سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 ديسمبر 1956.. استشهاد جواد حسنى طالب الحقوق برصاص الفرنسيين بعد أن كتب بدمائه على جدران زنزانته: «شفيت غليلى فى أعداء البشرية»

الإثنين، 02 ديسمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 ديسمبر 1956.. استشهاد جواد حسنى طالب الحقوق برصاص الفرنسيين بعد أن كتب بدمائه على جدران زنزانته: «شفيت غليلى فى أعداء البشرية» الشهيد جواد حسنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاد الطالب «الفدائى» جواد حسنى إلى القاهرة يوم 10 نوفمبر 1956 من على خطوط القتال فى سيناء أثناء العدوان الثلاثى(بريطانيا، فرنسا، إسرائيل) ليقضى مع أسرته يومين، وخلالها إجازته سهر مع زملائه إلى الفجر وتناولوا العشاء على حساب السيدة روز اليوسف،ثم عاد إلى ميدان القتال يوم 13 نوفمبر ليواصل مهمته التى نذر نفسه لأجلها، وهى مقاومة العدوان الذى بدأت غاراته يوم 29 أكتوبر 1956 (مقال: السلام عليكم–مديحة عزت-روزاليوسف - 19 سبتمبر 2017».
 
فى يوم 16 نوفمبر خاض معركة فدائية ضد القوات الفرنسية، انتهت بأسره وتعذيبه حتى سقط شهيدا يوم 2 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1956، ليتحول إلى أيقونة جيله فى التضحية والفداء من أجل مصر، ونموذج يحتذى به، حسبما يشير الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون ووزير التعليم العالى (2013– 2015)، متذكرا حالة الضيق والقلق والحزن التى بدا عليها صديق عمره المستشار فتحى نجيب (رئيس المحكمة الدستورية 2003)حين تلقى خبر استشهاد جواد: «أذكر جيدا كيف تلقى خبر استشهاد زميلنا جواد حسنى الذى كان يعرفه جيدا، وكأنه أحس بغيرة منه لأنه استشهد فى سبيل الوطن»(مقال: ورحل قاضى القضاة فتحى نجيب، الأهرام، 21 أغسطس 2003).
 
ولد «جواد» يوم 20 إبريل 1935 بحى «جاردن سيتى» بالقاهرة..يذكر ضياء الدين حسن القاضى فى كتابه «الأطلس التاريخى لبطولات شعب بورسعيد 1956»، نقلا عن كتاب صدر عن «جواد» فى سلسلة «شباب خالد» عام 1957، أن جواد من أسرة لها تاريخها العريق فى النضال الوطنى..جده كان من أنصار أحمد عرابى.. والده «على زين العابدين حسنى» اشترك فى مظاهرات الطلبة أثناء ثورة 1919 بالإسكندرية، واعتقل حتى أفرج عنه سعد زغلول عند توليه الوزارة، وأكمل تعليمه فى إنجلترا وتزوج من إنجليزية وعاد إلى مصر عام 1930، واشترك فى جميع المفاوضات المصرية البريطانية التى انتهت بتوقيع اتفاقية الجلاء عن مصر فى أكتوبر عام 1954، ولهذا حصل على وسام الجمهورية، أما عم «جواد» فهو الضابط البحرى فؤاد حسنى، وكان من طاقم الباخرة الحربية «فاروس» التى كانت تدافع عن مياهنا الإقليمية أمام مدينة الإسكندرية فى الحرب العالمية الثانية، وارتطمت بلغم بحرى غرسه الأعداء فانفجرت، واستشهد عام 1942، ورقدت جثته فى قاع البحر.
 
كان «جواد» امتدادا لهذا الفداء الوطنى فى عائلته.. التحق بكلية الحقوق عام 1953، ثم التحق بالكتيبة العسكرية، ومع بدء العدوان الثلاثى تقدم صفوف الطلاب المتطوعين الذين وصلوا إلى أرض سيناء، وجاء ذلك فى سياق مناخ جامعى ملتهب فى تفاعله بالحشد الشعبى لمقاومة العدوان، حسبما يذكر الدكتور سيد عشماوى فى دراسته «حنحارب-مجلة الهلال– القاهرة-ديسمبر 2006»: «الدكتور عبد المنعم بدر، عميد كلية الحقوق، أغلق أبواب المدرجات، وهو يحمل على كتفه بندقية سريعة الطلقات ويرتدى «أفرول» التدريب، وتوجه ومن خلفه آلاف الطلبة إلى استاد الجامعة حيث ميدان ضرب النار، وكان الدكتور إبراهيم سلامة العميد السابق لكلية الآداب، مشغولا بكتابة المنشورات، ويشترك مع حشد كبير من أساتذة الجامعات منهم الدكتور مصطفى الحفناوى والدكتور أمين عبد الحافظ فى الإشراف على المقاومة».  
 
 فى يوم الجمعة 16 نوفمبر خرج «جواد»مع زملائه فى دورية استطلاعية فى «القنطرة» شرق جنوب مدينة بورفؤاد، وتوغلوا فى سيناء فقابلتهم دورية إسرائيلية، واشتبكوا معهم، فأطلق جواد رصاص رشاشه عليهم، وأصيب فى كتفه اليسرى، ورفض محاولات زملائه لنقله إلى المستشفى، وطلب منهم الانسحاب تحت حماية رشاشه، واستمر حتى وصل إلى القطاع الذى احتلته القوات الفرنسية على الضفة الشرقية من القنال عند الكيلو 37 جنوب بور فؤاد، واشتبك بمدفعه سريع الطلقات (600 طلقة فى الدقيقة) وقنابل يدوية، وظن الفرنسيون أنهم يواجهون قوة كبيرة، فطلبوا النجدة، فجاءت قوة إضافية بدباباتها ومصفحاتها، وظل على قتالها حتى سقط مغشيا عليه نتيجة نزف الدماء من كتفه.
 
قبضت عليه القوات الفرنسية، وفوجئت به شابا صغيرا يحتضن مدفعه والدماء تنزف منه.. حملوه إلى معسكر الأسرى فى نادى بورفؤاد الرياضى وعزلوه فى حجرة صغيرة، وعلى حائط حجرة سجنه كتب بدمائه يوميات اعتقاله وتعذيبه.. كتب عن يوم 16 نوفمبر: «أغمى عليِ قرب القنال متأثرا بجروحى التى أصابنى بها الإسرائيليون قرب العريش.. أخذنى الفرنسيون إلى بورسعيد للاستجواب ثم إلى بور فؤاد»، ووفقا لكتاب «نضال شعب مصر» تأليف محمد عبد الرحمن حسين «كتب فى يوم آخر: «فوجئت بالغرباء يقذفون أرضى بالقنابل، فنهضت لنصرته وتلبية ندائه، والحمد لله، لقد شفيت غليلى فى أعداء البشرية، وأنا الآن سجين وجرحى ينزف بالدماء، أنا هنا فى معسكر الأعداء أتحمل أقسى أنواع التعذيب، ولكن يا ترى هل سأعيش؟.. هل سأرى مصر حرة مستقلة؟.. ليس المهم أن أعيش، المهم أن تنتصر مصر ويهزم الأعداء».
 
خضع لاستجوابات وتعذيب قاسٍ لمعرفة مجموعات الفدائيين وتسليحها، لكنه رفض بإصرار، وجاء قائد القوات الفرنسية فى بورفؤاد الكولونيل «بازان» بنفسه إلى معسكر الأسرى ليستجوبه، ففوجئ بإصراره على ألا يبوح بكلمة، فأوهمه بأنه سيطلق سراحه، وأمره بالخروج من حجرة الأسرى، وأثناء سيره أطلق الفرنسيون نيران رشاشاتهم على ظهره فسقط شهيدا.
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة