أكرم القصاص - علا الشافعي

الذين يحترفون إفساد الفرحة.. جردوا "رامى مالك" مصريته التى عبر عن اعتزازه بها..أدخلوه فى مقارنات مع محمد صلاح رغم اختلاف حالتيهما وعاقبوه على دور "المثلى" فى الفيلم الفائز بالأوسكار

الثلاثاء، 26 فبراير 2019 08:09 م
الذين يحترفون إفساد الفرحة.. جردوا "رامى مالك" مصريته التى عبر عن اعتزازه بها..أدخلوه فى مقارنات مع محمد صلاح رغم اختلاف حالتيهما وعاقبوه على دور "المثلى" فى الفيلم الفائز بالأوسكار رامى مالك
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى عصر مواقع التواصل الاجتماعى، يصاب الجميع بحمى "الترند"، وكأن تلك الكلمات التى ينقرها الجالسون خلف الشاشات بإمكانها أن تغير حقائق ثابتة، أن تسحب جنسيات من أصحابها، وتضع كل من يختلف عن التصورات السائدة فى قالب يخصه، على طريقة المحاكمات الشعبية التى كانت تجرى فى الميادين أيام العصور الوسطى البائدة، ولكنها تلك المرة تتخذ صبغة جديدة، ترتدى ثوب التكنولوجيا والحداثة خارجيا بينما تبقى العقول الحاكمة خلف الشاشات مكانها البعيد عن التطور الحضارى وعصر العلم.

برزت تلك الحمى، منذ فوز المصرى الأمريكى رامى مالك، بجائزة الأوسكارأفضل ممثل، عن دوره في فيلم "الملحمة البوهيمية" (بوهيميان رابسودي)، حيث عبر النجم عن سعادته بتلك الجائزة بينما هو ابن لمهاجرين مصريين، وهى عبارة تجلب الفخر لأى مصرى،  فى الظروف الطبيعية وتجعل من نبأ فوز مصرى الأصل اعتز بأصوله خبرًا سعيدًا إلا أن التريند الرائج لم يكن كذلك.

لماذا عبر رامى مالك عن اعتزازه بمصريته فوق مسرح الأوسكار؟

ينتمى رامى مالك، للجيل الثانى من المهاجرين المصريين الأقباط فى الولايات المتحدة، والذين اصطلح على تسميتهم أقباط المهجر، إذ غادروا بلادهم فى الستينات والسبعينات متجهين صوب الولايات المتحدة الأمريكية، يعيشون فى مجتمعات مصرية هناك معظمها فى كاليفورنيا حيث تربى رامي،  ونيو جيرسى التي صارت عاصمة المصريين في بلاد العم سام.

المجتمعات القبطية فى الولايات المتحدة، هاجرت من مصر فيزيائيا ولكنها تعيش مصريتها كل أحد، حيث كان للبابا كيرلس السادس،  الفضل فى تأسيس كنائس مصرية بالمهجر، تصلى القداسات باللغتين العربية والإنجليزية، وامتدت حركة الكنيسة التوسعية فى الخارج فى عصر البابا شنودة الثالث، حتى وصلت الكنائس المصرية فى المهجر لـ62 دولة آخرها بوليفيا فى أمريكا اللاتينية.

تجعل المجتمعات الكنسية، المصريين مرتبطين بوطنهم الأم، تعلم اللغة العربية للأجيال الثانية والثالثة من المهاجرين الذين ولدوا هناك، تحرص على ربطهم بالكنيسة وبخصوصيتها الثقافية التي تضرب بجذورها لألفي عام فى التاريخ، ومن ثم فإن خروج الفائز من الأوسكار من بين هذا المجتمع وحرصه على التعبير عن مصريته، لم يكن أمرًا مصطنعًا بل واقع معاش وثيق الصلة بظروف تكوينه كابن لمهاجرين مصريين.

العامل الثانى هنا، أن أمريكا أرض المهاجرين تعانى من موجة تعصب يميني عارمة وصلت بالرئيس دونالد ترامب،  على رأس السلطة وهو يروج نعرات التمييز ضد المهاجرين مصحوبا بإحساس عام بالتفوق للأوروبي الأبيض على حساب الأجناس الأخرى رغم أن الأوروبى راعى البقر هو مهاجر أيضًا، ولقد أراد "مالك" من رسالته تلك الانتصار للمهاجرين أمثاله الذين يرفعون رأس أمريكا فى المحافل الدولية ضد نبرة التمييز تلك.

كذلك فإن الانتساب لمصر، ولحضارتها الفرعونية ذائعة الصيت، لا ينتقص من الفائز بالأوسكار ، إنما يؤكد على قيم المجتمع الأمريكى الكوزموبليتانية التي بدأت تتوارى خلف التيار اليميني الذى يسيطر على الولايات المتحدة وأوروبا خاصة بعد تزايد أعداد المهاجرين فى أعقاب الربيع العربى.

لماذا أدخلت السوشيال ميديا رامى مالك فى مقارنة مع محمد صلاح؟

تبدو المقارنة بين رامى مالك ومحمد صلاح، مضحكة  إذ ينتصر "من يحترفون إفساد الفرح" لفكرة أن المصري هو من عاش مصريته بمعاناته اليومية وظروف حياته الصعبة وأوضاعه الاقتصادية المرهقة، كقصة الكفاح التي صاحبت ظهور محمد صلاح،  القادم من ريف الدلتا إلى الدوريات الأوروبية، وهى مقارنة مضحكة إذ تسحب دماء رامى مالك المصرية وانتمائه الهوياتى الذى عبر عنه لمجرد إنه لم يشارك المصريين ظروفهم القاسية تلك، رغم أن رامى مالك وأسرته بالطبع قد عاشوا قصة كفاح مختلفة بداية من تعلم اللغة الانجليزية ثم العادات والتقاليد الأمريكية وحتى الاستقرار فى المجتمع الجديد وصولًا لرعاية الفنان وتعليمه وهى كلها قصص تنتصر لقيم الكفاح والعمل والانجاز دون النظر لتفاصيل الظروف المكانية أو الزمانية.

كيف عاقبت محاكم السوشيال ميديا رامى مالك على دور "المثلى" فى فيلمه الفائز؟

أما موجات الغضب الأخرى من فوز رامى، فقد كانت تأتيه دائما من معسكر الإسلاميين ، والوصف هنا ليس بالضرورة لمن ينتمون لجماعات الإسلام السياسي ولكن لكل من وضعتهم أفكارهم فى نفس الموقع مع هؤلاء، الذين لا يستطيعون حتى اليوم التفريق بين الشخصية الواقعية والشخصية الفنية، ويتعمدون إسقاط دور الفنان على حياته الشخصية.

الذين احترفوا الشعور بالدونية

بينما يروج هؤلاء لمقولة "لو رامى كان عمل الدور دا في مصر كان اتحبس"، بينما كان لخالد الصاوى ، دورا مماثلا فى الفيلم الشهير عمارة يعقوبيان ولم يعاقبه أحد، وجسد زكى فطين عبد الوهاب الدور نفسه فى فيلم واحد صحيح ، أيضًا دون أن يعاقبوا بالحبس أو بالإساءة وقد استقبل النقاد تلك الأعمال بالكثير من الحفاوة ولكنه إحساس عام بالدونية صار من أبجديات الحياة الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعى.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة