أيادى سمراء، وابتسامة بيضاء، ونقوش حناء، وزغاريد وفرحة وزينة".. هذه هى مشاهد الأفراح النوبية فى جنوب مصر، والتى تُعقد قرانها على يد أول امرأة تعمل مأذون فى تاريخ محافظة أسوان، السيدة أم كلثوم يونس، مأذون قرية غرب أسوان النوبية، والتى انتصرت على غيرها من الرجال المتقدمين للترشيح لشغل هذه الوظيفة.
أول امرأة تعمل مأذون فى تاريخ أسوان
"اليوم السابع" التقى السيدة أم كلثوم محمد يونس حسنين، أول مأذون فى تاريخ محافظة أسوان، خلال عقدها لزواج شاب وفتاة من أبناء النوبة، ليرصد خلال هذا الزواج جانب من عمل المرأة الأسوانية فى مهمة واجهت بها التحديات المجتمعية المتوارثة.
أثناء إتمام إجراءات الزواج
مع دقات المساء ورفع آذان صلاة العشاء من مسجد نجع الـمُداب، فى قرية غرب أسوان، تجمع الشباب والكبار والأطفال يرتدون الجلباب الأبيض، وعقب أداء صلاة العشاء، وقف الشيخ أحمد، إمام المسجد، يخطب فى الناس، ويتحدث عن سنة الزواج فى الإسلام، وبعد ذلك طلب الشيخ من العريس، معتز كامل محمد، أن يتقدم الصفوف ليجلس بالقرب من والد العروسة ميادة سعد عبد الرازق، لإشهار زواجهما أمام الحضور فى المسجد وإعلام المقيمين فى قرية غرب أسوان عبر مكبرات الصور.
انتهى الشيخ من إشهار الزواج، وأقبلت السيدة أم كلثوم يونس، مأذون القرية، بملابس بسيطة، عبارة عن جلباب أسود، وطرحة بيضاء، وتمسك فى يديها دفتر المأذونية، ودخلت المسجد وتم تجهيز منضدة لها داخل المسجد، وجلست لتبدأ بقولها: "بسم الله وعلى بركة الله"، وتبدأ فى إجراءات عقد الزواج وملء البيانات ويتجمع الأحباب والأصدقاء حول العروسين والمأذونة، وعقب انتهاء بيانات العروسين، قربت أم كلثوم مأذون القرية العروسان منها ودعت لهما بالبركة والحياة الزوجية السعيدة مقدمة بعض النصائح للعروسين، قائلةً للعروسة: "كونى نهر النيل العذب له"، وتقول للعريس: "اجعل الرسول صل الله عليه وسلم قدوتك فى تعاملك معها".
تحدث العروسان "معتز وميادة" لـ"اليوم السابع"، عن سعادتهما بجمع شملهما فى عش الزوجية، مؤكدين أنهما سعيدان لكون امرأة من قيادات النساء فى القرية تعقد زواجهما لأنها وعلى حد وصفهم "معلمة الأجيال".
العروسة تنهى إجراءات زواجها
وتتحدث أم كلثوم عن نفسها قائلةً: "كنت أعمل موجهة أول تربية إسلامية بإدارة أسوان التعليمية، بعد حصولى على مؤهل ليسانس كلية دار علوم جامعة القاهرة، وقبل إحالتى للمعاش وحالياً عمرى 64 سنة، ثم سمعت بفتح الباب لشغل وظيفة مأذون قرية غرب أسوان وقبل هذه الفترة كانت القرية تعقد قرانها بالإحالة من خلال مأذون قرية أبو الريش بأسوان أيضاً، وتقدمت بأوراقى لشغل الوظيفة خلال عام 2015، إلا أن المسابقة لم تكتمل حينها وعاودت التقديم للوظيفة فى السنة التالية 2016، وكنت المرأة الوحيدة من بين 3 رجال متقدمين بمحكمة الأسرة بأسوان لشغل وظيفة مأذون القرية، ونلت اللقب منهم".
صحفى اليوم السابع مع المأذونة
وتستكمل مأذون القرية حديثها لـ"اليوم السابع" قائلةً: أول عقد قران عقدته فى غرب أسوان كان بتاريخ 10 أكتوبر 2017 بعد إنهاء إجراءات استلام الوظيفة الجديدة والحصول على دفاتر المأذونية، وقررت حينها التبرع بأجر عقد هذا الزفاف هدية منى للعروسين كأول عقد زواج يتم من خلالى بقرية غرب أسوان، والتى تضم نحو 23 نجع، ثم توالت بعدها الأفراح وعقدت ما يقرب من 70 كتب كتاب فى مدة نحو عامين فقط.
وبثقة فى الحديث تؤكد أم كلثوم، أن نسبة قبولها كامرأة تعمل فى هذه الوظيفة لم تصل لـ100% ولكنها لاحظت أن القبول وصل لحد مرضى وارتفع تدريجياً لنحو 90% تقريباً، لأن هناك بعض المتشددين فى الدين الذين دائماً ما يعلقون على أى شيئ – على حد وصفها – وعلقت قائلةً: "كنت دائماً فى تحدى معهم وعقدت أول زفاف بمفردى فى منزلى بإلقاء الصيغة على العريس والعروس والنصائح للعروسين، ثم جعلت الشيخ أحمد شريكى فى إلقاء الصيغة بالمساجد لرفع الحرج عن بعض الناس".
اتكتب كتابهم
وتابعت المأذونة النوبية: "أنا لا أضع يدى فى المنديل على طرفى النكاح سواء العريس أو ولى أمر العروسة، وهذا الأمر جائز لأن وضع اليد ليس مذكوراً فى السنة ضمن شروط العقد أو إتمام الزواج"، مؤكدةً أنها قررت إلغاء هدايا المأذون حتى المشروبات أو الشيكولاتة أو غيرها تعتبرها هدية من المأذونة للعروسة وضيوفها، خاصة بعد انتشار هذه العادة وإلزام أهل العروس بها واشتراط هدايا بعينها قبل إتمام الزواج سواء متعلقة بقيمة الهدية أو بثمنها.
وأوضحت أم كلثوم، بأن شباب القرية بسطاء من ذوى الدخل المحدود ومعظمهم يعملون باليومية أو سائقين أو غير ذلك، لذا فهى تقدر هذه الظروف وتراعى دخلهم المادى وبذلك يكون أجرها غير ثابت فى عقد الزواج، تيسيراً منها على العروسين، وعلقت قائلةً: "بشتغل بأقل سعر مراعاة لظروف أبنائى فى القرية"، وقالت أيضاً: "هناك بعض الحالات التى أعفيها تماماً من أجر عقد الزواج هدية منى للعروسين ومراعاة لظروفهم المادية الأقل فقراً، وأتحمل سداد مصروفات المحكمة والضرائب على نفقتى الخاصة".
العروسة مع أهلها
وتقول المأذونة أيضاً: "بتعب رايحة جاية عشان أمنع حالات الانفصال، لكن هناك أطراف تتمادى فى الإصرار على الطلاق، وبحكم عملى السابق موجهة تربية إسلامية أحرص كثيراً على تقديم النصح للأطراف المختلفة، ووفقنى الله فى إصلاح أكثر من حالة".
العروسان-والمأذونة
العروسة
العروسة توقع على وثيقة الزواج
المأذونة مع الشهود
فرحة كتب الكتاب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة