القارئ هيثم فتوح حسن يكتب: حوار مع أبى

الخميس، 31 أكتوبر 2019 02:00 م
القارئ هيثم فتوح حسن يكتب: حوار مع أبى شخص حزين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ أكثر من ست سنوات رحل عن عالمنا أبى ذى الثلاثة والستين عاماً، أبى إن لم يكن يعنى للعالم الكثير، إلا أنه بالنسبة لى فهو العالم.

 

فكم تمنيت لقاؤك أبى بعد كل تلك السنوات، لنتجاذب أطراف الحديث مجدداً حتى ولو لمرة واحدة، لتريح قلبى وأتبين منك بعض الحقائق.

 

أود أن أسألك، لما غادرت مسرعاً؟ لما كنت فى عجلة من أمرك؟ أما تعاهدنا أن نكمل المشوار سوياً، أعى أنه لا حياة مطلقاً، لكن كنت أتمنى أن تظل بجوارى أن يكون كتفك بكتفى مثلما كان، لفترة أطول، لكنها إرادة الله.

 

أحب أن أخبرك أبى بأنه منذ لحظة أن غادرت دنيانا مسرعاً حاولنا جاهدين أن نسير على الضرب، وأن نبقى صامدين لنواجه تلك الحياة بأفراحها وأحزانها ومصاعبها لنكمل المشوار، مثلما تعلمنا منك على مدار رحلتك معنا، وأن نتمسك بالقيم والأخلاق التى غرزتها بنا حسب تعاليم ديننا، وأن نؤدى فروض الله قبل أى شىء.

 

إلا أننى أحب أن أخبرك بأن الزمن قد تغير بدرجة كبيرة، فقد ساءت الأخلاق، وانتشرت الظواهر السلبية بالمجتمع، التى لا نرجوها ولم نتعلمها بل هى دخيلة على مجتمعنا، ولا نرضى أو نتمنى أن يكون مستقبل أبناؤنا تغزوه هذه الظواهر كالنفاق والرشوة والبلطجة..... وغيرها

فقد تفككت الأسر وضاعت الأخلاق بين الأخ وأخيه . والابن وأبيه . والصغير والكبير وأصبح عقوق الوالدين مجالاً للتفاخر بين الأولاد . هكذا تفككت الأسر وإنفرطت كإنفراط عقد المسبحة.

 

وأحب أن أخبرك أبى كوننا بالقرية التى أساسها الود والتراحم . وتعتمد على المجالس العرفية من قديم الأزل .

 

فإن هناك أناساً ارتفعت هاماتهم اعتلوا تلك المجالس . حكموا بالفضل لا بالعدل . فقد ضاع الحق من صاحبه كونه لا يملك النفوذ أو المال . واستحل الحق من لا حق له . واستباح الأخ حق أخيه.

 

كل ذلك تم تحت غطاء تلك المجالس . التى تبدل وتغير حالها عن ذى قبل.

 

ولكنى أعود وأتذكر معنى الحديث الذى رواه سيدنا أنس بن مالك عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن كل زمن يأتى علينا هو أشر من ما قبله.

 

أتمنى أبى لو تأتينى ولو لمرة واحدة . لتحدثنى عن رحمة ربك بك . كيف كانت . أن تحدثنى كيف نظر إليك نظرة رحمة فنقلك بها من تلك الحفرة الضيقة المظلمة وجمعك بأبيك وأمك وأحبتك بالفردوس الأعلى.

 

أتمنى أن تحدثنى عن عفوه وغفرانه معك وكيف نادى لملائكته يا ملائكتى إن عبدى قد جائنى وحيداً فأشهدكم بأنى قد غفرت له.

 

إننى لا أملك إلا أن أختم كلماتى تلك برحمة الله عليك أبى.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة