حمدى رزق

يضعها فى أكباد جائعة أحبُّ إلىَّ ..

الإثنين، 28 يناير 2019 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يكسر وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، حاجز الصمت، ويعلنها صريحة دون مواربة كالتى تلوكها المراجع الموالسة، يقول قطعيًا: «إطعام الجائعين وكساء العراة وإيواء المشردين ومداواة المرضى تعد أكثر ثوابًا وأعظم أجرًا من تكرار الحج والعمرة».
 
بوركت يا مولانا.. هكذا تورد الإبل، يضع الوزير النقاط فوق حروف شاهت مع شغف بات ملحوظًا بين المصريين بتكرار الحج والعمرة، فى عام «الرمادة»، المجاعة، عطل الفاروق عمر، رضى الله عنه، حد السرقة، وفى أعوام العنت الاقتصادى يستوجب على المراجع الدينية المعتمدة تبصير العامة بواجبات الطاعة فى تجليها مجتمعيًا، إطعام الجائعين وكساء العراة وإيواء المشردين ومداواة المرضى، تعد أكثر ثوابًا وأعظم أجرًا من تكرار الحج والعمرة.
 
طوعًا أتمنى على كل من اعتمر قبلاً أن يفسح طريقًا لمن يتوق لزيارة قبر الحبيب، صلى الله عليه وسلم، الطلب اللحوح على تكرار العمرة يرفع أسعار العمرة إلى ما لا يطيقه المشتاق، تنحوا جانبًا هذا العام أثابكم الله.
 
معلوم الحج مرة كل خمس سنوات لإتاحة الفريضة لمن استطاع إليه سبيلا، وتسير الأمور سيرًا حسنًا، ولم يعترض الفقهاء، بل أقروا الدولة فى مسعاها الطيب، خاصة أن ما يتاح من تأشيرات من قبل السعودية لا يلبى جل رغبات المصريين، كما أن كلفة الحج على اقتصاد يترجى الله فى حق النشوق تثقله تمامًا وتسحب من الأرصدة بالعملة الأجنبية، ما يؤثر على تدبير الحاجيات الأساسية للمصريين من غذاء وكساء ودواء.
 
إذا كان الحج، الذى هو فرض، مرهونًا بالاستطاعة تم تنظيمه، فلِمَ لا تطبق قاعدة الخمس سنوات أيضًا على العمرة؟ من تحلى بالمواءمة الشجاعة بين الحج والحاجة المجتمعية، لِمَ يتأخر عن تطبيق القاعدة الفقهية على العمرة، سيما أن العمرة صارت عند البعض متكررة، لدرجة أن من بين المترفين من يؤديها أكثر من مرة فى العام الواحد، ما يرفع الأسعار لزيادة الطلب على البرامج التى تتفنن فى تقديمها شركات السياحة وبأغلى الأسعار؟
لن أتحدث عن كلفة العمرة على الاقتصاد الذى يتعافى بشق الأنفس، ولكن حكم الاستطاعة الذى هو أصل فريضة الحج هو الفيصل والحكم الدينى، وكيف يجتهد العلماء الثقات فى مد حبل الاستطاعة، مَن استطاع إليه سبيلا إلى المجتمع، لم يقولوا بتعطيل الفريضة، ولكن إلى حين استطاعة، ما بالك وقد تم تنظيم الحج وهو فرض بقاعدة الاستطاعة، فلماذا لا يجتهد العلماء فى دار الإفتاء المصرية فى تقدير حكم الاستطاعة المجتمعية دينيًا، ويتم تنظيم العمرة على قاعدة الخمس سنوات قانونيًا؟
 
أعلم أن مقترحا مثل هذا لا يروق للكثيرين باعتبار أنها شأن بين العبد وربه، وطالما استطعت لمَ لا ألبى النداء؟ وقد يتطرف البعض حكمًا بأنها من تهويمات من لا يتوفر لهم علم بالشرع وأحكامه وقواعده، وإذا حكمت فيهم الشرع قالوا هذا ما يزعمه العلمانيون، وما نقص مال من عمرة، عجبًا يرضخون لقاعدة الخمس سنوات فى الفرض، ولكنهم فى العمرة يتمسكون بقاعدة التكرار، التى صارت عبئًا سنويًا على الاقتصاد المنهك تمامًا.
 
معلوم حيثما تكون المصلحة فثم شرع الله، والمصلحة تقتضى تنظيم العمرة، والشرع فى جانب المصلحة، صحيح هذا يضر بشركات السياحة الدينية وصوتهم عالٍ وحجتهم دينية، ولكنها تكلف الاقتصاد أموالًا طائلة، وتجور على مقاصد مجتمعية ملحة.
 
الأمراض تحاصرنا، والفقر والحاجة يذلان أعناق الرجال، وارتفاع معدلات «العنوسة» فى المجتمع لعدم توفر نفقات الزواج، وهناك آلاف «الغارمات»، ولن أحدثكم عمن يبيتون وليس فى بيوتهم طعام، ينامون على الجوى، وهناك من يلتحفون بالسماء فى شتاء لا يرحم لأنه لا يوجد لديهم مكنة أربعة جدران يسترون بها لحمهم من كلاب السكك.
 
أعفوهم تربحوا ثواب العمرة وزيادة، وقال الحسن البصرى، رحمه الله، فى حج النافلة: «يقول أحدهم: أحج أحج.. قد حججت، صِلْ رحمًا، نَفِّسْ عن مغموم، أحسنْ إلى جار» رواه الإمام أحمد فى «الزهد».. وقال الإمام أحمد رحمه الله: «يضعها فى أكباد جائعة أحبُّ إلىَّ، يعنى من حج النافلة».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة