مع برودة هذا الطقس تحتاج الأسرة لوجبة دافئة تسيطر على برد الشتاء، فخطرت فى بالى وجبة تحتاج إلى مقادير متساوية لإعدادها بشكل جيد، وتحتاج لحسن العرض عند تقديمها فى طبق واحد من الحجم العائلى، حيث لا يمكن تناولها فى أطباق فردية.
ففى وعاء كبير املأوه بصدق النوايا مع مقدار بسيط من المجاملات ثم نفس المقدار من الاستماع الجيد وحسن الإنصات للآخرين، ولا تنسوا أن يحلى الطبق بالتسامح والتغافل عن كثير من التفاصيل التى تزيد المشكلات والأزمات بين الأفراد، أضيفوا طبقة كبيرة من الذكريات الطيبة، خاصة بين الإخوة التى هى من أقوى وأصدق الروابط الإنسانية .
ولنجاح هذا الطبق نحتاج إلى درجة عالية من إشعال الفكر والقلب معاً للوصول إلى مستوى النضج المناسب، الوجبة تبدو مثالية فى اختيار وقت إعدادها، حيث إجازة نصف العام وهو وقت مناسب جداً للم شمل الأسر، الوجبة تهدف إلى "الحوار الإنسانى" والسعى نحو كل ما يوثق روابط الأسرة باعتبارها لبنة أساسية لبناء مجتمع مترابط وسوى تغلب فيه الإنسانيات وصدق المشاعر والمصلحة العامة على كل سيطرات المادية وما تركت من آثار مدمرة لمجتمعنا، كالأنانية وإعلاء المصلحة الفردية وحب السيطرة.
وفى الحوار الإنسانى نفند مشكلاتنا، ونشجع طموحات البعض نساند الحزين بكلمة مبهجة.
والشىء الذى يمنح وجبة الشتاء مذاقها المميز هو الإعداد المسبق لها، وفى قوله صلى الله عليه وسلم "الشتاء ربيع المؤمن" درس كبير فى العطاء وارتواء الروح وشعور بأنه وقت ثمين لا يبعث على الكسل والاكتئاب، بل فرصة لزيادة الجرعة الإيمانية والروحية وهى بلا شك تعد تهيئة رائعة لتقبل حوارنا معاً.
والحوار تأتى ضرورته فى الوقت الذى نجد فيه دعوات كثيرة للاهتمام بالجانب الإنسانى فى التربية واعتبار الحوار نقطة انطلاق للتقارب والتفاهم بين الأشخاص، وتعظم أهميته عندما نبدأ به كوجبة أسرية، بالطبع يستطيع أن يلخص الكثير من مشكلاتنا الحياتية والتعليمية ويدعم تماسك الأسرة من جديد، حيث الأسرة نواة لمجتمع ناجح وهى البداية الحقيقية والداعم الرئيسى لتربية صحيحة وتعليم جيد لأن المنتج النهائى والهدف هو إنسان يحيا سوياً اجتماعياً وعاطفياً.
لكننا للأسف تعودنا أن نلقى باللوم والمسئولية الكاملة على مدارسنا ومعلمينا، مع أن دور الأسرة له الأسبقية والأولوية قبل المدرسة فبدونها يصبح التعليم تلقين لمعلومات يرددها الطالب ثم ينساها ولا يطبقها فى حياته اليومية.
لغة الحوار المقصود هنا لا تحتاج إلى توظيف مصطلحات أو مفردات علمية معقدة، لكن بحاجة للثبات على قيمنا الأصيلة لبناء أسر متماسكة من احترام الكبير والاستماع له والاستفادة من خبراته الحياتية، والعطف على الصغير والرحمة به والتماس الأعذار له والتواضع ومساعدة المحتاج، ثم التذكير بنعمة الوطن والغيرة عليه لأنه ظلنا وأماننا من كل خوف، وهى كلها قيم ثابتة وراسخة فى أسرتنا المصرية نخشى عليها من الذوبان فى ثقافات أخرى بفعل التكنولوجيا الحديثة وتنوع وسائل الاتصال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة