استيقظ من النوم مبكرا. فتح النافذة وطالعته الحديقة , والبرتقال المعلق كالمصابيح . وفي غرفة المكتب راح يتصفح السيناريو الذي تركه ليلة البارحة , فكر انه سيقرؤه بإمعان ويتقمص الشخصية الجديدة : ( رجل تكفهر الدنيا في عينيه ولا يجد سبيلا الى الحياة غير ان يطلق الرصاص على نفسه امام النافذة وينتهي الدور ) . صحيح انه دور صغير لا يصلح لرجل امضى نصف عمره في التمثيل , لكنه على اية حال يصلح اعلانا لرجل ما زال على قيد الحياة . وهل في مقدوره الرفض , وقد غربت شمس الشهرة ، وانصرف المخرجون الى الوجوه الجديدة يبرمون معها الاتفاقيات ويشربون الأنخاب ، غادر الى المطبخ ، صنع فنجانا من القهوة ، واسترخى امام النافذة والى جانبه ، المسدس ، مسدس حقيقي محشو بالرصاص ، مهيأ لأن يلهبه بمشاعر صادقة للقيام بدور الرجل الذي يموت .
تأمله بسكون , تخيل الرصاص الذي سينفجر عما قليل .حول بصره الى الاشجار والعصافير وضباب الصباح , وعجيب من هوس التمثيل الذي ما انفك يحاصره في العمر مورم خبيث ، امسك بالمسدس وتأمله باسما ، وسخر من أسلحة التمثيل الكاذبة ، وقال كيف يثير السلاح الكاذب إحساسا صادقا ؟ .
قرأ السيناريو بتركيز .وكان على الرجل , في التمثيلية , ان يهمس بكلمات الوداع الأخيرة , ويمسك المسدس بيد راعشة ,ويطلق الرصاص , وينكفئ على حافة النافذة ليأتي سرب من الطيور المدربة ويحط على كتف الرجل الميت .
نهض مراقبا الحديقة والاشجار المثقلة , والطيور التي لم تأت بعد .