سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 ديسمبر 1979.. مجلس الأمن القومى الأمريكى يضع خطة «الجهاد فى أفغانستان باسم الإسلام ضد الإلحاد»

الجمعة، 27 ديسمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 ديسمبر 1979.. مجلس الأمن القومى الأمريكى يضع خطة  «الجهاد فى أفغانستان باسم الإسلام ضد الإلحاد» جيمى كارتر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة السادسة والنصف صباحا فى واشنطن يوم 27 ديسمبر، مثل هذا اليوم، عام 1979، حين نزل الرئيس الأمريكى جيمى كارتر إلى مكتبه، كان مستشاره لشؤون الأمن القومى «برجنيسكى» فى انتظاره بنفاذ صبر، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «الزمن الأمريكى – من نيويورك إلى كابول»، مضيفا: «كان كارتر يعرف أن أخبارا مثيرة تنتظره، فقد أيقظه «بريجنيسكى» من النوم فى الساعة الثانية صباحا ليخطره بأن الجيش السوفيتى دخل أفغانستان».
 
دخلت القوات السوفيتية أفغانستان يوم 26 ديسمبر 1979، وهى الخطوة التى تلقفتها الإدارة الأمريكية كفرصة ذهبية لحسم الحرب الباردة لصالحها مع موسكو، كما أنها الخطوة التى فتحت الباب واسعا لنمو قوى الإرهاب إقليميا وعالميا باسم «الجهاد الإسلامى»، وإعادة قراءة ملف هذه المرحلة يساعد فى أن نضع أيدينا على الأطراف الدولية والإقليمية التى تصنع هذه القوى الإرهابية وتربيها وتوظفها، وتهدد بها كلما أرادت.
 
كان لقاء «كارتر» و«برجنيسكى» ضمن اجتماع مجلس الأمن القومى الأمريكى، ويذكر هيكل تفاصيله اعتمادا على الوثائق الأمريكية، وضمنها مذكرات كارتر، ووزير خارجيته «سايروس فانس» و«برجنيكسى»، يؤكد أن الاجتماع استقر على عدة خطوات أبرزها:
 
أن الولايات المتحدة عليها أن تشجع عناصر المقاومة فى أفغانستان على تكثيف نشاطها بما يمكنها من تعطيل الجيوش السوفيتية، ثم الانتقال من حرب التعطيل إلى حرب التوريط، أى حرب استنزاف ترغم السوفيت فى النهاية على الانسحاب عسكريا فى ظروف غير ملائمة سياسيا، وبما أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تظهر فاعلا رئيسيا فى النشاط العسكرى المعادى للسوفيت فى أفغانستان، حتى لا يؤدى ذلك إلى صدام مسلح بين القوتين، فإن عليها أن تجد قيادة بديلة لهذه الحرب الخفية، ولا بد أن تكون لهذه القيادة أهلية تعطيها نوعا من المشروعية ضد السوفيت.
 
استقرت المناقشات على أن يتم تكوين «تحالف إسلامى» واسع، وإغراء السعودية بدور قيادى على رأس هذا التحالف الذى يخوض «الجهاد دفاعا عن الدين والشرع، وأن يتم إمداد المقاومة» فى أفغانستان بسلاح سوفيتى الصنع حتى يصعب اتهام الولايات المتحدة بأنها مصدره، وذلك يعطيها فرصة أن تقول للسوفيت إذا سألوها، إن هذا سلاح سوفيتى تحصل عليه «المقاومة الإسلامية» من الاتحاد السوفيتى أو قواته فى أفغانستان «أى من عندهم».
 
كان الدور المنوط بالرئيس السادات أن يلعبه حاضرا فى تلك المناقشات، ووفقا لهيكل فإنه قيل: «إن مصر يمكن إقناعها بأن تقدم سندا قويا للسعودية فى تدخل إسلامى معاد للسوفيت فى أفغانستان، والرئيس أنور السادات متحفز فى أى وقت للعمل ضد الاتحاد السوفيتى، وهو بالفعل منهمك فى نشاطات متنوعة فى هذا الاتجاه بموجب اتفاق «نادى السافارى» الذى يضم السعودية والمغرب وإيران ومصر وفرنسا، ومع أن تجمع السافارى يركز نشاطه على أفريقيا، فإنه ليس صعبا إقناع السادات بفتح جبهة أخرى لهذا النشاط يقوم عليها عمل جهادى ضد السوفيت فى أفغانستان».
 
يؤكد هيكل، أن المناقشات طرحت «مغريات إضافية تقنع الرئيس السادات وهى»، إن الثورة الإسلامية فى إيران تشغل باله، خشية زيادة نفوذ الجماعات الإسلامية فى مصر ولو بالعدوى، وهو «أى الرئيس السادات» غاضب من الثورة الإيرانية، لأنها أنهت حكم أسرة «بهلوى»، وعزلت صديقه «محمد رضا بهلوى» شاه إيران، إن الرئيس السادات راغب إلى أقصى درجة، وإلى آخر حد فى التعاون مع الولايات المتحدة عن اعتقاد لديه من أيام إدارة نيكسون وكيسنجر بأن 99% من أدوار حل قضية الشرق الأوسط فى يد الولايات المتحدة وحدها»، وهو لم يقصر فى إعلان ما يعتقده ولا فى التصرف على أساسه».
 
انتهت مداولات مجلس الأمن القومى الأمريكى بتوجيه رئاسى يقضى بأن يتوجه «بريجنيكسى» إلى منطقة الشرق الأوسط بادئا بالقاهرة لمقابلة الرئيس السادات، والبحث معه فى تنظيم جهد إسلامى شامل يساند المقاومة الإسلامية الأفغانية فى مواجهتها لجيش الاحتلال السوفيتى، ثم يتوجه مستشار الأمن القومى بعد القاهرة إلى الرياض لمقابلة الملك خالد وولى العهد الأمير فهد، ووزير الدفاع الأمير سلطان، ويجرى معهم محادثات تضمن حشد موارد السعودية ونفوذها لقيادة «جهاد إسلامى» ضد الشيوعية فى أفغانستان، وإذا نجح بريجنيسكى فى مهمته مع الرئيس السادات فإنه يستطيع أن ينقل إلى القادة السعوديين ما يطمئنهم إلى أنهم ليسوا وحدهم فى «ساحة الجهاد»، وأخيرا يتوجه «بريجنيسكى» إلى باكستان ليقوى موقف الحكومة فيها بموارد السعودية ونفوذها، وبثقل مصر ووسائلها، وحتى تثق هذه الحكومة فى أنها سوف تكون وسط عمل إسلامى يلتف فيه من حولها، ويجمع على أرضها قوى الإسلام وإمكانياتها، وكان ذلك حلما بعيد المنال، والآن أصبح فى متناول اليد.
 
طوال الأسبوع الأول من يناير 1980 كان «برجن يسكى» فى زيارة سرية للشرق الأوسط، يوم 3 يناير كان فى القاهرة، واجتمع مع الرئيس السادات ثلاث ساعات ونصف، وفى 4 يناير كان فى جدة، ويوم 5 يناير وصل إلى «إسلام آباد»، ليرتب الأرضية للجهاد باسم «الإسلام ضد الإلحاد».     









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة