أكرم القصاص - علا الشافعي

محيى الدين جاويش يكتب: العودة إلى الماضى

الأحد، 24 فبراير 2019 02:00 م
محيى الدين جاويش يكتب: العودة إلى الماضى  صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الغالب يشعر الفرد بالأمان النفسى والراحة والاطمئنان بالعيش فى الماضى الذى يألف أحداثه وأشخاصه، بينما قد يشعر بالخوف أو التوجس من المستقبل فيحكم عليه أحكاما خاطئة نتيجة تصورات ذهنية لحوادث مؤلمة لم تقع له وإنما وقعت لغيره فيتصور أنه لا بد أن سيواجهها يوما ما، ولعل التغيرات البطيئة قديما خاصة فى المظاهر الاجتماعية أتاحت للناس معالجة المشكلات بسهولة مقارنة بحجم التغيرات المتسارعة فى هذا العصر والتى نجم عنها ظاهرة الاغتراب النفسى وصعوبة التكيف.

 

اخترع الشاعر الإنجليزى "ويستن هيو أودن" كلمة "توبوفيليا" عام 1948 لوصف شعور الناس عند العودة إلى مكان مميز من ماضيهم، أما الآن فقد اكتشف العلماء ولأول مرة هذا الشعور "النوستالجي" فى الدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسى .

 

"النوستالجيا " كمفهوم هى  الحنين إلى ماضى مثالى  أو هى حالة عاطفية نصنعها نحن فى إطارٍ معين وفى أوقات وأماكن معينة أو يمكن وصفها بأنها عملية يتم فيها استرجاع مشاعر عابرة ولحظات سعيدة من الذاكرة وطرد جميع اللحظات السلبية ودراسات نفسية تقول إن نسبة 80% من الناس يشعرون بالنوستالجيا مرة على الأقل أسبوعياً.

 

يرى الباحثون فى جامعة ولاية ميتشيجن الأمريكية، أن تحريك مشاعر المدخنين وتنشيط ذكرياتهم الشخصية يشعرهم بالترابط وقد يؤثر على مواقفهم وسلوكهم، ولجأ الباحثون إلى عرض إعلان يثير بداخل مجموعة من المدخنين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و39 عاما الحنين إلى الماضى بجانب إعلان يعتمد على رسالة تقليدية لمكافحة التدخين، وأظهرت النتائج أن المجموعة التى شاهدت الإعلان الذى يثير حنينهم للماضى أظهروا قدرة أكبر على ترك التدخين وخاصة لدى النساء.

 

لا شك أن الحنين إلى الماضى بتفاصيله شيء جميل ويمدنا بسعادة وراحة ولكن مكمن الخطورة فى إدمان استرجاع ذكريات الماضى وفى المبالغة باستخدام الحيل الدفاعية النفسية مثل النكوص (ممارسة سلوكيات لا تتناسب مع العمر) وأحلام اليقظة والإنكار (مثل: إنكار موت عزيز أو إنكار التعرض لتجربة مريرة).

 أن اعتماد الفرد على الوسائل النفسية الدفاعية للتخلص من التوتر والألم النفسى وفى البحث عن السعادة بشكل متكرر ودائم يعيق نموه، فيصبح الانسحاب من الحاضر أسلوب حياة ويصبح الفرد عاجزا عن اتخاذ القرارات الصحيحة كلما واجهته تحديات.

 

نتفق جميعاً الآن أن الذكريات جميلة والماضى مبهج ولكن الماضى لنتذكره وليس لنعيش فيه، لأنه انتهى فأنسب طريقة للتعامل مع " النوستالجيا " وجنى فوائدها وتجنب عواقبها هى أن تتذكر الماضى مع حفظ الحاضر تذكر ماضيك واصنع حاضرك ومستقبلك ولا تتوقف عن خلق ذكريات لنفسك تلجأ إليها فى المستقبل وهذا يسمى " النوستالجيا الاستباقية "، أما الخلل فسيأتى عندما تنشغل بالتفكير فى الماضى وتتوقف عن ملء خزان الذكريات الذى ستتصل به فى المستقبل لأنك دائماً ستحتاجه.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة