فى مجتمعنا أشياء كثيرة نراها غير صحيحة وتحتاج إلى إعادة نظر منا لتصحيها وإلغائها من حياتنا نهائياً ومن أبرز هذه الأشياء عودة الحب وإيثار النفس بين أبناء المهنة الواحدة وتسخير كل الإمكانيات والمعلومات الفنية داخل كل مهنة لإعداد أجيال جديدة للمستقبل القريب فى كافة المجالات وفى جميع التخصصات والحرف.
فلو عدنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن كل الانتصارات التى تحققت فى بلانا فى أى مجال كانت من خلال أناس أنكروا ذاتهم وأخرجوا كل ما لديهم من علم وأسرار فى مجالهم لخدمة وطنهم فى المقام الأول ثم لإمداد الأجيال القادمة بكل ما يحتاجونه للاستمرار بل والتفوق على أساتذتهم وإكمال ما بدأته الأجيال السابقة.
أصبحنا الآن نرى كل من يملك معلومة فى مجاله يحبسها ويخفيها عن الآخرين بحجة أنه هو من وصل إليها أو لنكون صادقين أن من يخفى معلومة فى مجال عمله يخفيها لحاجة فى نفسه وهى أن يحتاج إليه صاحب المكان أو المؤسسة أو المصنع أو المتجر الذى يعمل به ولا يستطيع الاستغناء عنه ويظل هو المتحكم الوحيد فى تلك الجزئية وصاحب احتكار المعلومات و الأسرار الفنية لنفسه فقط وينسى أن الذى وهبه تلك الموهبة وصاحب هذا العلم هو الله وحده وبقدرته يستطيع أن يسلبه منه كما أعطاه له أول مرة.
فما هو رأى الدين فى تلك القضية الهامة :-
فإن من علم من العلم شيئاً ثم كتمه عن الناس مع حاجتهم إليه ، فقد ارتكب ذنباً عظيماً لقوله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).[البقرة:159] وهذه الآية - وإن نزلت فى اليهود فإنها عامة فى كل كاتم ، إذ العبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب.
وقد نص العلماء على أن الكتم الملعون صاحبه على نوعين :
أ - تارة يكون بمجرد إخفاء المعلوم وستره مع مسيس الحاجة إليه وتوفر الداعى إلى إظهاره.
ب - وتارة يكون بإزالته ووضع شيء آخر موضعه.
- ولقوله صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم وكتمه ، ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة ". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذى من حديث أبى هريرة وغيره، وقوله أيضاً: " بلغوا عنى ولو آية ". رواه البخارى . من حديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما ، و"بلغوا": أمر، والأمر محمول على الوجوب ما لم يرد ما يصرفه إلى الندب، ولا صارف له هنا خصوصاً فيما دعت الحاجة إليه .
فالحاصل أن من علم من دين الله شيئاً أو علم من علوم الدنيا شيئاً ، فإنه يجب عليه أن يعلمه لكل من كان ذا حاجة إليه ، سواء تعلمه فى الأصل لمجرد أن يعمل به أم لا؟.
ثم ننبه كل من تعلم علماً إلى أن بث العلم من الأعمال التى لا تنقطع بموت صاحبها ، فيظل أجره سارياً عليه ما دام هنالك من يعلمه أو يعمل به، لقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" . رواه مسلم من حديث أبى هريرة.
ويقول الله عز وجل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان فمن ظن انه حين يساعد زملائه بخبراته ويحسن إليهم قد ينقص ذلك من مكانته أو رزقه فقد أساء الظن بالله.
ومن يفعل ذلك عليه أن يراجع إيمانه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
ولنا فى موقف الإمام مالك مع الإمام الشافعى القدوة والمثل
حينما أراد رجلاً إعرابيا أن يتزوج من امرأة شديدة الجمال فأخبرته أمه ذات يوم عن فتاه شديدة الحسن، فما كان منه إلا أن تزوجها دون أن يراها وقبل أن يكشف عن وجهها قال لها.
إن لم تكونى أجمل من القمر فأنت طالق ثم كشف عن وجهها و وجدها فعلا شديدة الجمال و لكن ساورته نفسه هل هى أجمل من القمر أم لا ؟ فذهب إلى الإمام مالك و قص عليه ما حدث فقال له زوجتك طالق، فذهب الرجل مهموما فرآه الإمام الشافعى و قص عليه الرجل ما حدث فقال له زوجتك ليست طالق قال له كيف و قد أفتى لى الإمام مالك بطلاقها قال خذنى إليه فقال الإمام مالك للشافعى ما حجتك قال قول الله تعالى.
" لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم" فما كان من الإمام مالك إلا أن قال له تعالى أجلس على ردائى فقد تفوق التلميذ على أستاذه.
يتحقق لنا مما سبق أن كل من تعلم علماً أو أمتلك معلومة فى مجاله فليس له الحق فى إخفائها عمن هم فى مجاله أو ممن يتعلمون تحت يديه وأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
وإن رجعنا إلى الوراء قليلاً لتذكرنا أساتذة كبار فى مجالتهم وحرفيين فى حرفهم كانو يعطون كل مالديهم من معلومات لمن يعلموهم بكل صدق وأمانه وكان هناك القول المأثور حينها ( تعلم العلم على أصوله حتى تتذكرنى بدعوة حينما تكبر) وهذه الأجيال الصالحة أخرجت لنا عمالقة فى كافة المجالات والحرف شاركت فى بناء نهضة مصر الحديثة منذ عهد محمد على باشا وحتى مقاتلى مصر الأوفياء الذين حققوا نصر أكتوبر العظيم عام 1973 بالحب والإخاء والصدق والأمانة والثقة بأن الله هو الذى بيده كل شىء.
والدعوة الآن موجهة لنا أن تعود إلينا تلك الروح الطيبة كى نتكاتف ونتحد من أجل بناء مصر الغالية التى تحتاج إلى كل نقطة عرق فى جميع مشاريع البنية التحتية التى تقيمها الدولة فى ربوع محافظات مصر طولا وعرضا بسواعد مصريه خالصه تعطى كل مالديها من معلومات بمنتهى الحب فصرنا نرى كل يوم افتتاح مشروع جديد واكتشافات جديدة تجعل بلدنا فى مصاف الدول المتقدمة فى جميع المجالات فمن يقبل تلك الدعوة؟؟؟؟؟