د. داليا مجدى عبد الغني تكتب: لَمْ أعُدْ أستطيع

الجمعة، 11 أكتوبر 2019 12:00 م
د. داليا مجدى عبد الغني تكتب: لَمْ أعُدْ أستطيع د. داليا مجدى عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما أمسكت بالقلم لكى أبدأ كتابة مقالى الأسبوعى وجدت الأفكار تهرب رُويدًا رُويدًا من رأسى، وتتلاشى تدريجيًا، حتى قررت أن أترك القلم ولا أكتب هذا الأسبوع، خاصة أننى بطبيعتى لا أستطيع أن أكتب سوى ما أشعر به، ولكن فى إحدى لفتاتى، وقع نظرى على رواية موضوعة على أحد أرفف مكتبتي، بعنوان "آسفة، لم أعد أستطيع"، للكاتب الكبير "إحسان عبد القدوس"، فاسترعى انتباهى هذا العنوان، وأذكر أننى قرأت هذه القصة فى العام الماضي، وهى قصة قصيرة، من ضمن مجموعة قصصية للكاتب الراحل، ولكنه اختار عنوانها، لكى يضعه على الغلاف، وهنا أمسكت بالقلم مرة، أخرى وشرعت فى الكتابة، فهذا العنوان استفز ملكاتي، فكم من مرة شعر فيها الإنسان أنه يريد أن يصرخ بعلو صوته، ويقول "آسف، لم أعد أستطيع"، فهذه الجملة يمكن أن نقولها بصياح، أو بمنتهى الهدوء، فهى استغاثة، وأيضًا قرار، فهى تحمل مُنتهى الضعف، وقمة القوة، والسبب ببساطة، أنها تدل على قمة الألم الذى يشعر به الإنسان، ومدى قُدرته فى الوقت ذاته على اتخاذ قرار بإنهاء آلامه.

وبالقطع، كل من سيقرأ هذه الجملة، سيظن أننى سأكتب عن الألم والعذاب، ولكننى فى الحقيقة، سأكتب عن نوع آخر من الألم، وهو ألم الصراع بين الإنسان ونفسه، فأحيانًا يحتاج الإنسان أن يقول لنفسه، لم أعد أستطيع أن أكبح جماح أحلامي، أو أن أقتل مشاعري، أو أُداريها عمن أحب، أو لم أعد أستطيع أن أستسلم للأمر الواقع، أو لم أعد أستطيع أن أترك العمر يمر بلا فائدة.

وهكذا، هناك الكثير من المشاعر التى لا يمكن لأى إنسان أن يشعر بها سوى صاحبها، فهو فقط من يستطيع أن يقول لنفسه، آسف، لم أعد أستطيع، لابد أن أتخذ قرارًا وأن أصمد، والأهم أن أسعد بأيامي، وأهنأ بها قبل أن يمر قطار العمر بلا طائل.

فكل شيء يذهب، يمكن أن يعود، إلا الزمن، فهو الشيء الوحيد الذى يذهب بلا عودة، لذا يحتاج إلى قرار حاسم بلا رجعة ومضمون، أن يقف الإنسان ويقول آسف، لم أعد أستطيع أن أجعل الزمن يمر دون أن أستمتع بتحقيق أحلامي، والاستمتاع بمشاعري، ومواجهة من حولى بما فى داخلي.

وأيًا كان الشيء الذى لم نعد نستطيعه، فالمهم هو أن نعترف أننا لم نستطيع، فلو حصلنا على هذا الاعتراف من أنفسنا، فهنا فقط سوف نستطيع أن نُغير حياتنا للأفضل، ونتقدم خطوة للأمام، ربما يكون فيها بداية الراحة والأمان.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة