كيف تعيد واشنطن صياغة تحالفاتها فى آسيا بعد توارى أهمية حلفائها التقليديين؟.. اختيار فيتنام لعقد قمة ترامب-كيم لإعادة ترتيب الأولويات الأمريكية بالقارة الصفراء.. وأمريكا تخطط لمزاحمة الصين فى عمقها الاستراتيجى

الأربعاء، 13 فبراير 2019 10:45 ص
كيف تعيد واشنطن صياغة تحالفاتها فى آسيا بعد توارى أهمية حلفائها التقليديين؟.. اختيار فيتنام لعقد قمة ترامب-كيم لإعادة ترتيب الأولويات الأمريكية بالقارة الصفراء.. وأمريكا تخطط لمزاحمة الصين فى عمقها الاستراتيجى ترامب وكيم كونج اون
تحليل يكتبه - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لقاء جديد مرتقب بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ونظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون، فى أواخر الشهر الجارى فى فيتنام، يمثل طفرة كبيرة فى العلاقات بين البلدين، خاصة وأن القمة هى الثانية من نوعها فى غضون عدة أشهر، بعد اللقاء الأول فى سنغافورة فى شهر يونيو الماضى، إلا أن اختيار موقع اللقاء يثير العديد من علامات الاستفهام، فى ضوء تاريخ دموى جمع بين واشنطن وهانوى لسنوات فى إطار الحرب التى دامت لسنوات بين البلدين، تكبدت خلالها الولايات المتحدة الكثير من الخسائر سواء اقتصاديا أو عسكريا، بالإضافة إلى معطيات الحاضر، والتى لا ترتبط بالأزمة الكورية الشمالية، فى ظل توتر العلاقات الأمريكية الصينية على إثر الحرب التجارية بين البلدين.

ويمثل اختيار دولة كفيتنام لاستضافة القمة الأمريكية الكورية الشمالية بمثابة منحة أمريكية لعدو الماضى، حيث أنه يساهم فى تعزيز المكانة الدولية للدولة الآسيوية، والتى تسعى إلى مزاحمة الكبار فى القارة الصفراء فى المرحلة المقبلة، كما أنه ربما يكون مقدمة لخطوات أمريكية أخرى تهدف إلى دعم هانوى ربما تمهيدا لتدشين تحالف جديد فى آسيا مع انفراط عقد حلفائها التقليديين هناك، وعلى رأسهم كوريا الجنوبية واليابان، سواء بسبب خلافاتهما مع واشنطن على خلفية الإجراءات التجارية الأمريكية بصددهم، وكذلك تخوفهما من تداعيات التقارب الأمريكى الكورى الشمالى من جانب، بالإضافة إلى حالة الانقسام التى ضربت المعسكر الأمريكى فى آسيا جراء الخلافات الأخيرة بين سول وطوكيو حول العديد من الملفات.

الرهان الجديد.. واشنطن تعيد صياغة تحالفاتها لمواجهة الصين

وهنا يصبح الاعتماد الأمريكى على الحلفاء التقليديين فى آسيا بمثابة رهانا خاسرا، باعتبارهم لا يخدمون الأجندة الأمريكية فى المرحلة الراهنة، خاصة مع تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وانحسار أزمة بيونج يانج التاريخية، بينما ظهر فى الأفق خصوم جدد، وعلى رأسهم الصين، وهو الأمر الذى ربما يدفع إدارة ترامب إلى إعادة صياغة تحالفاتها فى آسيا بحيث تبدو ملائمة بشكل أكبر لصراعاتها المقبلة.

وبالتالى فأن اختيار فيتنام لتكون الحليف الجديد للولايات المتحدة فى آسيا، يمثل انعكاسا صريحا لنية واشنطن فى مزاحمة الصين فى مناطق تمثل عمقا استراتيجيا لها، وهو ما يعد بمثابة الرهان الجديد الذى تقدم عليه واشنطن فى آسيا، خاصة وأن التعاون الأمريكى الفيتنامى ربما يمتد إلى الجانب العسكرى، فى ظل رغبة أمريكية واضحة فى الانسحاب أو على الأقل تخفيف التواجد العسكرى فى كلا من كوريا الجنوبية واليابان فى إطار حزمة من المكافآت التى من المتوقع أن تمنحها واشنطن لبيونج يانج جراء التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترامب لاحتواء التهديد النووى فى شبه الجزيرة الكورية.

ليس جديدا.. فيتنام بديل عسكرى أمريكى فى آسيا

ولعل التوجه نحو فيتنام ليس بالأمر الجديد تماما، حيث كانت الخطوة الأولى فى هذا الإطار فى عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، والذى قرر فى عام 2016، إلغاء الحظر على توريد السلاح الفتاك إلى هانوى بعدما استمر لحوالى 50 عاما كاملة، منذ الحرب الأمريكية هناك، وهو القرار الذى بدا يستهدف الصين بصورة واضحة تماما، خاصة مع تفاقم قضية بحر الصين الجنوبى، كما أنه يمثل امتدادا لاستراتيجية أمريكية تهدف فى الأساس لردع الصين.

ولعل القدرات العسكرية الكبيرة التى تتمتع بها هانوى تمثل السبب المباشر وراء الرهان الأمريكى عليها فى أى مجابهة محتملة مع الصين، بالإضافة إلى التجربة العسكرية الناجحة للدولة الآسيوية فى حربها مع بكين والتى استمرت لأكثر من 10 سنوات كاملة، بدأت فى عام 1979 إثر خلافاتهما الحدودية، وهو ما يثير تكهنات حول إمكانية توجه إدارة ترامب نحو تأسيس قواعد عسكرية فى فيتنام فى إطار الجهود الأمريكية لتطوير التعاون العسكرى بين البلدين فى المرحلة المقبلة، لتصبح فيتنام البديل للوجود العسكرى الأمريكى فى آسيا، بعد تضاؤل أهمية قواعدها فى سول وطوكيو، مع اقتراب الوصول إلى حل للأزمة الكورية، وهو ما يمثل تهديدا أمريكيا مباشرا للصين فى حال قبول هانوى بمثل هذا الطرح فى المستقبل.

رسالة ضمنية.. واشنطن تحاول تحفيز بيونج يانج بالتقارب مع هانوى

وعلى الرغم من ابتعاد أزمة كوريا الشمالية عن الحسابات الأمريكية فى اختيار فيتنام لتكون الموقع الجديد للمحادثات بين ترامب وكيم جونج أون، إلا أن رمزية المكان تبقى محلا للاهتمام إلى حد كبير، فى ظل العداء التاريخى بين واشنطن وهانوى، وبالتالى فيبقى الاختيار بمثابة رسالة أمريكية ضمنية لبيونج يانج مفادها أن الخصومة يمكن أن تتحول إلى تحالف فى المستقبل، وهو الأمر الذى من شأنه تعزيز المكانة الدولية لكوريا الشمالية.

ويمثل تعزيز المكانة الدولية أحد الأهداف التى تسعى لها كوريا الشمالية فى الأشهر الماضية، حيث سعى النظام الحاكم إلى الترويج لنفسه سواء عبر الصين أو حتى كوريا الجنوبية فى المجتمع الدولى، فى إطار رغبتها فى الانفتاح على العالم، وكذلك للضغط على واشنطن لرفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها لسنوات طويلة، وبالتالى فيمثل اختيار فيتنام محاولة أمريكية جديدة لتحفيز بيونج يانج لتقديم المزيد من التنازلات فى المستقبل فيما يتعلق بالأزمة النووية










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة