فروا من بلادهم هربا من جحيم العنف والحرب، وقطعوا رحلة محفوفة بالمخاطر، أقرب للموت، حالمين بالوصول إلى أماكن آمنة لهم، لكن أمانيهم المنتظرة لم تكن هى حقيقة الواقع، مأساة اللاجئين الذين يقطعون آلاف الأميال هربا من الجوع وصراعات الحرب واهمين أنهم على أبواب النعيم الأوروبى، إلا أن آمالهم لم تستقبلهم كما تمنوا بعد اجتياز رحلة الموت، ليذهبوا لموت آخر، حيث يعيشون فى مخيمات غير آمنة وغير إنسانية، تعد بمثابة الجحيم لهم، وعلى سبيل المثال، مخيم موريا فى جزيرة ليسبوس اليونانية، أكبر وأسوء مخيم للاجئين فى أوروبا، والذى يتسم الوضع فيه بالتوتر دائما، لما يشهده من عنف وأوضاع لا إنسانية، كان آخرها مصرع أم وطفلها إثر اندلاع حريق فى المخيم، ما أثار غضب المهاجرين، وأدى إلى احتجاجات واشتباكات مع قوات الشرطة التى استخدمت الغاز المسيل للدموع فى محاولة لاستعادة الهدوء المخيم.
مخيم موريا
وبدأت الاشتباكات العنيفة فى مخيم موريا للاجئين، بعد اندلاع حريق فى حاوية شحن تستخدمها السلطات اليونانية، ضمن وسائل أخرى، فى إسكان اللاجئين، وأصيب 17 شخصاً على الأقل.
وقالت وزارة الصحة اليونانية فى بيان إن جثة القتيلة المتفحمة نقلت إلى المستشفى، وأشار المسئولون إلى أنباء عن وفاة شخص آخر لكنها ما زالت غير مؤكدة كما ذكروا أن تحقيقاً يجرى لتحديد سبب الحريق.
ويقيم فى هذا المخيم حيث توجد حاويات ينام فيها المهاجرون، 13 ألف شخص، فى حين أنه طاقته الاستيعابية 3 آلاف فقط، حسبما نقلت "فرانس 24"، ومخيم موريا هو الأكبر فى اليونان، ويعيش به عدد من اللاجئين يقترب من أربعة أمثال طاقة استيعابه.
المخيم
وقال حاكم منطقة شمال بحر إيجه كوستاس موتسوريس إن "مأساة مماثلة يمكن أن تحصل فى أى وقت" فى مخيم موريا، وأضاف أن هذا المخيم عبارة عن "منشأة يسكنها 12 ألف شخص من ثقافات مختلفة".
بدوره، قال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فى اليونان بوريس شيشيركوف إن "الوضع مأسوى جداً"، معتبراً أن "الإسراع فى نقل المهاجرين إلى اليونان بات امرا ملحا للغاية".
وصرح نائب وزير حماية المواطن، ليفتيريس إيكونومو، بأن السلطات ستنقل 250 شخصا من مخيم موريا إلى البر اليونانى الرئيسى، وأفاد مسئول فى الحكومة إن الموضوع سيخضع للنقاش خلال اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على الحشود الغاضبة من تأخر وصول رجال الإطفاء لإخماد الحريق، وعاد الهدوء الاثنين، إلى أكبر مخيم للاجئين فى أوروبا، لكن مع حضور معزز للشرطة.
جانب من الاشتباكات
من جانبهم نظم مهاجرون بينهم سيدات برفقة أطفالهن الثلاثاء، مظاهرة احتجاجية فى مدينة ليسبوس اليونانية، وذلك للتنديد بظروف الحياة داخل المخيم المكتظ، وذكرت صحيفة (كاثميرنى) اليونانية - على موقعها الإلكترونى، الثلاثاء "إن النساء دعت السلطات لإبلاغهن بعدد وفيات الحريق، وضمان سلامتهن أثناء بقائهن فى المخيم بانتظار صدور طلب اللجوء، والسماح لهن بمغادرة الجزيرة".. وحملت المتظاهرات لافتات تحمل شعار "قلوب محترقة".
ومن جانبها، أغلقت وحدة شرطة مكافحة الشغب باليونان الشارع المؤدى إلى مدينة ميتيلين الرئيسية، حيث كانت النساء يعتزمن السير خلاله فى البداية.
وحمل المهاجرون ومن بينهم كبار فى السن نقالة بكفن وهم يطلقون صيحات غاضبة، وفق المتحدث باسم الشرطة اليونانية ثيودوروس خرونوبولوس.
الشرطة تطلق الغاز على المهاجرين
وفى الوقت نفسه، كان وفد من منظمة "اوكسفام فرنسا" غير الحكومية يقوم بزيارة لحقل الزيتون المزدحم بالخيم والأكواخ الموقتة المتاخم لمخيم موريا، بانتظار دخول مركز الايواء.
وأعلنت المديرة العامة لأوكسفام فرنسا سيسيل دوفلو أن "الوضع أسوأ مما تخيلت". وأضافت لوكالة فرانس برس "الظروف أسوأ مما يمكن تخيله فى بلد يعيش أوضاعاً أصعب من اليونان. نحن فى اليونان هنا، فى بلد ينتمى للاتحاد الأوروبي. أكثر من 40% من سكان المخيم هم أطفال ويكبرون فى ظل ظروف مأساوية".
وتابعت دوفلو "علينا أن نحرص على تغير الوضع. نحتاج وعيا بالمسؤولية التى نرميها على اليونان وعلى هذه الجزر. لا يمكننا أن نقبل بهذه المخيمات التى هى فى الواقع مراكز احتجاز".
تجمهر المهاجرين
ومنذ تزايد أعداد الواصلين فى الأسابيع الأخيرة إلى الجزر اليونانية فى بحر ايجه من تركيا، وصل عدد المهاجرين فى مخيم موريا الذى يتسع لـ3 آلاف شخص، إلى 13 ألف مهاجر.
وخلال اجتماع طارئ لمجلس الوزراء الاثنين، أعلنت الحكومة اليونانية عزمها إعادة 10 آلاف مهاجر إلى تركيا بحلول نهاية عام 2020، مقابل إعادتها 1800 مهاجر فقط خلال أربع سنوات ونصف السنة فى ظل الحكومة اليسارية السابقة.
ويسمح اتفاق الهجرة الذى توصلت إليه أنقرة مع الاتحاد الأوروبى فى مارس 2016 بإعادة مهاجرين إلى تركيا.
السيطرة على حريق المخيم
وكانت سلطات جزيرة ليسبوس اليونانية، قالت إنه لم يعد بإمكانها استقبال مزيد من الوافدين الجدد فى مخيم لاجئين مكتظ بأكثر من 440 % من سعته.
وصرح مسؤولان - حسبما أفادت قناة الحرة الاخبارية، بأن مخيم موريا لا سبيل لاستضافة المزيد، وأضافا أن الوافدين الجدد ينامون فى العراء أو فى خيام خارج المخيم، الذى تبلغ طاقته الاستيعابية 3000 لاجئ.
من جانبها دعت المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، السلطات اليونانية إلى نقل المهاجرين القصر بشكل عاجل إلى أماكن أكثر أمانا.
ونقلت قناة (الحرة) الإخبارية عن ممثل مفوضية اللاجئين فيليبو جراندى قوله "على الحكومة اليونانية أن تتخذ كافة التدابير العاجلة من أجل نقل هؤلاء القاصرين إلى أماكن أكثر أمانا".
ويأتى ذلك عقب قيام شاب أفغانى بطعن أفغانى آخر وأصاب 2 آخرين بجروح فى مخيم موريا اللاجئين القصر فى جزيرة ليسبوس اليونانية.
يذكر أيضا أن منظمة أطباء بلا حدود قالت إن أطفالا بسن العاشرة حاولوا الانتحار فى مخيم جزيرة ليسبوس للاجئين، حيث يشهد مستويات عنف عالية وأوضاع صحية سيئة تتمثل بوجود دورة مياه واحدة لكل 70 شخصًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة