الدكتورة داليا مجدى عبد الغنى تكتب: تعلق من نوع آخر

الجمعة، 01 نوفمبر 2019 06:15 م
الدكتورة داليا مجدى عبد الغنى تكتب: تعلق من نوع آخر داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك تعلق إنسانى يقع فيه الإنسان لا إراديًا دون إدراك أو تَعَمُّد منه، وهو التعلق بمن ينصرك أو يُنْصِفُكَ أو يُؤازرك، فتجد نفسك مُتعلقًا به بشدة، ولا تجد راحتك إلا وأنت بجواره، مثل المريض الذى يتعلق بطبيبه، أو المظلوم الذى يتعلق بمُحاميه، فهذه مشاعر لا يمكن تصنيفها على أنها حب مُطْلق، ولكنها قد تكون أقوى وأعمق من الحب؛ لأنها بُنِيَتْ على أساس قوى وحقيقى، وهو تعلقك بمن أضاء النور فى عينيك، وقت أن خيمت الظُّلْمة على حياتك، وأشار بيده إلى الطريق، عندما تاهت قدماك، وتعثرت، ولملم أشلاءك، عندما تمزقت، وبِتَّ جريحًا، فهذا الشخص لا تشعر بنفسك إلا وأنت ترتمى فى أحضانه، ولا تجد أنفاسك هادئة ومُطمئنة، إلا عندما تكون بجواره.
 
فهل هذا حب، أم تُراه مُجرد مشاعر تعلق؟ أظن أن الحب إن لم يكن به قدر من التعلق، فبالقطع سيفقد معناه وجدواه، فالتعلق هو أعلى درجات الحب؛ لأنه دليل على
وجود صلة روحية قوية بين روحين لا يستطيعان أن يفترقا؛ لأن ما يربطهما أقوى من أى شيء فى الوجود.
 
والتعلق الناتج عن خلفية نقية وصادقة، هو تعلق حقيقى، ولا ينتهى بمرور الزمن، ولا يُؤثر فيه البُعد، فهل يُمكن لشخص أن ينسى من أوقفه على قدميه، عندما مالت عليه الدنيا، وهل يُمكن لشخص أن ينسى من بَثَّ الأمل فى قلبه، بعد أن دهسه اليأس، كل هذا يظل ساكنًا فى الوجدان، مهما مرت الأيام والأزمان؛ لأن المواقف النبيلة تظل محفورة فى القلوب، لا يمحيها الدهر، ولا تطغى عليها الأيام، ولا ينساها إلا أصحاب القلوب الضعيفة، أما الإنسان الأصيل، فيظل مُتذكرًا أنقى الناس الذين دخلوا حياته، وتركوا بصماتهم على جدار قلبه، ويظل قلبه مُتعلقًا بهم؛ لأن هذا النوع من التعلق هو دليل على طهارة القلب، ونقائه، وميله الدائم إلى كل ما هو حقيقى وصادق.
 
فما أجمل من أن تتعلق بالإنسانية، والنقاء، والحب، والصدق، واللحظات الجميلة، التى تظل عالقة فى ذاكرة الإنسان أبد الدهر.
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة