجيدها الحرب فى العراق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تعد القوة والحروب هى الخيار الأفضل لفرض الإرادات، بين مختلف القوى عالمية كانت أو إقليمية، فقد صارت هناك أدوات أخرى، لها فعل مشابه للحروب، دون أن تضطر لدفع ثمن الحرب بما تحمله من آثار كبيرة، سياسية كانت أو اقتصادية وانتخابية.
 
رغم أن أمريكا تقليدياً كانت تستند لقوتها العسكرية المتفوقة فى فرض إرادتها ورؤاها على الدول والشعوب الأخرى، لكن هذا لم يعد خيارها الأول، رغم أنها ما زالت تلوح به كوسيلة لترهيب الآخرين، بين حين وآخر، خصوصاً بعد وصول ترامب للرئاسة فيها، وميوله الاقتصادية الواضحة، وتقديم رغبته بنيل منافع اقتصادية على حصول الولايات المتحدة على مواقع قوة ونفوذ، ولنا فى ما حصل مع دول الخليج، خصوصا السعودية وقطر، دليل واضح لا لبس فيه.
 
مع أن القوة كانت خيارا مغريا لإيران، خصوصا بعد خروجها شبه منتصرة فى حرب الثمان سنوات مع صدام، بإقراره بكل ما ادعى أنه حارب من أجل تغييره، بل وتحمل كل تبعات الحرب باعتراف شخصى رسمى وضمن قرار أممى وافق عليه، لكن إيران توجهت لدبلوماسية القوة الناعمة، حيث بدأت فى الحصول على مواطئ قدم لنفوذها، وصارت قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب، ويجب أن يؤخذ رأيها بكل ما يخص المنطقة.
 
آثار حكم البعث وصدام خيمت على مستقبل العراق، وستظل كذلك لسنوات عدة، فجعلت ذلك البلد وبعد أن كان صاحب خير "لا ينفذ"، كما تذكر قصص التاريخ، صار مثقلا بالديون، ضعيف الإرادة السياسية، محطة لصراعات النفوذ وتصفية الحسابات، بين كبار اللاعبين وحتى صغارهم، بل وصار محطة لتدريب مختلف وكالات الاستخبارات، عالميها وإقليميها.
 
هذه الصورة الرمادية، وهشاشة وضعه بعد احتلاله، وأهمية العراق، بما يحتويه من خيرات وموقع استراتيجى، وتشعب علاقاته المتداخلة مع جيرانه، وبحكم تاريخه العظيم، جعله هدفا مهما، ومحطة لصراع أبرز قوتين نفوذا فى المنطقة.. إيران وأمريكا.
 
كل الدول تبحث عن مصالحها أولا، فلا عواطف فى السياسة، ولا مواقف مجانية تماما، وأفضل ما يتوقع من مواقف، هو ما يحقق مصالح مشتركة، وبهكذا منطق ومستويات مختلفة من "القباحة" تختلف مستويات تعامل الدول، لكن ضعف الوضع العراقى وهشاشته، وعدم وجود إرادة حقيقية لجعل العراق يمتلك زمام أمره، أضاع عليه فرصا عدة لتحقيق مصالحه، فى أى علاقة ممكنة مع الدول الأخرى.
 
الفرصة الذهبية لساسة العراق أتت، عندما خرجوا منتصرين بشكل واضح من حربهم مع "داعش"، مدعومين بفتوى دينية، أتاحت لهم دعما شعبيا هائلا، وموقفا دوليا مساندا، رغم أن بعضه كان "اضطرارا" لكنه أتاح لهم زخما لإعادة البلد لموقعه الطبيعى، سيدا لنفسه لا تابعا أو دائرا فى فلك أحد، يمكنه أن يقيم علاقات متوازنة مع كل القوى الكبرى، حتى من كانت تحتله إلى وقت قريب.. فهل نجحوا فى استثمار تلك الفرصة؟
 
تظهر أحيانا بين حين وآخر بوادر مواقف عراقية توحى برغبة بتوحيد الموقف السياسي، خلف مؤسسات الدولة، من خلال دعم مواقفها فى رفض وجود قواعد لقوات أجنبية، ورفض الإملاءات، ومحاولة إقامة علاقة معتدلة مع الجميع حتى لو كانوا مختلفين بينهم.. مع جعل مصلحة العراق أولا معيارا لكل ذلك.
 
ليس سهلا أن تكون متوازناً فى ظل هذا التجاذب الدولى والإقليمى العنيف، فالمنطقة تعج بالأحداث، لكنه ليس مستحيلاً أن يكون لك موقف معقول بين قوتين كإيران وأمريكا، فلا تشارك بحصار أمريكا لإيران ولا تستعدى أمريكا، وتحتفظ بعلاقات تحقق مصلحة معقولة لبلدك، مع فسحة للآخرين لكى يحققوا مصالحهم أيضا.
 
فى السياسة والعلاقات الدولية لا يوجد ربح تام، فهذا كلام عاطفى فارغ.. بل هناك مصلحة مشتركة تعود بالمنفعة للطرفين، لمن يتعلم كيفية إجادة اللعبة.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة