أكرم القصاص - علا الشافعي

قرار ترامب بإنهاء الإغلاق الحكومى مقامرة أم مغامرة؟.. الرئيس الأمريكى يحاول توسيع قاعدته الشعبية لتتجاوز قاعدته الحزبية عبر إعادة موظفى الحكومة لعملهم.. والقرار يضع الديمقراطيين فى ورطة المواجهة مع الشعب

الثلاثاء، 29 يناير 2019 02:30 ص
قرار ترامب بإنهاء الإغلاق الحكومى مقامرة أم مغامرة؟.. الرئيس الأمريكى يحاول توسيع قاعدته الشعبية لتتجاوز قاعدته الحزبية عبر إعادة موظفى الحكومة لعملهم.. والقرار يضع الديمقراطيين فى ورطة المواجهة مع الشعب
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى يحاول فيه الديمقراطيون الترويج لأول انتصار سياسى فى معركتهم مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، منذ نجاحهم فى الحصول على أغلبية مقاعد الكونجرس فى انتخابات التجديد النصفى الأخيرة، على خلفية القرار الذى اتخذه الأخير بإنهاء الإغلاق الحكومى الأطول فى التاريخ، والذى استمر لحوالى 35 يوما، إثر الخلاف حول تمويل الجدار العازل على الحدود المكسيكية، يبدو أن البيت الأبيض مازالت لديه الكثير من الأوراق التى يمكنه استخدامها لإرضاخ الأغلبية الديمقراطية فى المرحلة المقبلة.

ولعل التصريح الذى أدلى به القائم بأعمال كبير موظفى البيت الأبيض ميك مولفانى، حول استعداد ترامب لاتخاذ قرار جديد بإغلاق حكومى ثان، يعد بمثابة دليلا دامغا على إصرار البيت الأبيض المضى قدما فى الطريق الذى سبق وأن رسمه لاحتواء أزمة تدفق المهاجرين القادمين من الحدود الجنوبية، خاصة وأن رؤية الرئيس الأمريكى تقوم فى الأساس على أن الجدار المزمع بناؤه على الحدود مع المكسيك يرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومى الأمريكى، ويمثل السبيل الوحيد للقضاء على الكثير من التهديدات والجرائم التى يشهدها المجتمع الأمريكى، وعلى رأسها الإتجار بالمخدرات والإرهاب وغيرها.

 

إنهاء الإغلاق الحكومى.. مقامرة أم مغامرة؟

القرار الذى اتخذه ترامب بإنهاء الإغلاق الحكومى يثير العديد من التساؤلات حول ما إذا كان ذلك يمثل مقامرة من قبل الرئيس تراجع خلالها عن الموقف الذى تبناه منذ سنوات، حول مجابهة دخول الأجانب إلى الأراضى الأمريكية بصورة غير شرعية، والذى كان يمثل أحد أهم أركان الخطاب الذى تبناه ترامب منذ ما قبل وصوله إلى قمة الساحة السياسية فى الولايات المتحدة قبل عامين، خاصة وأن مثل هذا التوجه يمثل مخاطرة كبيرة بتقويض الدعم الذى حظى به من قبل الجمهوريين أنفسهم، أم أنه مغامرة جديدة يحاول من خلالها توسيع شعبيته لتتجاوز قاعدته الحزبية الضيقة.

ترامب وليندسى جراهام
ترامب وليندسى جراهام

 

ففى تصريح سابق لقرار ترامب، رفض السيناتور البارز ليندسى جراهام، والذى يعد أحد أبرز قيادات الحزب الجمهورى، دعوات الديمقراطيين بإنهاء الإغلاق الحكومى للبدء فى مفاوضات حول تمويل الجدار المثير للجدل، معتبرا أنه إذا ما اتخذ الرئيس مثل هذا القرار فإنه يعد بمثابة بداية النهاية لحقبته الرئاسية، خاصة وأنه سيفقد تأييد قطاع كبير من المؤمنين بأفكاره قبل معركته القادمة فى 2020، فى إشارة إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة.

 

رهان الرئيس.. إنهاء الإغلاق وسيلة ترامب للفوز بدعم المواطن

إلا أن المتابع للنهج الذى تبناه الرئيس الأمريكى منذ بداية صدامه مع الديمقراطيين حول قضية الجدار العازل، يجد أنه سعى للابتعاد عن الطرق السياسية المعتادة، والتى تقوم فى الغالب على التفاوض للوصول إلى حلول وسط مع خصومه الديمقراطيين حتى لا يظهر على الأقل بصورة الطرف الخاسر فى النهاية، بينما لجأ إلى المواطن الأمريكى، سواء عبر حديثه المتواتر عن القضية عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر" تارة، أو بالخطاب الذى وجهه إلى الأمة تارة أخرى، فى مسعى صريح للحصول على دعم المواطن فى تجاوز الكونجرس الذى يحظى بأغلبية ديمقراطية فى المرحلة الراهنة، وهو ما يتعارض بصورة كبيرة مع إرث السياسة الأمريكية التى تعتمد إلى حد كبير على تفعيل دور المؤسسات الحاكمة.

ويمثل التراجع عن قرار الإغلاق الحكومى بمثابة امتدادا للنهج نفسه الذى يقوم على الرهان على المواطن الأمريكى بهدف كسب دعمهم بعيدا عن اتجاهاتهم الحزبية فى المرحلة الراهنة، خاصة وأن إنهاء الإغلاق يمثل بصورة كبيرة انتصارا لموظفى الوكالات الحكومية المغلقة، والذين يتأثرون بصورة كبيرة بسبب وقف صرف رواتبهم، مما انعكس على حياتهم اليومية، وهو ما ساهم فى ظهور بعض المبادرات التى أعلنتها بعض السلاسل التجارية والمطاعم بتقديم المنتجات والوجبات المجانية للمواطنين مقابل إظهار هويتهم لإثبات تضررهم من قرار الإغلاق.

 

تغريدة ترامب
تغريدة ترامب

 

ففى تغريدة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى "تويتر" قال ترامب "أرجو أن يستمع الناس جيدا إلى كلماتى حول الجدار الحدودى.. القرار (بإنهاء الإغلاق الحكومى) ليس تراجعا، ولكنه اهتمام بالملايين الذين تأثروا بالإغلاق.. ولكن إذا ما لم نصل إلى اتفاق خلال 21 يوما، سيكون هناك إغلاقا قياسيا."

 

تراجع "تكتيكى".. ترامب وضع الديمقراطيين فى مواجهة الشعب

وهنا يصبح الكونجرس الأمريكى، بأغلبيته الديمقراطية فى مواجهة مع الشعب، خاصة وأن الرئيس الأمريكى ربما قطع الطريق أمام محاولات خصومه لتشويه صورته أمام المواطنين الأمريكيين المتضررين من جراء قرار الإغلاق فى الأيام الماضية، من خلال القرار الذى يعد بمثابة تراجعا "تكتيكيا"، لدحض تلك المحاولات والتى زادت وتيرتها بصورة كبيرة فى الأيام الماضية.

ترامب فى حوار مع رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى
ترامب فى حوار مع رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى

 

ولعل حديث الرئيس الأمريكى المتواتر حول أهمية بناء الجدار، ومحاولاته الدائمة للترويج إلى علاقة التدفق الكبير للمهاجرين القادمين عبر الحدود الجنوبية من جهة، وارتفاع معدلات الجريمة فى الأراضى الأمريكية من جهة أخرى، دليلا دامغا على رغبة ترامب فى فضح نهج خصومه أمام المواطن الأمريكى، وبالتالى تحميلهم المسئولية الكاملة أمامه فيما يتعلق بالتداعيات المترتبة على استمرار النهج القديم القائم على مبدأ الحدود المفتوحة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة