محمد غنيم يكتب: إليك يا مادلين.. إحياء ذكرى أدب الرسائل

الخميس، 14 فبراير 2019 11:51 ص
محمد غنيم يكتب: إليك يا مادلين.. إحياء ذكرى أدب الرسائل محمد غنيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عزيزتى مادلين.. أكتب إليك أسفل حبات المطر وأمواج البحر، رهن رياح عتية وأمطار غزيرة، عاصفة ثلجية وإن كانت "نوة" نعم أفتقد خطواتك على شاطئ الإسكندر الأكبر، أعلم أنك تحبى رذاذ المطر يداعب ابتسامتك، كضحكات الأطفال وهم يتبادلون حبات الثلج المتناثر، مثلك أنا، أحب هطول المطر، أقدس صمتك المطبق وروحك التى تسكننى بلا صوت، برد قارس وموج يتطاير، أبحث عن الدفء فى آثار خطواتك على الشاطئ، فى لمسة يديك، نعم سأخرج سيجارة أنتشى الدفء من أنفاسها فهناك دفء ظاهرى يشعر به مسام الجلد فقط، لكنك بين أوصالى متدفقة فى شرايين دمى، ما ينقصنى غير رؤياكى، أشاهدك فى دخان سيجارتى المتراقص، ينادينى صوت بعيد وعلى صدى الصوت تمتد خطواتى، لأجد مقهى متأكلة مقاعدة تضربه الأمواج فتفوح منه رائحة البحر وعبق الذكريات، أطلب قهوتى وانتظرك عند حافة الفنجان وإذا بصوت "وردة" يشدو  فيكسر حاجز الصمت ويداعب الدخان المتراقص بــ "حنين.. حنين.. حنين أنا دايبة فيك حنين".
 
كيف سافرتى يا مدلين دون أن تتركى روحى.. كيف وضعت عينيك على عينى بصمة الوداع، فشخص اليصر ولم يبقى سوا صورتك فى خيالى.. كيف لم أتشبث بك أتأبط ذراعك، كيف تركتك تغادرين دنياى وأنا مازلت أتلفظ حروفك بأنفاسى الأخيرة.
 
هل تظنى أننى شخص تافه؟ أم أن غيابك فقط هو الذى يجعلنى أبدو هكذا!
مأساتى أننى أحبك بقدر أكبر من أن أخفيه عنك وأعمق مما تتخيلين.. كيف لنا أن نهدم الجدار الفاصل.. لم يعد الصمت طوق نجاة.
 
انتظرت وأنتظر وسأنتظرك ولن أنول العطف منك مهما قسوتى من الحرمان، عزيزتى مادلين متى سترجعين.. متى تستوقفك نفسك تراجعين ذاكرتك وتسترجعين ذكرياتك، متى ستشعرين أننى أستحقك لولا القدر الأحمق والأعماق والدين، نعم لا أمتلكك أيتها المهرة العفراء، ولكن الفارس فقط هو الذى يعلم كيف يفوز بالكأس وإن كان فوق قمم الجبال الواعرة.
 
لا أحبك يا مدلين كحب الرجل للمرأة، أؤمن بحبى لك كوليد يعشق صدر أمه، وإن كنت لا أقدر على النظر بداخل قلبك، فيكفينى أستنشق رائحتك لأميز شذا جسدك من بين مسامك.
 
عندما أنتشى قرب روحك بعد يوم جميل لا أملك فيه إلا ذكريات الصبا، ورغم بعاد خطواتك التى عبرت القارات، أذهب للنوم سعيدا لأستشعر لذته وأنا أستعيد كلماتك، لذة لا تعرفينها بعد، لذة التحول من القوة للرقة أداعب خصلات شعرك فى مخيلتى، أحبك بطريقة لم تعرفينى بها من قبل، فأنا لست منهك من التفكير بقدر حضورك بداخلى، أحترف حبى لك وأحوله إلى جزء لم يتجزء من قلبى بعد،  أحبك والنافذة مفتوحة فى ليلة شتوية باردة يعزف الرعد على أوتارها ويزينها البرق بزخارفه فيها أناجى النجوم وأذكرك وأتذكرك.
 
مادلين.. السجن ليس قلاعا وحصونا، أسياج وأسوار، السجن شخص يعيش بداخلك، روح تسكنك، تحيط بكل جوانحك لا تستطيع الفرار منها، تطاردك حتى فى منامك نعم الحب عذاب، وللعذاب حيرة لكن تغلفها اللذة،  حرية وبهجة وأمل ولكنها محاصرة بالعذاب والألم، محكوم على برغبة خفية واعية لا إرادية، مربوطة بروحك أنت، وكأن حالتك المزاجية تتراقص بها،  أشعر بالقلق عليك دائما، أتحول لإنسان متشائم، نكد سوداوى المزاج، ذلك حين أشعر أنك لست على ما يرام، نعم أنا حطام ضحايا قوة مشاعرك، أحاسيسك الصلدة، أستسلم وأتوكأ كالعاجز على هذه الحقيقة وظلالها.. أعلم أن تقلباتك المزاجية لا تصيبنى إلا سلبية، لكنه ليس اختيارا فرديا، نسيج من بين ضلوعك يسكن قلبى.
 
مادلين.. أعلم أنك فى غياهب الجب غارقة، تهربين من اهتمامى أحيانا، وتقابلين إلحاحى بالصد دائما، نعم أقدس كل تقلباتك كما أعترف بأنانيتى المفرطة تجاهك، أعافر وأعترض وأُلح لكن من أعماق قلبى، أعلم جيدا أنك تذيبن ذلك كالثلج تحت الشمس المحرقة حين ألتقى عينيك الجميلتين، أنت تعلمين جيدا أننى أتعذب فى غيابك، كما تعلمين أننى لا أعى ما أريد فى وصالك، أغار عليكى، وأحترق من نظرة عابرة التقت بعيناكى ولو صدفة، ورغم ذلك كله قادرة أن تحولى براكينى إلى قلب دافئ ينبض بذكراك.
 
أحتمى فى دفء النهار من صقيع بعادك، أنصهر فى بوتقة الحياة، إلى أن يأتى الليل، تدب البرودة فى أوصالى يهرب الدم من أوردتى، أمتطى سريرى على استحياء، يؤرجحنى الأرق، أحدق فى سماء الغرفة تاره وأتأمل صورتك تارة أخرى..لم أكن أعرف قبل هذه اللحظات مقدار حبى المتدفق فى أوردتى اتجاهك.. أحبك تقديرا واحتراما لقلب ينبض بحروف اسمك كطفل لم يعرف من الدنيا غير صدر أمه.
 
أخيرا يا مدلين رغم اختلاف الديانة التى تجمعنا أعوذ بالله من شيطان فراقك.. خاشعا راكعا بين أحضانك، أتلمس إحساسك وأستنشق أنفاسك ذلك الحياة بعد الممات.
 
دعينى أمحو ما كتبت فى بعادك فالأيام دونك جرداء قاحلة حتى وإن كانت هناك أمطار فهى بكاء السماء عليكى بعد عاصفة ضربت جذور قلبى لكنها لن تقتلعه.. مادلين قصتنا لا تكتب وسأكسر القلم فى غيابك.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة