حنجرة حيرت أهل العلم والطرب وأحبال صوتية اعتبرها الجميع معجزة إلهية فما تمتلكه من قدرات لم تتوافر لغيرها من النساء أو الرجال على وجه الأرض لذلك حظيت عن جدارة بلقب كوكب الشرق والغرب.
وفى حياة الست كما يلقبها الكثيرون تفاصيل وقصص كثيرة تؤكد عظمتها على المستوى الفنى والشخصى والوطنى، منها أنها رفضت العالمية وعروضًا خيالية للغناء والتمثيل والإقامة فى أوروبا وأمريكا، كما أنها كانت لديها القدرة على التلحين والعزف ورغم ذلك لم تلحن لنفسها، كما كان هناك الكثيرون ممن وقعوا فى حب كوكب الشرق ومنهم الشاعر أحمد رامى ورغم ذلك كان لزوجته رأى آخر فى هذا الحب، فضلاً عن احتفاظ كوكب الشرق بأصولها وعاداتها كبنت بلد ريفية وهو ما ظهر فى الكثير من المواقف.
وعن أسباب رفضها للعروض العالمية أجابت أم كلثوم لمجلة أم كلثوم التى أصدرتها جمعية أم كلثوم بهندسة عين شمس عام 1966.
وقالت كوكب الشرف فى حوارها مع فكرى صالح الذى كان طالبًا بكلية الهندسة وقتها ورئيسًا لجمعية أم كلثوم بجامعة عين شمس إن بنجامينو جيجلي Benjamino Gigli أشهر مغنى إيطالي حاول إقناعها أن تذهب لإيطاليا وتغني أوبرالى معه بعدما حضر إحدى حفلاتها فى الأزبكية عندما كان مدعوًا للاشتراك في عرض غنائي في الأوبرا.
وأضافت أن هذه لم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة التى يعرض عليها المشاركة فى أعمال عالمية، وأن المخرج العالمي سيسيل دي ميل Cecil De Mil جاء لمصر فى محاولة لإقناعها بالتدريب على الغناء بالإنجليزية أو الفرنسية لينعم العالم الغربي بصوتها والسفر للتمثيل والغناء في أفلام أوروبية وأمريكية والإقامة هناك مقابل أموال خيالية.
أفي الصورة أم كلثوم مع المخرج السينمائي العالمي سيسيل دي ميل
وقالت: "أنا كفاية على 100 مليون في العالم العربي بالإضافة لمن يفهمون اللغة العربية في بلدان أخرى، وأنا لا أحب وأستطيع أن أعيش بعيدًا عن بلدي مصر وأرض مصر وجمهوري في مصر والعالم العربي ولو قدموا لي كنوز سليمان".
وتابعت: "يقول الناس بلدي ولو جارت على عزيزة وما بالك وبلدي مصر عمرها ما جارت على، بل بالعكس الحب والتقدير الذي ألقاه من الجمهور والشعب في مصر وسائر الدول العربية لا يقدر بثمن وآمل أن أستطيع أن أسعدهم كما يسعدونني لآخر يوم في عمري".
وفى حوار ثانٍ لجمعية أم كلثوم بكلية الهندسة جامعة عين شمس عام 1967 أجابت
أم كلثوم عن سؤال حول فرق الإحساس عندما كانت تغني في الاستوديو لتسجيل أغنية جديدة وعندما تغني نفس الأغنية في حفلة أمام الجمهور؟
وقالت كوكب الشرق: "زي الفرق بين واحد قاعد بياكل لوحده وواحد قاعد بياكل مع ناس بيحبهم ويحبوه وساعتها يكون الأكل طعمه أحلى والنفس مفتوحة".
وعن خروجها عن اللحن أو الارتجالات أحيانًا، قالت: "لا أحب حكاية الخروج عن اللحن ولكن ردود فعل الجمهور تعطيني طاقة وتشجيع وكل ما أراهم سعداء أشعر بسعادة"
وأوضحت: "أنا لا أغني أي لحن جديد قبل أن أقتنع به وأتقنه وأعيش فيه، وأعتبر اللحن زي شارع جديد أحفظه من أوله لآخره واعرف كل حته فيه وكل بيت وكل طوبة وكل زاوية وكل ركن، والناس اللي ماشيين أو ساكنين فيه هم جمهوري الذي أحبه احترمه، فأبدأ أغني وكأني ماشية من أول الشارع ده والناس في الشارع والبلكونات مبسوطة وبعدين ألاحظ حواري وأزقة متفرعة من الشارع ألاقي نفسي حودت عليهم أحيانا بالقصد وأحيانًا بالصدفة أو الشغف أو ألاقي نفسي منجذبة ليهم. أخرج من الشارع الرئيسي وأدخلهم وأتصور الناس اللي فيهم منسجمين وأنا معاهم منسجمة كأني في عالم آخر والناس اللي في الشارع واقفين ورايا ومنسجمين كمان، لكن بالطبع عيني على الشارع الرئيسي (اللحن) طول الوقت وبعد لحظات قليلة أرجع له ولا ينقص من اللحن الأصلي أي شىء".
وعن سؤال لماذا لم تلحن أم كلثوم لنفسها، قالت كوكب الشرق: "لدى معلومات موسيقية كبيرة وأستطيع العزف على العود والقانون وآلات أخرى، ومن صغرى محاطة بموسيقيين كبار اتعلمت منهم وعلمت نفسي وكان أولهم الشيخ أبو العلا محمد، وهذا أفادنى في اختيار الألحان المناسبة للكلمات، وكثيرًا ما أطلب من الملحن تغيير جملات موسيقية، وفي معظم الأوقات يوافق الملحن أو يقنعني إن ده أحسن من غيره أو يناسب صوتي في فترة معينة من عمري"
وأكدت كوكب الشرق أنها جربت التلحين، قائلة: "جربت ولكن المثل يقول إدي العيش لخبازه، وفيه مثل إنجليزي بيقول إن الواحد لازم يعرف كل شىء عن شىء واحد و يعرف على الأقل شىء واحد عن كل شىء، وأنا أحب الإتقان في عملي وعملي هو الغناء".
ورغم شهرتها العالمية التى شملت الشرق والغرب وكونها سيدة طرب الكون شرقه وغربه لم تتنازل أم كلثوم عن عاداتها وتقاليدها الريفية المصرية الأصيلة وهذا ما أكدته بالفعل والقول فى الكثير من المحافل والمناسبات.
أم كلثوم ومغني الأوبرا التنور الإيطالي بنجامينو جيجلي
ومن بين المواقف الطريفة التى أظهرت فيها أم كلثوم شخصيتها الريفية وكونها بنت بلد تحافظ على العادات والتقاليد ما حدث أثناء مقابلتها لأشهر مغنى أوبرا إيطالى عام 1948 خلال صورة تم التقاطها لها مع المغنى ومعهم مدير الأوبرا والملحن محمد القصبجى حين بادر المغنى بوضع يده على كتفها.
وقالت كوكب الشرف فى حوار لمجلة أم كلثوم إن المغنى الأوبرالى الإيطالى بنجامينو جيجلي Benjamino Gigli الذى حاول إقناعها بالسفر لإيطاليا لتغني أوبرالى معه كان مدعوًا للاشتراك في عرض غنائي في الأوبرا وقبل العرض حضر حفلة لي في الأزبكية ودخل ليسلم عليها ودعانها لحضور العرض الخاص به، فذهبت هى ومحمد القصبجي.
وتابعت: "بعد العرض ذهبت أنا والقصبجي وهنأته على صوته وأداءه وقبل ما أخذ بالي وضع يده على كتفي وهو نوع من التعبير عن الصداقة بطريقتهم ولكن أنا لم أسترح لذلك والقصبجي زعل وحاول يفهمه إن طباعنا لا تشجع ذلك ولكن اللغة لم تساعدنا وتدخل مدير الأوبرا وأفهمه أننا فى الشرق لا نقبل مثل هذه الأشياء التى يعتبرونها عادية".
فيما تحدث الكثيرون عن قصة حب الشاعر أحمد رامى وكوكب الشرق أم كلثوم وكيف كان رامى يحبها ويكتب معظم الأشعار التى غنتها من وحى حبه لها رغم أنهما لم يتزوجا وتزوج الشاعر أحمد رامى من سيدة أخرى.
وأظهر مسلسل أم كلثوم الذى كتبه الأديب والكاتب الراحل محفوظ عبد الرحمن حب رامى لكوكب الشرق، وعن هذه العلاقة قالت الفنانة سميرة عبد العزيز أرملة محفوظ أن الكاتب الراحل لم يتطرق إلى أى شائعات أو معلومات غير موثقة عن حياة أم كلثوم.
وأوضحت عبد العزيز فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن قصة حب رامى لكوكب الشرق كانت معروفة ورغم ذلك لم يتطرق محفوظ صراحة لهذه المشاعر إلا أنه ظهر فى العديد من مشاهد المسلسل مدى حب رامى لأم كلثوم .
وكشفت سميرة عبدالعزيز عما قالته زوجة رامى عن حبه لكوكب الشرق، قائلة: "التقينا أنا ومحفوظ عبد الرحمن بأسرة الشاعر أحمد رامى أكثر من مرة بعد عرض مسلسل أم كلثوم وتحدثت زوجته مع محفوظ ضاحكة وقالت: أنا عارفة أنت ماكتبتش صراحة عن حبه لأم كلثوم وإن الناس اتكلمت كتير عن حبه لها، طيب وإيه يعنى أنا كمان بحبها، وحتى لو أشاعوا إنه تزوجها ده أنا أفرح وأتشرف لما تكون ضرتى كوكب الشرق".
وأضافت عبد العزيز: توحيد ابن الشاعر أحمد رامى خلع من إيده خاتم وقال إن والده فضل لابسه لحد ما مات وإنه أخذه منه بعد موته وعليه أحرف اسم أم كلثوم باللغة الإنجليزية كانت كوكب الشرق أهدته لوالده فاحتفظ به ولم يخلعه من إصبعه حتى موته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة