أكرم القصاص - علا الشافعي

بايزيد الثانى وشقيقه "جم".. هل قتل الخليفة العثمانى أخاه؟

الثلاثاء، 03 ديسمبر 2019 07:00 م
بايزيد الثانى وشقيقه "جم".. هل قتل الخليفة العثمانى أخاه؟ بايزيد الثانى
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من المعروف أن التاريخ العثمانى على مر العصور محمل بالمجازر والقتل وسفك الدماء صفة دائمة لأفعال السلطنة العثمانية، فمنذ الأب أرطغول وابنه عثمان، واروخان، وبايزيد وابنه سليم الأول، سلسال الدم لا يتوقف.

بايزيد الثانى هو ثامن السلاطين العثمانيين، الذى تقلد الحكم بين عامى "1481 ـ 1512"، وهو أكبر أولاد أبيه السلطان محمد الفاتح، وتولى حكم مقاطعة أماصيا في عهد أبيه.

وبايزيد خان الثانى آل إليه حكم السلطنة بعد نزاع مع شقيقه، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل قتل الخليفة العثمانى بايزيد الثانى أخاه؟ يسرد كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية، فيقول :

 

توفي السلطان أبو الفتح محمد الثاني عن ولدين أكبرهما بايزيد المولود سنة 851ﻫ (الموافقة سنة 1447م)، وكان حاكمًا بأماسية، وثانيهما جم المشهور في كتب الإفرنج باسم البرنس زيزيم Zizim وكان حاكمًا في القرمان، فأخفى الصدر الأعظم قرماني محمد باشا موت السلطان محمد حتى يأتي بكر أولاده بايزيد، ولكنه لشدَّة ارتباطه ومودَّته بالأصغر أرسل إليه سرًّا يخبره بموت أبيه كي يحضر قبل أخيه الأكبر ويستلم مقاليد الدولة. ولما أذيع هذا الخبر ثار الانكشارية على هذا الوزير وقتلوه وعثوا في المدينة سلبًا ونهبًا، وأقاموا ابن السلطان بايزيد واسمه «كركود» نائبًا عامًّا عن أبيه لحين حضوره، وذلك في يوم 5 ربيع الأوَّل سنة 886 (الموافق ٤ مايو سنة 1481).

وفي يوم 13 ربيع الأول وصل الرسول إلى بايزيد فسافر في اليوم التالي بأربعة آلاف فارس ووصل القسطنطينية بعد مسير تسعة أيام مع أن المسافة تبلغ 160 فرسخًا تقطع عادة في نحو 15 يومًا، فقابله أمراء الدولة وأعيانها عند بوغاز (مضيق) البوسفور، وفي أثناء اجتيازه البوغاز أحاطت به عدة قوارب ملأى بالانكشارية وطلبوا منه عزل أحد الوزراء المدعو مصطفى باشا وتعيين إسحاق باشا ضابط القسطنطينية مكانه فأجاب طلبهم.

 

وكذلك عند وصوله إلى السراي الملوكية وجدهم مصطفين أمامها طالبين العفو عنهم فيما وقع من قتل الوزير ونهب المدينة، وأن ينعم عليهم بمبلغ سرورًا بتعيينه، فأجابهم إلى جميع مطالبهم، وصارت هذه سنةً لكل من تولى بعده إلى أن أبطلها السلطان عبد الحميد خان الأوَل سنة 1774. أما الرسول الذي كان أرسله الوزير محمد إلى الأمير جم فقبض عليه سنان باشا حاكم الأناطول وقتله حتى لا يصل خبر موت السلطان محمد إليه.

 

وكان السلطان بايزيد الثاني ميالًا للسلم أكثر منه إلى الحرب، محبًّا للعلوم الأدبية مشتغلًا بها، ولذلك سماه بعض مؤرخي الترك بايزيد الصوفي. لكن دعته سياسة الدولة إلى ترك أشغاله السلمية المحضة والاشتغال بالحرب، وكانت أول حروبه داخلية، وذلك أن أخاه جما لما بلغه خبر موت أبيه سار على الفور مع من حاز به ولاذ به قاصدًا مدينة بورصة، فدخلها عنوة بعد أن هزم ألفي انكشاري، ثم أرسل إلى أخيه يعرض عليه الصلح بشرط تقسيم المملكة بينهما فيختص جم بولايات آسيا وبايزيد بأوروبا فلم يقبل بايزيد، بل أتى إليه وقهره بالقرب من مدينة «يكي شهر» في يوم 23 جمادى الأولى سنة 886 (الموافق 20 يوليو سنة 1481)، وتبعه حتى أوصله إلى تخوم البلاد التابعة لمصر، وفي عودته إلى عاصمته طلب منه الانكشارية أن يبيح لهم نهب مدينة بورصة مجازاة لها على قبولها الأمير جما فلم يوافقهم على ذلك، وخوفًا من حصول شغب منهم دفع إلى كل نفر منهم قرشين، فأقام جم هذه السنة بالقاهرة ضيفًا عند السلطان فيتباى، ثم عاد في السنة الثانية إلى حلب ومنها راسل قاسم بك — آخر ذرية أمراء القرمان — ووعده أنه لو أنجده وساعده للحصول على ملك آل عثمان يرد له بلاد أجداده، فاغتر قاسم بك بهذه الوعود وجمع أحزابه وسار مع الأمير جم لمحاصرة مدينة قونية عاصمة بلاد القرمان، فصدهم عنها القائد العثمانى كدك أحمد باشا فاتح مدينتي كافا وأوترنت وألزم الأمير جما بالفرار.

 

ثم حاول هذا الأمير الصلح مع أخيه بشرط إقطاعه بعض الولايات، ولما رفض السلطان هذا الطلب الذى لا يكون وراءه إلا انقسام الدولة أرسل الأمير جم رسولًا من طرفه إلى رئيس رهبنة القديس حنا الأورشليمي برودس يطلب منه مساعدته على أغراضه، فقبلوه عندهم بالجزيرة، ووصل إليها في 6 جمادى الثانية سنة 887 (الموافق 23 يوليو سنة 1482)، وقابلة أهلها بكل تجلة واحترام، وبعد قليل وصلت إلى الجزيرة وفود من السلطان بايزيد لمخابرة رئيس الرهبنة على إبقاء أخيه جم عندهم تحت الحفظ، وفي مقابلة ذلك يتعهد لهم السلطان بعدم التعرض لاستقلال الجزيرة مدّة حياته ويدفع مبلغًا سنويًّا للرهبنة المذكورة قدره 45 ألف دوكا، فقبل رئيسهم ذلك وأوفوا بوعدهم ولم يقبلوا تسليمه إلى ملك المجر أو إمبراطور ألمانيا اللذين طلبا إطلاق سراحه ليستعملاه آلة في إضعاف الدولة العثمانية، بل أرسله رئيس الرهبنة إلى فرنسا ووضع تحت الحفظ أولًا في مدينة نيس1 ثم في شمبري، وبقي ينقل من بلدة لأخرى مدة سبع سنوات. وفي سنة 1489 سلمه رئيس الرهبنة إلى البابا أنوسان الثامن وهو خابر السلطان بايزيد طالبًا أن يحفظه عنده وتدفع إليه الدولة ما كانت تدفعه إلى رهبنة رودس فقبلت، ثم مات هذا البابا وخلفه إسكندر بورجيا الشهير،٢ ويقال إن هذا البابا عرض على السلطان بايزيد أن يخلصه من أخيه، وبعبارة أخرى يقتله لو دفع إليه ثلاثمائة ألف دوكا.

وفي أثناء هذه المخابرات أغار شارل الثامن — ملك فرنسا — على بلاد إيطاليا لتنفيذ مشروعه الوهمي، وهو فتح مدينة القسطنطينية والوصول إليها عن طريق بلاد البنادقة فألبانيا، ولذلك كان أرسل دعاة الفتنة والفساد إلى بلاد مقدونيا واليونان لإثارة الأفكار ضد العثمانيين، لكن خشى ملك نابولي وجمهورية البنادقة من تعاظم شأن الدولة الفرنساوية، فوضعوا العراقيل أمامه وأرسلوا إلى السلطان بايزيد يخبرونه بمشروع ملك فرنسا ودسائسه، وطلبوا منه أن يرسل جيوشه إلى بلاد إيطاليا وأن يأخذ حذره في داخليته.

 

وفي هذه الأثناء حاصر ملك فرنسا مدينة رومة وطلب من البابا أن يسلمه الأمير جما العثماني فسلمه إليه، ويقال: إنه دس له السم قبل تسليمه إليه وما فتئ هذا الأمير مصاحبًا لجيوش فرنسا حتى توفي في يوم 18 جمادى الأولى سنة 900 (الموافق 14 فبراير سنة 1495) في مدينة نابولي، ودفن في بلدة «جاييت» بإيطاليا، ثم نقلت جثته بعد ذلك بمدة إلى البلاد العثمانية ودفن في مدينة بورصة في قبور أجداده. وتوفي عن 36 سنة قضى منها 13 في هذه الحالة الشبيهة بالأسر خارجًا عن بلاده.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة