يجمعنا لقاء يستمر ساعة أو يزيد قليلاً, يندلع بيننا حديث مقتضب, قد يتوقف لحظات, نلتقط خلالها الأنفاس, تختلج العيون نظرات لشاشات هواتفنا, تلك التى تومض عندما تعبث بها أصابعنا عمداً, تنكفئ رؤوسنا, كُلّ فى شغل عن جاره, تشرد العقول لهثاً وراء خبر هنا أو تعليق هناك, تتكدر النفس لرأى ناقد مرير على منشور ألقى به صديق على صفحته وهو بيننا شاخص بجسده, يموج وجه آخر بغضب شديد حينما يُحصى كمّ من إعجابات أصدقائه على صورة نشرتها حسناء جالسة أو واقفة تنظر بسعادة لكاميرا هاتفها الأثير, بينما ينزوى إبداعه جانباً يُنعى حظ صاحبه.
عداه "جورج" شيخ بجسده يقترب من السبعين, بينما يضج حيوية, يعيش على هامش الحياة الرقمية, جفوة نشبت مبكراً بينه وبينها, فوقف منها موقف المشاهد, تراه كل ليلة رافع الرأس, هو المنتصر الوحيد بكل تلك المعارك الافتراضية كل ليلة.
سألته ذات مرة مشاغباً: أراك تخاصم الحياة, فلما تأخرت عن الركب هكذا؟
ببساطة جاء ردّه سريعاً: أرغب يوماً أن أفقد إرادتى بإرادتى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة