أكرم القصاص - علا الشافعي

هدية الكريسماس.. كيف تحاول الصين محاكاة النموذج الروسى فى الشرق الأوسط عبر بوابة كوريا الشمالية؟.. بكين تسعى لمجابهة التضييق الأمريكى من خلال بيونج يانج.. وتسعى لتجريد واشنطن من حلفائها فى آسيا لتقويض نفوذها

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019 04:00 م
هدية الكريسماس.. كيف تحاول الصين محاكاة النموذج الروسى فى الشرق الأوسط عبر بوابة كوريا الشمالية؟.. بكين تسعى لمجابهة التضييق الأمريكى من خلال بيونج يانج.. وتسعى لتجريد واشنطن من حلفائها فى آسيا لتقويض نفوذها كيم كونج أون ودونالد ترامب
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى يتزايد فيه التوتر بين الولايات المتحدة، وكوريا الشمالية، على إثر التهديدات التى أطلقتها الأخيرة، فى إطار ما أسماه مسئولى بيونج يانج بـ"هدية عيد الميلاد" التى تمثل أبرز تهديد من قبل الدولة النووية، لأمريكا، منذ الانفتاح غير المسبوق بين البلدين، وذلك بعد القمم الثلاثة المتتالية بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ونظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون، والذى توجها فى زيارته الأخيرة لكوريا الجنوبية بعبور الحدود، والدخول إلى الأراضى الكورية الشمالية، بصحبة كيم، فى خطوة اعتبرها قطاع كبير من المحللين بمثابة نقلة تاريخية، على اعتبار أن ترامب يعد أول رئيس أمريكى يدخل أراضى الدولة المارقة فى التاريخ.

ولعل الإصرار الأمريكى على بقاء العقوبات على بيونج يانج رغم التطور الكبير فى العلاقة بين البلدين، هو السبب الرئيسى وراء ما يمكننا تسميته بحالة التمرد لدى كوريا الشمالية على استمرار المفاوضات، خاصة وأن الحكومة الكورية استجابت فى المقابل إلى العديد من المطالب الأمريكية، وعلى رأسها تجميد أنشطتها النووية، بالإضافة إلى الإفراج عن السجناء الأمريكيين على أراضيها، بينما لم تقدم الولايات المتحدة أية حوافز من شأنها تشجيع الحوار بين البلدين أو دفعه إلى الأمام فى المرحلة الحالية، على الرغم من الوعود البراقة التى طالما قدمها ترامب لكيم، حول الفرص الاقتصادية الكبيرة التى تحظى بها بلاده، وتقديمه للنموذج الفيتنامى، باعتباره النموذج الاقتصادى الذى يمكن تطبيقة مع بيونج يانج فى المستقبل إذا ما قررت الأخيرة التحليق فى فلك الإدارة الأمريكية.

 

غياب الحافز الأمريكى.. الصين الضامن الرئيسى لكوريا الشمالية

إلا أن وعود ترامب ربما لم تعد تجدى، خاصة وأن ثمة مطالب غير معلنة من جانب إدارة ترامب، تبقى أساسا لتقديم الحوافز الأمريكية للدولة المارقة، وعلى رأسها فك الارتباط بين الصين وكوريا الشمالية، خاصة وأن بكين ربما تملك كافة أوراق الأزمة، وبالتالى يبقى لها كلمة الحسم، فيما يتعلق بإنهائها، وهو الأمر الذى لا ترغب فيه الإدارة الأمريكية فى ظل الخلافات الكبيرة بين الصين والولايات المتحدة، والتى تمتد من الخلافات التجارية، وحتى محاولات واشنطن تفجير الداخل الصينى، عبر تقديم الدعم للنزعات الانفصالية، وهو ما بدا فى القانون الأخير الذى مرره مجلس الشيوخ الأمريكى، وصادق عليه الرئيس الأمريكى، حول هونج كونج، لدعم التظاهرات العنيفة التى شهدها الإقليم فى الأشهر الماضية.

ترامب وكيم

إلا أن النفوذ الصينى يبقى الضامن الرئيسى لبيونج يانج فى المرحلة الحالية، فى ظل انعدام الثقة فى واشنطن، وهو ما يرجع ليس فقط إلى المماطلة الأمريكية فيما يتعلق برفع العقوبات، أو تطبيع العلاقات بشكل رسمى، وبالتالى انفتاح الدولة المنعزلة على العالم، وإنما أيضا بسبب موقفها من إيران، خاصة بعدما انسحبت واشنطن من الاتفاق النووى الذى عقدته طهران مع القوى الدولية الكبرى، فى يوليو 2015، برعاية إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، وبالتالى فهى تشعر بالحاجة إلى وجود ضامن قوى، يمكنه أن يكون ندا لواشنطن، وهو ما ينطبق بصورة كبيرة على اللاعب الصينى فى القضية، فى ظل نجاح بكين على تحدى الهيمنة الأمريكية، رغم محاولات التضييق التى تقوم بها واشنطن لاحنوائها فى السنوات الأخيرة.

 

مساران متوازيان.. رؤية الصين فى إدارة المعركة مع ترامب

وهنا يمكننا القول بأن التطورات فى قضية كوريا الشمالية تمثل جزءا رئيسيا من الصراع الأمريكى الصينى فى المرحلة الحالية، حيث تسعى بكين إلى استخدام ورقة بيونج يانج لمجابهة الضغوط المتزايدة التى تبذلها إدارة ترامب، خاصة وأن الرئيس الأمريكى يبقى فى حاجة إلى انتصار قوى فى المرحلة المقبلة، لمجابهة الحملات الشرسة التى يقودها خصومه فى الداخل، لتشويه صورته، قبل شهور من انطلاق الانتخابات الرئاسية، والمقررة فى نوفمبر من العام المقبل، وأخرها الحملة التى أطلقتها رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى لعزله من منصبه.

الصين تحشد حلفاء أمريكا فى آسيا
الصين تحشد حلفاء أمريكا فى آسيا

وتقوم الرؤية الصينية فى إدارة المعركة الحالية مع ترامب على مسارين متوازيين، أولهما دفع بيونج يانج لرفع لواء التمرد بصدد إدارة ترامب، وبالتالى تهديد الإنجاز الدبلوماسى الأبرز الذى طالما تباهى به الرئيس الأمريكى منذ بداية حقبته، فى ظل إدراكه رغبة قطاع كبير من المواطنين الأمريكيين، لإنهاء الأزمة التى يشعرون أنها ربما تمثل تهديدا وجوديا لهم، فى ظل التهديدات المتواترة، والتى تدور فى معظمها حول احتمالات اندلاع حرب نووية بين البلدين، ربما طفت على سطح العلاقات بقوة، مع بداية حقبة ترامب، فى إطار حرب كلامية بين الزعيمان، إلا أن سرعان ما هدأت الأمور بعد ذلك، مع انطلاق المفاوضات التى قامت برعايتها كوريا الجنوبية.

بينما يقوم المسار الآخر الذى تنتهجه الصين، على استقطاب حلفاء واشنطن الرئيسيين فى آسيا، وعلى رأسهم كوريا الجنوبية واليابان، وهو ما بدا فى الاجتماع الثلاثى الذى جمع الدول الثلاثة فى مدينة تشنغدو بجنوب غرب الصين، فى ظل رغبتهما فى الحفاظ على التطورات التى تحققت بالفعل، فيما يتعلق بالقضية النووية الكورية الشمالية، خاصة وأن عودة كوريا الشمالية إلى تجاربها النووية يمثل تهديدا صريحا لهما فى المرحلة الحالية، بالإضافة إلى كونه عودة كبيرة للوراء، بعد شهور من التطورات الإيجابية، منذ قمة سنغافورة بين ترامب وكيم فى يونيو 2018.

 

الاستئثار بالنفوذ.. كيف تحاول بكين محاكاة النموذج الروسى فى الشرق الأوسط؟

التحرك الصينى نحو استقطاب القوى الآسيوية الموالية لواشنطن، يمثل محاولة صريحة لتجريد أمريكا من حلفائها فى آسيا، فى ظل الخلافات الكبيرة بين الولايات المتحدة، من جانب، وكوريا الجنوبية واليابان من جانب أخر، على خلفية التعريفات الجمركية التى فرضتها واشنطن على الواردات القادمة من كلا منهما، بالإضافة إلى إثارة قضية تقاسم التكاليف الدفاعية، والتى من شأنها تكبيد خزانة الحلفاء، ملايين الدولارات مقابل الانتشار العسكرى الأمريكى على أراضيهما لحمايتهما.

يبدو أن الصين تسعى إلى الاستئثار بالنفوذ فى آسيا، عبر القضية الأبرز فى القارة الصفراء، فى المرحلة الراهنة، وهى القضية الكورية الشمالية، خاصة وأن الدور الصينى يبقى مدعوما من قبل الإدارة الحاكمة فى بيونج يانج من ناحية، بالإضافة إلى ما يمكننا تسميته بحالة "إلتقاء المصالح" بين بكين، وحلفاء أمريكا فى المنطقة من جانب آخر، وهو ما يمثل ما يمكننا تسميته بـ"محاكاة" النموذج الروسى فى الشرق الأوسط، والذى تمكنت من خلاله موسكو فرض نفوذها فى المنطقة عبر البوابة السورية، بمباركة النظام السورى، وكذلك حلفاء واشنطن فى المنطقة، فى ظل مصالحهم التى ارتبطت بضرورة القضاء على تنظيم داعش الإرهابى.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة